Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 55, Ayat: 31-36)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى { سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا ٱلثَّقَلاَنِ } قال وعيد من الله تعالى للعباد ، وليس بالله شغل ، وهو فارغ ، وكذا قال الضحاك هذا وعيد ، وقال قتادة قد دنا من الله فراغ لخلقه ، وقال ابن جريج { سَنَفْرُغُ لَكُمْ } أي سنقضي لكم ، وقال البخاري سنحاسبكم ، لا يشغله شيء عن شيء ، وهو معروف في كلام العرب ، يقال لأتفرغن لك ، وما به شغل ، يقول لآخذنك على غرتك . وقوله تعالى { أَيُّهَا ٱلثَّقَلاَنِ } الثقلان الإنس والجن كما جاء في الصحيح " ويسمعها كل شيء إلا الثقلين " وفي رواية " إلا الإنس والجن " وفي حديث الصور " الثقلان الإنس والجن " { فَبِأَىِّ ءَالاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } ثم قال تعالى { يٰمَعْشَرَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ إِنِ ٱسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُواْ مِنْ أَقْطَـٰرِ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ فَٱنفُذُواْ لاَ تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَـٰنٍ } أي لا تستطيعون هرباً من أمر الله وقدره ، بل هو محيط بكم ، لا تقدرون على التخلص من حكمه ، ولا النفوذ عن حكمه فيكم ، أينما ذهبتم أحيط بكم ، وهذا في مقام الحشر ، الملائكة محدقة بالخلائق سبع صفوف من كل جانب ، فلا يقدر أحد على الذهاب { إِلاَّ بِسُلْطَـٰنٍ } أي إلا بأمر الله { يَقُولُ ٱلإِنسَـٰنُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ ٱلْمَفَرُّ كَلاَّ لاَ وَزَرَ إِلَىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ ٱلْمُسْتَقَرُّ } القيامة 10 ــــ 12 . وقال تعالى { وَٱلَّذِينَ كَسَبُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ جَزَآءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَّا لَهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِّنَ ٱلَّيْلِ مُظْلِماً أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ } يونس 27 ولهذا قال تعالى { يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلاَ تَنتَصِرَانِ } قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس الشواظ هو لهب النار ، وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس الشواظ الدخان ، وقال مجاهد هو اللهب الأخضر المنقطع ، وقال أبو صالح الشواظ هو اللهب الذي فوق النار ودون الدخان . وقال الضحاك { شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ } سيل من نار . وقوله تعالى { وَنُحَاسٌ } قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس { وَنُحَاسٌ } دخان النار ، وروي مثله عن أبي صالح وسعيد بن جبير وأبي سنان . وقال ابن جرير والعرب تسمي الدخان نحاساً ، بضم النون وكسرها ، والقراء مجمعة على الضم ، ومن النحاس بمعنى الدخان قول نابغة جعدة @ يُضيءُ كضَوْءِ سراجِ السّليـ ـطِ لَمْ يَجْعَلِ اللّهُ فيهِ نُحاساً @@ يعني دخاناً ، هكذا قال ، وقد روى الطبراني من طريق جويبر عن الضحاك أن نافع بن الأزرق سأل ابن عباس عن الشواظ فقال هو اللهب الذي لا دخان معه ، فسأله شاهداً على ذلك من اللغة ، فأنشده قول أمية بن أبي الصلت في حسان @ أَلا مَنْ مُبْلغٌ حَسَّانَ عنِّي مُغَلْغَلَةً تَدِبُّ إلى عُكاظِ أليسَ أبوكَ فينا كانَ قَيْناً لدى القَيْنات فَسْلاً في الحِفاظِ يمانِيّاً يظَلُّ يَشُدُّ كِيْراً ويَنْفُخُ دائِباً لَهَبَ الشُّواظِ @@ قال صدقت ، فما النحاس ؟ قال هو الدخان الذي لا لهب له ، قال فهل تعرفه العرب ؟ قال نعم ، أما سمعت نابغة بني ذبيان يقول @ يُضيءُ كضوءِ سراجِ السليـ ـطِ لم يجعلِ اللّهُ فيه نُحاساً @@ وقال مجاهد النحاس الصُّفْر ، يذاب فيصب على رؤوسهم ، وكذا قال قتادة ، وقال الضحاك ونحاس سيل من نحاس ، والمعنى على كل قول لو ذهبتم هاربين يوم القيامة ، لردتكم الملائكة والزبانية بإرسال اللهب من النار ، والنحاس المذاب عليكم لترجعوا ، ولهذا قال { فَلاَ تَنتَصِرَانِ فَبِأَىِّ ءَالاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } .