Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 50, Ayat: 1-5)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قۤ } حرف من حروف الهجاء المذكورة في أوائل السور كقوله تعالى { صۤ } و { نۤ } و { الۤمۤ } و { حمۤ } و { طسۤ } ونحو ذلك ، قاله مجاهد وغيره ، وقد أسلفنا الكلام عليها في أول سورة البقرة بما أغنى عن إعادته ، وقد روي عن بعض السلف أنهم قالوا قۤ جبل محيط بجميع الأرض ، يقال له جبل قاف ، وكأن هذا ، والله أعلم ، من خرافات بني إسرائيل التي أخذها عنهم بعض الناس لما رأى من جواز الرواية عنهم مما لا يصدق ولا يكذب ، وعندي أن هذا وأمثاله وأشباهه من اختلاق بعض زنادقتهم ، يلبسون به على الناس أمر دينهم ، كما افْتُرِيَ في هذه الأمة مع جلالة قدر علمائها وحفاظها وأئمتها أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وما بالعهد من قدم ، فكيف بأمة بني إسرائيل ، مع طول المدى وقلة الحفاظ النقاد فيهم ، وشربهم الخمور ، وتحريف علمائهم الكلم عن مواضعه ، وتبديل كتب الله وآياته ، وإنما أباح الشارع الرواية عنهم في قوله " وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج " فيما قد يجوزه العقل ، فأما فيما تحيله العقول ، ويحكم فيه بالبطلان ، ويغلب على الظنون كذبه ، فليس من هذا القبيل ، والله أعلم . وقد أكثر كثير من السلف من المفسرين ، وكذا طائفة كثيرة من الخلف من الحكاية عن كتب أهل الكتاب في تفسير القرآن المجيد ، وليس بهم احتياج إلى أخبارهم ، ولله الحمد والمنة ، حتى أن الإمام أبا محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي ، رحمة الله عليه ، أورد ههنا أثراً غريباً لا يصح سنده عن ابن عباس رضي الله عنهما ، فقال حدثنا أبي قال حدثت عن محمد بن إسماعيل المخزومي ، حدثنا ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال خلق الله تبارك وتعالى من وراء هذه الأرض بحراً محيطاً بها ، ثم خلق من وراء ذلك البحر جبلاً يقال له قاف ، سماء الدنيا مرفوعة عليه ، ثم خلق الله تعالى من وراء ذلك الجبل أرضاً مثل تلك الأرض سبع مرات ، ثم خلق من وراء ذلك بحراً محيطاً بها ، ثم خلق من وراء ذلك جبلاً يقال له قاف ، السماء الثانية مرفوعة عليه ، حتى عد سبع أرضين وسبعة أبحر وسبعة أجبل وسبع سموات ، قال وذلك في قوله تعالى { وَٱلْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ } لقمان 27 فإسناده هذا الأثر فيه انقطاع ، والذي رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله عز وجل { قۤ } هو اسم من أسماء الله عز وجل . والذي ثبت عن مجاهد أنه حرف من حروف الهجاء كقوله تعالى { صۤ } { نۤ } { حمۤ } { طسۤ } { الۤمۤ } ونحو ذلك ، فهذه تبعد ما تقدم عن ابن عباس رضي الله عنهما . وقيل المراد قضي الأمر والله ، وأن قوله جل ثناؤه قۤ دلت على المحذوف من بقية الكلمة كقول الشاعر @ قُلْتُ لَها قِفي فقالَتْ ق @@ وفي هذا التفسير نظر لأن الحذف في الكلام إنما يكون إذا دل دليل عليه ، ومن أين يفهم هذا من ذكر هذا الحرف ؟ وقوله تعالى { وَٱلْقُرْءَانِ ٱلْمَجِيدِ } أي الكريم العظيم الذي { لاَّ يَأْتِيهِ ٱلْبَـٰطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ } فصلت 42 واختلفوا في جواب القسم ما هو ؟ فحكى ابن جرير عن بعض النحاة أنه قوله تعالى { قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ ٱلأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِندَنَا كِتَـٰبٌ حَفِيظٌ } وفي هذا نظر ، بل الجواب هو مضمون الكلام بعد القسم ، وهو إثبات النبوة وإثبات المعاد وتقريره وتحقيقه ، وإن لم يكن القسم يتلقى لفظاً ، وهذا كثير في أقسام القرآن كما تقدم في قوله { صۤ وَٱلْقُرْءَانِ ذِى ٱلذِّكْرِ بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ } ص 1 ــــ 2 وهكذا قال ههنا { قۤ وَٱلْقُرْءَانِ ٱلْمَجِيدِ بَلْ عَجِبُوۤاْ أَن جَآءَهُمْ مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ فَقَالَ ٱلْكَـٰفِرُونَ هَـٰذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ } أي تعجبوا من إرسال رسول إليهم من البشر كقوله جل جلاله { أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ ٱلنَّاسَ } يونس 2 أي وليس هذا بعجيب فإن الله يصطفي من الملائكة رسلاً ومن الناس . ثم قال عز وجل مخبراً عنهم في تعجبهم أيضاً من المعاد ، واستبعادهم لوقوعه { أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعُ بَعِيدٌ } أي يقولون أئذا متنا وبلينا ، وتقطعت الأوصال منا وصرنا تراباً ، كيف يمكن الرجوع بعد ذلك إلى هذه البنية والتركيب ؟ { ذَلِكَ رَجْعُ بَعِيدٌ } أي بعيد الوقوع . والمعنى أنهم يعتقدون استحالته ، وعدم إمكانه . قال الله تعالى رداً عليهم { قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ ٱلأَرْضَ مِنْهُمْ } أي ما تأكل من أجسادهم في البلى ، نعلم ذلك ، ولا يخفى علينا أين تفرقت الأبدان وأين ذهبت وإلى أين صارت { وَعِندَنَا كِتَـٰبٌ حَفِيظٌ } أي حافظ لذلك ، فالعلم شامل ، والكتاب أيضاً فيه كل الأشياء مضبوطة . قال العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى { قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ ٱلأَرْضُ مِنْهُمْ } أي ما تأكل من لحومهم وأبشارهم ، وعظامهم وأشعارهم ، وكذا قال مجاهد وقتادة والضحاك وغيرهم ، ثم بين تبارك وتعالى سبب كفرهم وعنادهم واستبعادهم ما ليس ببعيد فقال { بَلْ كَذَّبُواْ بِٱلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ فَهُمْ فِيۤ أَمْرٍ مَّرِيجٍ } أي وهذا حال كل من خرج عن الحق ، مهما قال بعد ذلك ، فهو باطل ، والمريج المختلف المضطرب الملتبس المنكر خلاله كقوله تعالى { إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ } الذاريات8 - 9 .