Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 110-113)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يخبر تعالى عن كرمه وجوده أن كل من تاب إليه ، تاب عليه من أي ذنب كان ، فقال تعالى { وَمَن يَعْمَلْ سُوۤءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ ٱللَّهَ يَجِدِ ٱللَّهَ غَفُوراً رَّحِيماً } قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس أنه قال في هذه الآية أخبر الله عباده بعفوه وحلمه وكرمه ، وسعة رحمته ، ومغفرته ، فمن أذنب ذنباً صغيراً كان أو كبيراً { ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ ٱللَّهَ يَجِدِ ٱللَّهَ غَفُوراً رَّحِيماً } ولو كانت ذنوبه أعظم من السموات والأرض والجبال ، رواه ابن جرير ، وقال ابن جرير أيضاً حدثنا محمد بن مثنى ، حدثنا محمد بن أبي عدي ، حدثنا شعبة عن عاصم عن أبي وائل ، قال قال عبد الله كان بنو إسرائيل إذا أصاب أحدهم ذنباً ، أصبح قد كتب كفارة ذلك الذنب على بابه ، وإذا أصاب البول منه شيئاً ، قرضه بالمقراض ، فقال رجل لقد آتى الله بني إسرائيل خيراً ، فقال عبد الله رضي الله عنه ما آتاكم الله خير مما آتاهم ، جعل الماء لكم طهوراً ، وقال تعالى { وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَـٰحِشَةً أَوْ ظَلَمُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ ٱللَّهَ فَٱسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ } آل عمران 135 ، وقال { وَمَن يَعْمَلْ سُوۤءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ ٱللَّهَ يَجِدِ ٱللَّهَ غَفُوراً رَّحِيماً } ، وقال أيضاً حدثني يعقوب ، حدثنا هشيم عن ابن عون ، عن حبيب بن أبي ثابت ، قال جاءت امرأة إلى عبد الله بن مغفل ، فسألته عن امرأة فجرت فحبلت ، فلما ولدت ، قتلت ولدها ، قال عبد الله بن مغفل لها النار ، فانصرفت وهي تبكي ، فدعاها ثم قال ما أرى أمرك إلا أحد أمرين { وَمَن يَعْمَلْ سُوۤءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ ٱللَّهَ يَجِدِ ٱللَّهَ غَفُوراً رَّحِيماً } قال فمسحت عينها ، ثم مضت . وقال الإمام أحمد حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا شعبة عن عثمان بن المغيرة ، قال سمعت علي بن ربيعة من بني أسد يحدث عن أسماء ، أو ابن أسماء من بني فزارة ، قال قال علي رضي الله عنه كنت إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً ، نفعني الله بما شاء أن ينفعني منه . وحدثني أبو بكر وصدق أبو بكر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما من مسلم يذنب ذنباً ، ثم يتوضأ ، ثم يصلي ركعتين ، ثم يستغفر الله لذلك الذنب ، إلا غفر له " وقرأ هاتين الآيتين { وَمَن يَعْمَلْ سُوۤءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ } الآية ، { وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَـٰحِشَةً أَوْ ظَلَمُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ } آل عمران 135 ، الآية . وقد تكلمنا على هذا الحديث ، وعزيناه إلى من رواه من أصحاب السنن ، وذكرنا ما في سنده من مقال في مسند أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، وقد تقدم بعض ذلك في سورة آل عمران أيضاً . وقد رواه ابن مردويه في تفسيره من وجه آخر عن علي ، فقال حدثنا أحمد بن محمد ابن زياد ، حدثنا إبراهيم بن إسحاق الحراني ، حدثنا دواد بن مهران الدباغ ، حدثنا عمر بن يزيد عن أبي إسحاق ، عن عبد خير ، عن علي ، قال سمعت أبا بكر هو الصديق يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " ما من عبد أذنب ، فقام فتوضأ فأحسن الوضوء ، ثم قام فصلى ، واستغفر من ذنبه ، إلا كان حقاً على الله أن يغفر له " لأن الله يقول { وَمَن يَعْمَلْ سُوۤءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ } الآية ، ثم رواه من طريق أبان بن أبي عياش ، عن أبي إسحاق السبيعي ، عن الحارث ، عن علي ، عن الصديق ، بنحوه ، وهذا إسناد لا يصح . وقال ابن مردويه حدثنا محمد بن علي بن دحيم ، حدثنا أحمد بن حازم ، حدثنا موسى بن مروان الرقي ، حدثنا مبشر بن إسماعيل الحلبي عن تمام بن نجيح ، حدثني كعب بن ذهل الأزدي قال سمعت أبا الدرداء يحدث قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلسنا حوله ، وكانت له حاجة فقام إليها ، وأراد الرجوع ، ترك نعليه في مجلسه ، أو بعض ما عليه ، وأنه قام فترك نعليه ، قال أبو الدرداء فأخذ ركوة من ماء ، فاتبعته ، فمضى ساعة ثم رجع ، ولم يقض حاجته ، فقال " إنه أتاني آت من ربي فقال إنه { وَمَن يَعْمَلْ سُوۤءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ ٱللَّهَ يَجِدِ ٱللَّهَ غَفُوراً رَّحِيماً } فأردت أن أبشر أصحابي " . قال أبو الدرداء وكانت قد شقت على الناس الآية التي قبلها { مَن يَعْمَلْ سُوۤءًا يُجْزَ بِهِ } النساء 123 فقلت يا رسول الله ، وإن زنى وإن سرق ، ثم استغفر ربه غفر له ؟ قال " نعم " ثم قلت الثانية ، قال " نعم " قلت الثالثة ، قال " نعم ، وإن زنى وإن سرق ، ثم استغفر الله ، غفر الله له على رغم أنف أبي الدرداء " قال فرأيت أبا الدرداء يضرب أنف نفسه بأصبعه ، هذا حديث غريب جداً من هذا الوجه بهذا السياق ، وفي إسناده ضعف . وقوله { وَمَن يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَىٰ نَفْسِهِ } الآية ، كقوله تعالى { وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ } فاطر 18 الآية ، يعني أنه لا يغني أحد عن أحد ، وإنما على كل نفس ما عملت ، لا يحمل عنها غيرها ، ولهذا قال تعالى { وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً } أي من علمه وحكمته ، وعدله ورحمته كان ذلك ، ثم قال { وَمَن يَكْسِبْ خَطِيۤئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً } الآية ، يعني كما اتهم بنو أبيرق بصنيعهم القبيح ذلك الرجل الصالح ، وهو لبيد بن سهل كما تقدم في الحديث ، أو زيد بن السمين اليهودي على ما قاله الآخرون ، وقد كان بريئاً ، وهم الظلمة الخونة ، كما أطلع الله على ذلك رسوله صلى الله عليه وسلم ، ثم هذا التقريع وهذا التوبيخ عام فيهم وفي غيرهم ممن اتصف بصفتهم ، فارتكب مثل خطيئتهم ، فعليه مثل عقوبتهم . وقوله { وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَّآئِفَةٌ مِّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَىْءٍ } وقال الإمام ابن أبي حاتم أنبأنا هاشم بن القاسم الحراني فيما كتب إلي ، حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق ، عن عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري ، عن أبيه ، عن جده قتادة ابن النعمان ، وذكر قصة بني أبيرق ، فأنزل الله { لَهَمَّتْ طَّآئِفَةٌ مِّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَىْءٍ } يعني أسير بن عمرو وأصحابه ، يعني بذلك لما أثنوا على بني أبيرق ، ولاموا قتادة بن النعمان في كونه اتهمهم ، وهم صلحاء برآء ، ولم يكن الأمر كما أنهوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولهذا أنزل الله فصل القضية وجلاءها لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم امتن عليه بتأييده إياه في جميع الأحوال ، وعصمته له ، وما أنزل عليه من الكتاب ، وهو القرآن ، والحكمة ، وهي السنة { وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ } أي قبل نزول ذلك عليك ، كقوله { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِى مَا ٱلْكِتَـٰبُ } الشورى 52 إلى آخر السورة ، وقال تعالى { وَمَا كُنتَ تَرْجُوۤ أَن يُلْقَىٰ إِلَيْكَ ٱلْكِتَـٰبُ إِلاَّ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ } القصص 86 ولهذا قال { وَكَانَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً } .