Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 45, Ayat: 21-23)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى لا يستوي المؤمنون والكافرون كما قال عز وجل { لاَ يَسْتَوِىۤ أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ وَأَصْحَـٰبُ ٱلْجَنَّةِ أَصْحَـٰبُ ٱلْجَنَّةِ هُمُ ٱلْفَآئِزُونَ } الحشر 20 وقال تبارك وتعالى هاهنا { أَمْ حَسِبَ ٱلَّذِينَ ٱجْتَرَحُواْ ٱلسَّيِّئَـٰتِ } أي عملوها وكسبوها { أَن نَّجْعَلَهُمْ كَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ سَوَآءً مَّحْيَـٰهُمْ وَمَمَـٰتُهُمْ } أي نساويهم بهم في الدنيا والآخرة { سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ } أي ساء ما ظنوا بنا وبعدلنا أن نساوي بين الأبرار والفجار ، في الدار الآخرة وفي هذه الدار . قال الحافظ أبو يعلى حدثنا مؤمل بن إهاب ، حدثنا بكير بن عثمان التنوخي ، حدثنا الوضين بن عطاء عن يزيد بن مرثد الباجي عن أبي ذر رضي الله عنه قال إن الله تعالى بنى دينه على أربعة أركان ، فمن صبر عليهن ، ولم يعمل بهن ، لقي الله من الفاسقين ، قيل وما هن يا أبا ذر ؟ قال يسلم حلال الله لله ، وحرام الله لله ، وأمر الله لله ، ونهي الله لله ، لا يؤتمن عليهن إلا الله . قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم " كما أنه لا يجتنى من الشوك العنب ، كذلك لا ينال الفجار منازل الأبرار " هذا حديث غريب من هذا الوجه ، وقد ذكر محمد بن إسحاق في كتاب السيرة أنهم وجدوا حجراً بمكة في أس الكعبة مكتوب عليه تعملون السيئات ، وترجون الحسنات ، أجل كما يجنى من الشوك العنب . وروى الطبراني من حديث شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي الضحى عن مسروق أن تميماً الداري قام ليلة حتى أصبح يردد هذه الآية { أَمْ حَسِبَ ٱلَّذِينَ ٱجْتَرَحُواْ ٱلسَّيِّئَـٰتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ } ؟ ولهذا قال تعالى { سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ } وقال عز وجل { وَخَلَقَ ٱللَّهُ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ } أي بالعدل { وَلِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } . ثم قال جل وعلا { أَفَرَأَيْتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ } ؟ أي إنما يأتمر بهواه ، فمهما رآه حسناً فعله ، ومهما رآه قبيحاً تركه ، وهذا قد يستدل به على المعتزلة في قولهم بالتحسين والتقبيح العقليين ، وعن مالك فيما روي عنه من التفسير لا يهوى شيئاً إلا عبده ، وقوله { وَأَضَلَّهُ ٱللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ } يحتمل قولين أحدهما وأضله الله لعلمه أنه يستحق ذلك ، والآخر وأضله الله بعد بلوغ العلم إليه وقيام الحجة عليه . والثاني يستلزم الأول ، ولا ينعكس { وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَـٰوَةً } أي فلا يسمع ما ينفعه ، ولا يعي شيئاً يهتدي به ، ولا يرى حجة يستضيء بها . ولهذا قال تعالى { فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ ٱللَّهِ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } ؟ كقوله تعالى { مَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَلاَ هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِى طُغْيَـٰنِهِمْ يَعْمَهُونَ } .