Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 40, Ayat: 23-27)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى مسلياً لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم في تكذيب من كذبه من قومه ، ومبشراً له بأن العاقبة والنصرة له في الدنيا والآخرة كما جرى لموسى بن عمران عليه السلام فإن الله تعالى أرسله بالآيات البينات ، والدلائل الواضحات ، ولهذا قال تعالى { بِـآيَـٰتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } والسلطان هو الحجة والبرهان { إِلَىٰ فِرْعَوْنَ } وهو ملك القبط بالديار المصرية { وَهَـٰمَـٰنَ } وهو وزيره في مملكته { وَقَـٰرُونَ } وكان أكثر الناس في زمانه مالاً وتجارة ، { فَقَالُواْ سَـٰحِرٌ كَـذَّابٌ } أي كذبوه وجعلوه ساحراً مجنوناً مموهاً كذاباً في أن الله أرسله ، وهذه كقوله تعالى { كَذَلِكَ مَآ أَتَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ قَالُواْ سَـٰحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ أَتَوَاصَوْاْ بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَـٰغُونَ } الذاريات 52 ــــ 53 { فَلَمَّا جَآءَهُمْ بِٱلْحَقِّ مِنْ عِندِنَا } أي بالبرهان القاطع الدال على أن الله عز وجل أرسله إليهم ، { قَالُواْ ٱقْتُلُوۤاْ أَبْنَآءَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُ وَٱسْتَحْيُواْ نِسَآءَهُمْ } وهذا أمر ثان من فرعون بقتل ذكور بني إسرائيل . أما الأول ، فكان لأجل الاحتراز من وجود موسى ، أو لإذلال هذا الشعب ، وتقليل عددهم ، أو لمجموع الأمرين ، وأما الأمر الثاني ، فللعلة الثانية ، ولإهانة هذا الشعب ، ولكي يتشاءموا بموسى عليه السلام ، ولهذا قالوا { قَالُوۤاْ أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِيَنَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِى ٱلأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ } الأعراف 129 قال قتادة هذا أمر بعد أمر ، قال الله عز وجل { وَمَا كَـيْدُ ٱلْكَـٰفِرِينَ إِلاَّ فِى ضَلَـٰلٍ } أي وما مكرهم وقصدهم الذي هو تقليل عدد بني إسرائيل لئلا ينصروا عليهم ، إلا ذاهب وهالك في ضلال ، { وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِىۤ أَقْتُلْ مُوسَىٰ وَلْيَدْعُ رَبَّهُ } وهذا عزم من فرعون لعنه الله تعالى إلى قتل موسى عليه الصلاة والسلام ، أي قال لقومه دعوني حتى أقتل لكم هذا ، { وَلْيَدْعُ رَبَّهُ } أي لا أبالي به ، وهذا في غاية الجحد والتهجم والعناد ، وقوله قبحه الله { إِنِّىۤ أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُـمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِى ٱلأَرْضِ ٱلْفَسَادَ } يعني موسى ، يخشى فرعون أن يضل موسى الناس ، ويغير رسومهم وعاداتهم ، وهذا كما يقال في المثل صار فرعون مذكراً ، يعني واعظاً يشفق على الناس من موسى عليه السلام . وقرأ الأكثرون أن يبدل دينكم وأن يظهر في الأرض الفساد وقرأ الآخرون { أَن يُبَدِّلَ دِينَكُـمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِى ٱلأَرْضِ ٱلْفَسَادَ } وقرأ بعضهم { يظهر في الأرض الفساد } بالضم { وَقَالَ مُوسَىٰ إِنِّى عُذْتُ بِرَبِّى وَرَبِّكُـمْ مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لاَّ يُؤْمِنُ بِيَوْمِ ٱلْحِسَابِ } أي لما بلغه قول فرعون { ذَرُونِىۤ أَقْتُلْ مُوسَىٰ } قال موسى عليه السلام استجرت بالله ، وعذت به من شره وشر أمثاله ، ولهذا قال { إِنِّى عُذْتُ بِرَبِّى وَرَبِّكُـمْ } أيها المخاطبون { مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ } أي عن الحق ، مجرم { لاَّ يُؤْمِنُ بِيَوْمِ ٱلْحِسَابِ } ولهذا جاء في الحديث عن أبي موسى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان إذا خاف قوماً قال " اللهم إنا نعوذ بك من شرورهم ، وندرأ بك في نحورهم " .