Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 46, Ayat: 1-6)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يخبر تعالى أنه أنزل الكتاب على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم صلوات الله عليه دائماً إِلى يوم الدين ، ووصف نفسه بالعزة التي لا ترام ، والحكمة في الأقوال والأفعال ، ثم قال تعالى { مَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ } أي لا على وجه العبث والباطل { وَأَجَلٍ مُّسَمًى } أي وإِلى مدة معينة مضروبة لا تزيد ولا تنقص ، وقوله تعالى { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَمَّآ أُنذِرُواْ مُعْرِضُونَ } أي لاهون عما يراد بهم ، وقد أنزل الله تعالى إِليهم كتاباً ، وأرسل إِليهم رسولاً ، وهم معرضون عن ذلك كله ، أي وسيعلمون غب ذلك . ثم قال تعالى { قُلْ } أي لهؤلاء المشركين العابدين مع الله غيره { أَرَأَيْتُمْ مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ ٱلأَرْضِ } أي أرشدوني إلى المكان الذي استقلوا بخلقه من الأرض { أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي ٱلسَّمَـٰوَٰتِ } أي ولا شرك لهم في السموات ولا في الأرض ، وما يملكون من قطمير ، إن الملك والتصرف كله إلا لله عز وجل ، فكيف تعبدون معه غيره وتشركون به ؟ من أرشدكم إلى هذا ؟ من دعاكم إليه ؟ أهو أمركم به ؟ أم هو شيء اقترحتموه من عند أنفسكم ؟ ولهذا قال { ٱئْتُونِي بِكِتَـٰبٍ مِّن قَبْلِ هَـٰذَآ } أي هاتوا كتاباً من كتب الله المنزلة على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، يأمركم بعبادة هذه الأصنام ، { أَو أَثَـٰرَةٍ مِّن عِلمٍ } أي دليل بينٍ على هذا المسلك الذي سلكتموه { إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ } أي لا دليل لكم لا نقلياً ولا عقلياً على ذلك ، ولهذا قرأ آخرون أو أثرة من علم أي أو علم صحيح تؤثرونه عن أحد ممن قبلكم كما قال مجاهد في قوله تعالى { أَوْ أَثَـٰرَةٍ مِّنْ عِلْمٍ } أو أحد يأثر علماً ، وقال العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما أو بينة من الأمر . وقال الإمام أحمد حدثنا يحيى عن سفيان عن صفوان بن سليم ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال سفيان لا أعلم إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أثرة من علم قال الخط . وقال أبو بكر بن عياش أو بقية من علم . وقال الحسن البصري أو أثارة من شيء يستخرجه فيثيره . وقال ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وأبو بكر بن عياش أيضاً أو أثارة من علم يعني الخط . وقال قتادة أو أثارة من علم خاصة من علم وكل هذه الأقوال متقاربة ، وهي راجعة إلى ما قلناه وهو اختيار ابن جرير رحمه الله وأكرمه وأحسن مثواه . وقوله تبارك وتعالى { وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَن لاَّ يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَـٰمَةِ وَهُمْ عَن دُعَآئِهِمْ غَـٰفِلُونَ } أي لا أضل ممن يدعو من دون الله أصناماً ، ويطلب ما لا تستطيعه إلى يوم القيامة ، وهي غافلة عما يقول ، لا تسمع ولا تبصر ولا تبطش لأنها جماد حجارة صم ، وقوله تبارك وتعالى { وَإِذَا حُشِرَ ٱلنَّاسُ كَانُواْ لَهُمْ أَعْدَآءً وَكَانُواْ بِعِبَادَتِهِمْ كَـٰفِرِينَ } كقوله عز وجل { وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ ءَالِهَةً لِّيَكُونُواْ لَهُمْ عِزّاً كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَـٰدَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً } مريم 81 ــــ 82 أي سيخونونهم أحوج ما يكونون إليهم . وقال الخليل عليه الصلاة والسلام { إِنَّمَا ٱتَّخَذْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ أَوْثَـٰناً مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَمَأْوَاكُمُ ٱلنَّارُ وَمَا لَكُمْ مِّن نَّـٰصِرِينَ } العنكبوت 25 .