Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 40, Ayat: 82-85)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يخبر تعالى عن الأمم المكذبة بالرسل في قديم الدهر ، وماذا حل بهم من العذاب الشديد ، مع شدة قواهم وما أثروه في الأرض ، وجمعوه من الأموال ، فما أغنى عنهم ذلك شيئاً ، ولا رد عنهم ذرة من بأس الله ، وذلك لأنهم لما جاءتهم الرسل بالبينات ، والحجج القاطعات ، والبراهين الدامغات ، لم يلتفتوا إليهم ، ولا أقبلوا عليهم ، واستغنوا بما عندهم من العلم في زعمهم عما جاءتهم به الرسل . قال مجاهد قالوا نحن أعلم منهم ، لن نبعث ولن نعذب . وقال السدي فرحوا بما عندهم من العلم بجهالتهم ، فأتاهم من بأس الله تعالى ما لا قبل لهم به { وَحَاقَ بِهِم } أي أحاط بهم { مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ } أي يكذبون ويستبعدون وقوعه { فَلَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا } أي عاينوا وقوع العذاب بهم ، { قَالُوۤاْ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَحْدَهُ وَكَـفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ } أي وحدوا الله عز وجل ، وكفروا بالطاغوت ، ولكن حيث لا تقال العثرات ، ولا تنفع المعذرة ، وهذا كما قال فرعون حين أدركه الغرق { ءَامَنتُ أَنَّهُ لاۤ إِلِـٰهَ إِلاَّ ٱلَّذِى ءَامَنَتْ بِهِ بَنوۤاْ إِسْرَٰءِيلَ وَأَنَاْ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } يونس 90 قال الله تبارك وتعالى { الآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ ٱلْمُفْسِدِينَ } يونس 91 ؟ أي فلم يقبل الله منه لأنه قد استجاب لنبيه موسى عليه الصلاة والسلام دعاءه حين قال { وَٱشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ } يونس 88 وهكذا قال تعالى ههنا { فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَـٰنُهُمْ لَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا سُنَّةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِى قَدْ خَلَتْ فِى عِبَادِهِ } أي هذا حكم الله في جميع من تاب عند معاينة العذاب أنه لا يقبل ، ولهذا جاء في الحديث " إن الله تعالى يقبل توبة العبد مالم يغرغر " أي فإذا غرغر ، وبلغت الروح الحنجرة ، وعاين الملك ، فلا توبة حينئذ ، ولهذا قال تعالى { وَخَسِرَ هُنَالِكَ ٱلْكَـٰفِرُونَ } آخر سورة غافر ، ولله الحمد والمنة .