Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 46, Ayat: 10-14)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى { قُلْ } يا محمد لهؤلاء المشركين الكافرين بالقرآن { أَرَءَيْتُمْ إِن كَانَ } هذا القرآن { مِنْ عِندِ ٱللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ } أي ما ظنكم أن الله صانع بكم إِن كان هذا الكتاب الذي جئتكم به قد أنزله علي لأبلغكموه ، وقد كفرتم به وكذبتموه { وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِيۤ إِسْرَٰءِيلَ عَلَىٰ مِثْلِهِ } أي وقد شهدت بصدقه وصحته الكتب المتقدمة المنزلة على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام قبلي ، بشرت به وأخبرت بمثل ما أخبر هذا القرآن به . وقوله عز وجل { فَـآمَنَ } أي هذا الذي شهد بصدقه من بني إِسرائيل لمعرفته بحقيقته { وَٱسْتَكْبَرْتُمْ } أنتم عن اتباعه ، وقال مسروق فآمن هذا الشاهد بنبيه وكتابه وكفرتم أنتم بنبيكم وكتابكم { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ } وهذا الشاهد اسم جنس يعم عبد الله بن سلام رضي الله عنه وغيره ، فإِن هذه الآية مكية نزلت قبل إِسلام عبد الله بن سلام رضي الله عنه ، وهذا كقوله تبارك وتعالى { وَإِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ قَالُوۤاْ ءَامَنَّا بِهِ إِنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّنَآ إنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ } القصص 53 وقال { إِنَّ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَآ إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً } الإسراء107 - 108 قال مسروق والشعبي ليس بعبد الله بن سلام ، هذه الآية مكية ، وإِسلام عبد الله بن سلام رضي الله عنه كان بالمدينة . رواه عنهما ابن جرير وابن أبي حاتم ، واختاره ابن جرير . وقال مالك عن أبي النضر عن عامر بن سعد عن أبيه قال ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأحد يمشي على وجه الأرض إِنه من أهل الجنة ، إِلا لعبد الله بن سلام رضي الله عنه ، قال وفيه نزلت { وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِيۤ إِسْرَٰءِيلَ عَلَىٰ مِثْلِهِ } رواه البخاري ومسلم والنسائي من حديث مالك به ، وكذا قال ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد والضحاك وقتادة وعكرمة ويوسف بن عبد الله بن سلام وهلال بن يساف والسدي والثوري ومالك بن أنس ، وابن زيد أنهم كلهم قالوا إِنه عبد الله بن سلام . وقوله تعالى { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَوْ كَانَ خَيْراً مَّا سَبَقُونَآ إِلَيْهِ } أي قالوا عن المؤمنين بالقرآن لو كان القرآن خيراً ، ما سبقنا هؤلاء إِليه ، يعنون بلالاً وعماراً وصهيباً وخباباً رضي الله عنهم ، وأشباههم وأضرابهم من المستضعفين والعبيد والإماء ، وما ذاك إلا لأنهم عند أنفسهم يعتقدون أن لهم عند الله وجاهة ، وله بهم عناية . وقد غلطوا في ذلك غلطاً فاحشاً ، وأخطأوا خطأ بيناً كما قال تبارك وتعالى { وَكَذٰلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِّيَقُولوۤاْ أَهَـٰؤُلاۤءِ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَآ } الأنعام 53 أي يتعجبون كيف اهتدى هؤلاء دوننا ، ولهذا قالوا { لَوْ كَانَ خَيْراً مَّا سَبَقُونَآ إِلَيْهِ } وأما أهل السنة والجماعة ، فيقولون في كل فعل وقول لم يثبت عن الصحابة رضي الله عنهم هو بدعة لأنه لو كان خيراً لسبقونا إِليه ، لأنهم لم يتركوا خصلة من خصال الخير إِلا وقد بادروا إِليها . وقوله تعالى { وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُواْ بِهِ } أي بالقرآن { فَسَيَقُولُونَ هَـٰذَآ إِفْكٌ قَدِيمٌ } أي كذب قديم ، أي مأثور عن الناس الأقدمين ، فينتقصون القرآن وأهله ، وهذا هو الكبر الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " بطر الحق وغمط الناس " ثم قال تعالى { وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ } وهو التوراة { إِمَاماً وَرَحْمَةً وَهَـٰذَا كِتَـٰبٌ } يعني القرآن { مُصَدِّقٌ } أي لما قبله من الكتب { لِّسَاناً عَرَبِيّاً } أي فصيحاً بيناً واضحاً { لِّيُنذِرَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَبُشْرَىٰ لِلْمُحْسِنِينَ } أي مشتمل على النذارة للكافرين ، والبشارة للمؤمنين . قوله تعالى { إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَامُواْ } تقدم تفسيرها في سورة حم السجدة ، وقوله تعالى { فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ } أي فيما يستقبلون { وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } على ما خلفهم { أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَـٰبُ ٱلْجَنَّةِ خَـٰلِدِينَ فِيهَا جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } أي الأعمال سبب لنيل الرحمة لهم وسبوغها عليهم ، والله أعلم .