Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 103-104)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قال البخاري حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا إبراهيم بن سعد عن صالح بن كيسان ، عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب ، قال البحيرة التي يمنع درها للطواغيت ، فلا يحلبها أحد من الناس ، والسائبة كانوا يسيبونها لآلهتهم ، لا يحمل عليها شيء . قال وقال أبو هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " رأيت عمرو بن عامر الخزاعي يجر قصبه في النار ، كان أول من سيب السوائب " والوصيلة الناقة البكر تبكر في أول نتاج إبل ، بل تثني بعد بأنثى ، وكانوا يسيبونها لطواغيتهم إن وصلت إحداهما بالأخرى ليس بينها ذكر ، والحام فحل الإبل يضرب الضراب المعدود ، فإذا قضى ضرابه ، ودعوه للطواغيت ، وأعفوه عن الحمل ، فلم يحمل عليه شيء ، وسموه الحامي ، وكذا رواه مسلم والنسائي من حديث إبراهيم بن سعد به ، ثم قال البخاري قال لي أبو اليمان ، أخبرنا شعيب عن الزهري ، قال سمعت سعيداً يخبر بهذا . قال وقال أبو هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه . ورواه ابن الهاد عن ابن شهاب ، عن سعيد ، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال الحاكم أراد البخاري أن يزيد بن عبد الله بن الهاد رواه عن عبد الوهاب بن بخت ، عن الزهري ، كذا حكاه شيخنا أبو الحجاج المزي في الأطراف ، وسكت ولم ينبه عليه ، وفيما قاله الحاكم نظر ، فإن الإمام أحمد وأبا جعفر بن جرير روياه من حديث الليث بن سعد ، عن ابن الهاد ، عن الزهري نفسه ، والله أعلم . ثم قال البخاري حدثنا محمد بن أبي يعقوب أبو عبد الله الكرماني ، حدثنا حسان بن إبراهيم ، حدثنا يونس عن الزهري ، عن عروة أن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " رأيت جهنم يحطم بعضها بعضاً ، ورأيت عَمْراً يجر قصبه ، وهو أول من سيب السوائب " تفرد به البخاري . وقال ابن جرير حدثنا هناد ، حدثنا يونس بن بكير ، حدثنا محمد بن إسحاق ، حدثنا محمد بن إبراهيم بن الحارث عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول لأكثم بن الجون " يا أكثم ، رأيت عمرو بن لحي بن قمعة بن خندف يجر قصبه في النار ، فما رأيت رجلاً أشبه برجل منك به ، ولا به منك " فقال أكثم تخشى أن يضرني شبهه يا رسول الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا ، إنك مؤمن ، وهو كافر ، إنه أول من غير دين إبراهيم ، وبحر البحيرة ، وسيب السائبة ، وحمى الحامي " ، ثم رواه عن هناد ، عن عبدة ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بنحوه أو مثله ، ليس هذان الطريقان في الكتب . وقال الإمام أحمد حدثنا عمرو بن مجمع ، حدثنا إبراهيم الهجري عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إن أول من سيب السوائب ، وعبد الأصنام ، أبو خزاعة عمرو بن عامر ، وإني رأيته يجر أمعاءه في النار " ، تفرد به أحمد من هذا الوجه . وقال عبد الرزاق أنبأنا معمر عن زيد بن أسلم ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إني لأعرف أول من سيب السوائب ، وأول من غير دين إبراهيم عليه السلام " قالوا من هو يا رسول الله ؟ قال " عمرو بن لحي أخو بني كعب ، لقد رأيته يجر قصبه في النار ، تؤذي رائحته أهل النار ، وإني لأعرف أول من بحر البحائر " قالوا ومن هو يا رسول الله ؟ قال " رجل من بني مدلج ، كانت له ناقتان ، فجدَع آذانهما ، وحرم ألبانهما ، ثم شرب ألبانهما بعد ذلك ، فلقد رأيته في النار ، وهما يعضانه بأفواههما ، ويطآنه بأخفافهما " فعمرو هذا هو ابن لحي بن قمعة ، أحد رؤساء خزاعة الذين ولوا البيت بعد جرهم ، وكان أول من غير دين إبراهيم الخليل ، فأدخل الأصنام إلى الحجاز ، ودعا الرعاع من الناس إلى عبادتها والتقرب بها ، وشرع لهم هذه الشرائع الجاهلية في الأنعام وغيرها ، كما ذكره الله تعالى في سورة الأنعام عند قوله تعالى { وَجَعَلُواْ لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ ٱلْحَرْثِ وَٱلأَنْعَامِ نَصِيباً } الأنعام 136 إلى آخر الآيات في ذلك . فأما البحيرة ، فقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما هي الناقة إذا نتجت خمسة أبطن ، نظروا إلى الخامس ، فإن كان ذكراً ، ذبحوه ، فأكله الرجال دون النساء ، وإن كان أنثى ، جدعوا آذانها ، فقالوا هذه بحيرة . وذكر السدي وغيره قريباً من هذا ، وأما السائبة ، فقال مجاهد هي من الغنم نحو ما فسر من البحيرة ، إلا أنها ما ولدت من ولد كان بينها وبينه ستة أولاد ، كانت على هيئتها ، فإذا ولدت السابع ذكراً أو ذكرين ذبحوه ، فأكله رجالهم دون نسائهم . وقال محمد بن إسحاق السائبة هي الناقة إذا ولدت عشر إناث من الولد ، ليس بينهن ذكر ، سيبت ، فلم تركب ، ولم يجز وبرها ، ولم يحلب لبنها إلا لضيف . وقال أبو روق السائبة كان الرجل إذا خرج ، فقضيت حاجته ، سيب من ماله ناقة ، أو غيرها ، فجعلها للطواغيت ، فما ولدت من شيء كان لها . وقال السدي كان الرجل منهم إذا قضيت حاجته ، أو عوفي من مرض ، أو كثر ماله ، سيب شيئاً من ماله للأوثان ، فمن عرض له من الناس ، عوقب بعقوبة في الدنيا . وأما الوصيلة ، فقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس هي الشاة إذا نتجت سبعة أبطن ، نظروا إلى السابع ، فإن كان ذكراً أو أنثى ، وهو ميت ، اشترك فيه الرجال دون النساء ، وإن كان أنثى استحيوها ، وإن كان ذكراً وأنثى في بطن واحد ، استحيوهما ، وقالوا وصلته أخته ، فحرمته علينا ، رواه ابن أبي حاتم . وقال عبد الرزاق أنبأنا معمر عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب { وَلاَ وَصِيلَةٍ } ، قال فالوصيلة من الإبل كانت الناقة تبتكر بالأنثى ، ثم ثنت بأنثى ، فسموها الوصيلة ، ويقولون وصلت أنثيين ليس بينهما ذكر ، فكانوا يجدعونها لطواغيتهم ، وكذا روي عن الإمام مالك بن أنس رحمه الله تعالى . وقال محمد بن إسحاق الوصيلة من الغنم إذا ولدت عشر إناث في خمسة أبطن ، توأمين توأمين في كل بطن ، سميت الوصيلة ، وتركت ، فما ولدت بعد ذلك من ذكر أو أنثى ، جعلت للذكور دون الإناث ، وإن كانت ميتة ، اشتركوا فيها . وأما الحامي فقال العوفي عن ابن عباس ، قال كان الرجل إذا لقح فحله عشراً ، قيل حام فاتركوه ، وكذا قال أبو روق وقتادة . وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس وأما الحام ، فالفحل من الإبل إذا ولد لولده ، قالوا حمى هذا ظهره ، فلا يحملون عليه شيئاً ولا يجزون له وبراً ، ولا يمنعونه من حمى رعي ، ومن حوض يشرب منه ، وإن كان الحوض لغير صاحبه . وقال ابن وهب سمعت مالكاً يقول أما الحام ، فمن الإبل ، كان يضرب في الإبل ، فإذا انقضى ضرابه ، جعلوا عليه ريش الطواويس ، وسيبوه ، وقد قيل غير ذلك في تفسير هذه الآية . وقد ورد في ذلك حديث رواه ابن أبي حاتم من طريق أبي إسحاق السبيعي ، عن أبي الأحوص الجشمي ، عن أبيه مالك بن نضلة ، قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في خلقان من الثياب ، فقال لي " هل لك من مال ؟ " فقلت نعم . قال " من أي المال ؟ " قال فقلت من كل المال من الإبل ، والغنم ، والخيل ، والرقيق ، قال " فإذا آتاك الله مالاً فَلْيُرَ عليك " ، ثم قال " تنتج إبلك وافية آذانها ؟ " قال قلت نعم ، وهل تنتج الإبل إلا كذلك ؟ قال " فلعلك تأخذ الموسى فتقطع آذان طائفة منها ، وتقول هذه بحيرة ، تشق آذان طائفة منها ، وتقول هذه حرم " قلت نعم . قال " فلا تفعل ، إن كل ما آتاك الله لك حل " ، ثم قال { مَا جَعَلَ ٱللَّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَآئِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ } . أما البحيرة ، فهي التي يجدعون آذانها ، فلا تنتفع امرأته ولابناته ولا أحد من أهل بيته بصوفها ولا أوبارها ولا أشعارها ولا ألبانها ، فإذا ماتت ، اشتركوا فيها . وأما السائبة ، فهي التي يسيبون لآلهتهم ويذهبون إلى آلهتهم فيسيبونها ، وأما الوصيلة ، فالشاة تلد ستة أبطن ، فإذا ولدت السابع جدعت ، وقطع قرنها ، فيقولون قد وصلت ، فلا يذبحونها ، ولا تضرب ، ولا تمنع مهما وردت على حوض ، هكذا يذكر تفسير ذلك مدرجاً في الحديث . وقد روي من وجه آخر عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص عوف بن مالك ، من قوله ، وهو أشبه ، وقد روى هذا الحديث الإمام أحمد عن سفيان بن عيينة ، عن أبي الزعراء عمرو بن عمرو ، عن عمه أبي الأحوص عوف بن مالك بن نضلة ، عن أبيه به ، وليس فيه تفسير هذه ، والله أعلم . وقوله تعالى { وَلَـٰكِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَفْتَرُونَ عَلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ } ، أي ما شرع الله هذه الأشياء ، ولا هي عنده قربة ، ولكن المشركين افتروا ذلك ، وجعلوه شرعاً لهم ، وقربة يتقربون بها إليه ، وليس ذلك بحاصل لهم ، بل هو وبال عليهم . { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَىٰ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَإِلَى ٱلرَّسُولِ قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ ءَابَاءَنَآ } أي إذا دعوا إلى دين الله وشرعه وما أوجبه ، وترك ما حرمه ، قالوا يكفينا ما وجدنا عليه الآباء والأجداد من الطرائق والمسالك . قال الله تعالى { أَوَلَوْ كَانَ ءَابَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئاً } أي لا يفهمون حقاً ، ولا يعرفونه ، ولا يهتدون إليه ، فكيف يتبعونهم والحالة هذه ؟ لا يتبعهم إلا من هو أجهل منهم وأضل سبيلاً .