Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 45, Ayat: 12-15)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يذكر تعالى نعمه على عبيده فيما سخر لهم من البحر { لِتَجْرِىَ ٱلْفُلْكُ } وهي السفن فيه بأمره تعالى فإنه هو الذي أمر البحر بحملها ، { وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ } أي في المتاجر والمكاسب ، { وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } أي على حصول المنافع المجلوبة إليكم من الأقاليم النائية والآفاق القاصية ، ثم قال عز وجل { وَسَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَمَا فِى ٱلأَرْضِ } أي من الكواكب والجبال ، والبحار والأنهار ، وجميع ما تنتفعون به ، أي الجميع من فضله وإحسانه وامتنانه ، ولهذا قال { جَمِيعاً مِّنْهُ } أي من عنده وحده لا شريك له في ذلك كما قال تبارك وتعالى { وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ ٱللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ ٱلضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْـئَرُونَ } النحل 53 وروى ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تبارك تعالى { وَسَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَمَا فِى ٱلأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ } كل شيء هو من الله . وذلك الاسم فيه اسم من أسمائه ، فذلك جميعاً منه ولا ينازعه فيه المنازعون ، واستيقن أنه كذلك . وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي ، حدثنا محمد بن خلف العسقلاني ، حدثنا الفريابي عن سفيان عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن أبي أراكة قال سأل رجل عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال مم خلق الخلق ؟ قال من النور والنار ، والظلمة والثرى . قال وائت ابن عباس رضي الله عنهما فاسأله ، فأتاه ، فقال له مثل ذلك ، فقال ارجع إليه فسله مِمَّ خلق ذلك كله ؟ فرجع إليه فسأله ، فتلا { وَسَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَمَا فِى ٱلأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ } هذا أثر غريب ، وفيه نكارة { إِنَّ فِى ذٰلِكَ لآيَـٰتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } . وقوله تعالى { قُل لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ يَغْفِرُواْ لِلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ أَيَّامَ ٱللَّهِ } أي ليصفحوا عنهم ، ويتحملوا الأذى منهم ، وكان هذا في ابتداء الإسلام ، أمروا أن يصبروا على أذى المشركين وأهل الكتاب ليكون ذلك كالتأليف لهم ، ثم لما أصروا على العناد ، شرع الله للمؤمنين الجلاد والجهاد . هكذا روي عن ابن عباس رضي الله عنهما وقتادة ، وقال مجاهد { لاَ يَرْجُونَ أَيَّامَ ٱللَّهِ } لا ينالون نعم الله تعالى ، وقوله تبارك وتعالى { لِيَجْزِىَ قَوْماً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } أي إذا صفحوا عنهم في الدنيا ، فإن الله عز وجل مجازيهم بأعمالهم السيئة في الآخرة ، ولهذا قال تعالى { مَنْ عَمِلَ صَـٰلِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ } أي تعودون إليه يوم القيامة ، فتعرضون بأعمالكم عليه ، فيجزيكم بأعمالكم خيرها وشرها ، والله سبحانه وتعالى أعلم .