Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 51, Ayat: 38-46)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى { وَفِي مُوسَىٰ إِذْ أَرْسَلْنَـٰهُ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ بِسُلْطَـٰنٍ مُّبِينٍ } أي بدليل باهر ، وحجة قاطعة { فَتَوَلَّىٰ بِرُكْنِهِ } أي فأعرض فرعون عما جاءه به موسى من الحق المبين استكباراً وعناداً . وقال مجاهد تعزز بأصحابه ، وقال قتادة غلب عدو الله على قومه ، وقال ابن زيد { فَتَوَلَّىٰ بِرُكْنِهِ } أي بجموعه التي معه ، ثم قرأ { لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِيۤ إِلَىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ } هود 80 والمعنى الأول قوي كقوله تعالى { ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } الحج 9 أي معرض عن الحق مستكبر { وَقَالَ سَـٰحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ } أي لا يخلو أمرك فيما جئتني به من أن تكون ساحراً أو مجنوناً ، قال الله تعالى { فَأَخَذْنَـٰهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَـٰهُمْ } أي ألقيناهم { فِي ٱلْيَمِّ } وهو البحر { وَهُوَ مُلِيمٌ } أي وهو ملوم كافر جاحد فاجر معاند . ثم قال عز وجل { وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلرِّيحَ ٱلْعَقِيمَ } أي المفسدة التي لا تنتج شيئاً ، قاله الضحاك وقتادة وغيرهما ، ولهذا قال تعالى { مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ } أي مما تفسده الريح { إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَٱلرَّمِيمِ } أي كالشيء الهالك البالي ، وقد قال ابن أبي حاتم حدثنا أبو عبيد الله ابن أخي ابن وهب ، حدثنا عمي عبد الله بن وهب ، حدثني عبد الله ، يعني ابن عياش الغساني ، حدثني عبد الله بن سليمان عن دراج عن عيسى بن هلال الصدفي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الريح مسخرة من الثانية ــــ يعني من الأرض الثانية ــــ ، فلما أراد الله تعالى أن يهلك عاداً ، أمر خازن الريح أن يرسل عليهم ريحاً تهلك عاداً ، قال أي رب أرسل عليهم الريح قدر منخر الثور ؟ قال له الجبار تبارك وتعالى لا ، إذاً تطفأ الأرض ومن عليها ، ولكن أرسل عليهم بقدر خاتم ، فهي التي قال الله عز وجل في كتابه { مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَٱلرَّمِيمِ } " هذا الحديث رفعه منكر ، والأقرب أن يكون موقوفاً على عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما من زاملتيه اللتين أصابهما يوم اليرموك ، والله أعلم . قال سعيد بن المسيب وغيره في قوله تعالى { إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلرِّيحَ ٱلْعَقِيمَ } قالوا هي الجنوب . وقد ثبت في الصحيح من رواية شعبة عن الحكم عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " نصرت بالصبا ، وأهلكت عاد بالدبور " { وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُواْ حَتَّىٰ حِينٍ } قال ابن جرير يعني إلى وقت فناء آجالكم . والظاهر أن هذه كقوله تعالى { وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَـٰهُمْ فَٱسْتَحَبُّواْ ٱلْعَمَىٰ عَلَى ٱلْهُدَىٰ فَأَخَذَتْهُمْ صَـٰعِقَةُ ٱلْعَذَابِ ٱلْهُونِ } فصلت 17 وهكذا قال ههنا { وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُواْ حَتَّىٰ حِينٍ فَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنظُرُونَ } وذلك أنهم انتظروا العذاب ثلاثة أيام ، فجاءهم في صبيحة اليوم الرابع بكرة النهار { فَمَا ٱسْتَطَـٰعُواْ مِن قِيَامٍ } أي من هرب ولا نهوض { وَمَا كَانُواْ مُنتَصِرِينَ } أي لا يقدرون على أن ينتصروا مما هم فيه . وقوله عز وجل { وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ } أي وأهلكنا قوم نوح من قبل هؤلاء { إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَـٰسِقِينَ } وكل هذه القصص قد تقدمت مبسوطة في أماكن كثيرة من سور متعددة ، والله تعالى أعلم .