Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 46, Ayat: 33-35)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى { أَوَلَمْ يَرَوْاْ } أي هؤلاء المنكرون للبعث يوم القيامة المستبعدون لقيام الأجساد يوم المعاد { ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ } أي ولم يكرثه خلقهن ، بل قال لها كوني ، فكانت بلا ممانعة ولا مخالفة ، بل طائعة مجيبة خائفة وجلة ، أفليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى ؟ كما قال عز وجل في الآية الأخرى { لَخَلْقُ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ أَكْـبَرُ مِنْ خَلْقِ ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْـثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } غافر 57 ولهذا قال تعالى { بَلَىٰ إِنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } . ثم قال جل جلاله متهدداً ومتوعداً لمن كفر به { وَيَوْمَ يُعْرَضُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَلَىٰ ٱلنَّارِ أَلَيْسَ هَـٰذَا بِٱلْحَقِّ } أي يقال لهم أما هذا حق ؟ أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون ؟ { قَالُواْ بَلَىٰ وَرَبِّنَا } أي لا يسعهم إلا الاعتراف { قَالَ فَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ } ثم قال تبارك وتعالى آمراً رسوله صلى الله عليه وسلم بالصبر على تكذيب من كذبه من قومه { فَٱصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُواْ ٱلْعَزْمِ مِنَ ٱلرُّسُلِ } أي على تكذيب قومهم لهم . وقد اختلفوا في تعداد أولي العزم على أقوال وأشهرها أنهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى وخاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم ، قد نص الله تعالى على أسمائهم من بين الأنبياء في آيتين من سورتي الأحزاب والشورى ، وقد يحتمل أن يكون المراد بأولي العزم جميع الرسل ، فتكون { مِّنَ } في قوله من الرسل لبيان الجنس ، والله أعلم . وقد قال ابن أبي حاتم حدثنا محمد بن الحجاج الحضرمي ، حدثنا السري بن حيان ، حدثنا عباد بن عباد ، حدثنا مجالد بن سعيد عن الشعبي عن مسروق قال قالت لي عائشة رضي الله عنها ظل رسول الله صلى الله عليه وسلم صائماً ثم طواه ، ثم ظل صائماً ثم طواه ، ثم ظل صائماً ثم قال " يا عائشة إن الدنيا لا تنبغي لمحمد ، ولا لآل محمد ، يا عائشة إن الله تعالى لم يرض من أولي العزم من الرسل إلا بالصبر على مكروهها والصبر عن محبوبها ، ثم لم يرض مني إلا أن يكلفني ما كلفهم ، فقال { فَٱصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُواْ ٱلْعَزْمِ مِنَ ٱلرُّسُلِ } وإني والله لأصبرن كما صبروا جهدي ، ولا قوة إلا بالله " { وَلاَ تَسْتَعْجِل لَّهُمْ } أي لا تستعجل لهم حلول العقوبة بهم كقوله تبارك وتعالى { وَذَرْنِى وَٱلْمُكَذِّبِينَ أُوْلِى ٱلنَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً } المزمل 11 وكقوله تعالى { فَمَهِّلِ ٱلْكَـٰفِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً } الطارق 17 { كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوۤاْ إِلاَّ سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ } كقوله جل وعلا { كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوۤاْ إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَـٰهَا } النازعات 46 وكقوله عز وجل { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَن لَّمْ يَلْبَثُوۤاْ إِلاَّ سَاعَةً مِّنَ ٱلنَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ } يونس 45 الآية . وقوله جل وعلا { بَلَـٰغٌ } . قال ابن جرير يحتمل معنيين أحدهما أن يكون تقديره وذلك لبثّ بلاغ ، والآخر أن يكون تقديره هذا القرآن بلاغ . وقوله تعالى { فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْفَـٰسِقُونَ } أي لا يهلك على الله إلا هالك ، وهذا من عدله عز وجل أنه لا يعذب إلا من يستحق العذاب ، والله أعلم . آخر تفسير سورة الأحقاف ، ولله الحمد والمنّة ، وبه التوفيق والعصمة .