Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 57, Ayat: 1-3)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يخبر تعالى أنه يسبح له ما في السموات وما في الأرض ، أي من الحيوانات والنباتات كما قال في الآية الأخرى { تُسَبِّحُ لَهُ ٱلسَّمَـٰوَٰتُ ٱلسَّبْعُ وَٱلأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَىْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـٰكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا } الإسراء 44 وقوله تعالى { وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ } أي الذي قد خضع له كل شيء { ٱلْحَكِيمُ } في خلقه وأمره وشرعه { لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ يُحْىِ وَيُمِيتُ } أي هو المالك المتصرف في خلقه ، فيحيي ويميت ، ويعطي من يشاء ما يشاء { وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ } أي ما شاء كان ، وما لم يشأ لم يكن . وقوله تعالى { هُوَ ٱلأَوَّلُ وَٱلأَخِرُ وَٱلظَّـٰهِرُ وَٱلْبَـٰطِنُ } وهذه الآية هي المشار إليها في حديث عرباض بن سارية أنها أفضل من ألف آية . وقال أبو داود حدثنا عباس بن عبد العظيم ، حدثنا النضر بن محمد ، حدثنا عكرمة ــــ يعني ابن عمار ــــ حدثنا أبو زميل قال سألت ابن عباس فقلت ما شيء أجده في صدري ؟ قال ما هو ؟ قلت والله لا أتكلم به ، قال فقال لي أشيء من شك ؟ قال وضحك ، قال ما نجا من ذلك أحد ، قال حتى أنزل الله تعالى { فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّآ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ فَاسْأَلِ ٱلَّذِينَ يَقْرَءُونَ ٱلْكِتَـٰبَ مِن قَبْلِكَ لَقَدْ جَآءَكَ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ } الآية يونس 94 ، قال وقال لي إذا وجدت في نفسك شيئاً ، فقل { هُوَ ٱلأَوَّلُ وَٱلأَخِرُ وَٱلظَّـٰهِرُ وَٱلْبَـٰطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ } وقد اختلفت عبارات المفسرين في هذه الآية وأقوالهم على نحو من بضعة عشر قولاً . وقال البخاري قال يحيى الظاهر على كل شيء علماً ، والباطن على كل شيءٍ علماً . وقال شيخنا الحافظ المزي يحيى هذا هو ابن زياد الفراء ، له كتاب سماه " معاني القرآن " . وقد ورد في ذلك أحاديث ، فمن ذلك ما قال الإمام أحمد حدثنا خلف بن الوليد ، حدثنا ابن عياش عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو عند النوم " اللهم رب السموات السبع ، ورب العرش العظيم ، ربنا ورب كل شيء ، منزل التوراة والإنجيل والفرقان ، فالق الحب والنوى ، لا إله إلا أنت ، أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته ، أنت الأول فليس قبلك شيء ، وأنت الآخر فليس بعدك شيء ، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء ، وأنت الباطن ليس دونك شيء ، اقض عنا الدين ، وأغننا من الفقر " ورواه مسلم في صحيحه حدثني زهير بن حرب ، حدثنا جرير عن سهل قال كان أبو صالح يأمرنا إذا أراد أحدنا أن ينام أن يضطجع على شقه الأيمن ، ثم يقول اللهم رب السموات ورب الأرض ورب العرش العظيم ، ربنا ورب كل شيء ، فالق الحب والنوى ، ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان ، أعوذ بك من شر كل ذي شر أنت آخذ بناصيته ، اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء ، وأنت الآخر فليس بعدك شيء ، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء ، وأنت الباطن فليس دونك شيء ، اقض عنا الدين ، وأغننا من الفقر . وكان يروي ذلك عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم . وقد روى الحافظ أبو يعلى الموصلي في مسنده عن عائشة أم المؤمنين نحو هذا ، فقال حدثنا عقبة ، حدثنا يونس ، حدثنا السري بن إسماعيل عن الشعبي عن مسروق عن عائشة أنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بفراشه فيفرش له مستقبل القبلة ، فإذا أوى إليه ، توسد كفه اليمنى ، ثم همس ما يدرى ما يقول ، فإذا كان في آخر الليل ، رفع صوته فقال " اللهم رب السموات السبع ، ورب العرش العظيم ، إله كل شيء ، ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان ، فالق الحب والنوى ، أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته ، اللهم أنت الأول الذي ليس قبلك شيء ، وأنت الآخر الذي ليس بعدك شيء ، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء ، وأنت الباطن فليس دونك شيء ، اقض عنا الدين ، وأغننا من الفقر " السري بن إسماعيل هذا هو ابن عم الشعبي ، وهو ضعيف جداً ، والله أعلم . وقال أبو عيسى الترمذي عند تفسير هذه الآية حدثنا عبد بن حميد وغير واحد ، لمعنى واحد ، قالوا حدثنا يونس بن محمد ، حدثنا شيبان بن عبد الرحمن عن قتادة قال حدث الحسن عن أبي هريرة قال بينما نبي الله صلى الله عليه وسلم جالس وأصحابه ، إذ أتى عليهم سحاب ، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم " هل تدرون ما هذا ؟ " قالوا الله ورسوله أعلم . قال " هذا العنان ، هذه روايا الأرض تسوقه إلى قوم لا يشكرونه ولا يدعونه " ثم قال " هل تدرون ما فوقكم ؟ " قالوا الله ورسوله أعلم . قال " فإنها الرفيع سقف محفوظ وموج مكفوف " ثم قال " هل تدرون كم بينكم وبينها ؟ " قالوا الله ورسوله أعلم . قال " بينكم وبينها خمسمئة سنة " ثم قال " هل تدرون ما فوق ذلك ؟ " قالوا الله ورسوله أعلم . قال " فإن فوق ذلك سماء بعد ما بينهما مسيرة خمسمئة سنة حتى عد سبع سماوات ــــ ما بين كل سماءين كما بين السماء والأرض " ثم قال " هل تدرون ما فوق ذلك ؟ " قالوا الله ورسوله أعلم قال " فإن فوق ذلك العرش ، وبينه وبين السماء مثل بعد ما بين السماءين " ثم قال " هل تدرون ما الذي تحتكم ؟ " قالوا الله ورسوله أعلم . قال " فإنها الأرض " ثم قال " هل تدرون ما الذي تحت ذلك ؟ " قالوا الله ورسوله أعلم . قال " فإن تحتها أرضاً أخرى ، بينهما مسيرة خمسمئة سنة ــــ حتى عد سبع أرضين ــــ بين كل أرضين مسيرة خمسمائة سنة " ثم قال " والذي نفس محمد بيده لو أنكم دليتم حبلاً إلى الأرض السفلى ، لهبط على الله " ثم قرأ { هُوَ ٱلأَوَّلُ وَٱلأَخِرُ وَٱلظَّـٰهِرُ وَٱلْبَـٰطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ } . ثم قال الترمذي هذا حديث غريب من هذا الوجه ، ويروى عن أيوب ويونس ، يعني ابن عبيد ، وعلي بن زيد ، وقالوا لم يسمع الحسن من أبي هريرة . وفسر بعض أهل العلم هذا الحديث فقالوا إنما هبط على علم الله وقدرته وسلطانه ، وعلم الله وقدرته وسلطانه في كل مكان ، وهو على العرش كما وصف في كتابه ، انتهى كلامه . وقد روى الإمام أحمد هذا الحديث عن سُريج عن الحكم بن عبد الملك عن قتادة عن الحسن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره ، وعنده " وبعد ما بين الأرضين مسيرة سبعمئة عام ــــ وقال ــــ لو دليتم أحدكم بحبل إلى الأرض السفلى السابعة لهبط على الله " ثم قرأ { هُوَ ٱلأَوَّلُ وَٱلأَخِرُ وَٱلظَّـٰهِرُ وَٱلْبَـٰطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ } ورواه ابن أبي حاتم والبزار من حديث أبي جعفر الرازي عن قتادة عن الحسن عن أبي هريرة ، فذكر الحديث ، ولم يذكر ابن أبي حاتم آخره ، وهو قوله لو دليتم بحبل ، وإنما قال حتى عد سبع أرضين بين كل أرضين مسيرة خمسمئة عام ، ثم تلا { هُوَ ٱلأَوَّلُ وَٱلأَخِرُ وَٱلظَّـٰهِرُ وَٱلْبَـٰطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ } . وقال البزار لم يروه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا أبو هريرة . ورواه ابن جرير عن بشر عن يزيد عن سعيد عن قتادة { هُوَ ٱلأَوَّلُ وَٱلأَخِرُ وَٱلظَّـٰهِرُ وَٱلْبَـٰطِنُ } . وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم بينما هو جالس في أصحابه ، إذ مر عليهم سحاب ، فقال " هل تدرون ما هذا ؟ " وذكر الحديث مثل سياق الترمذي سواء ، إلا أنه مرسل من هذا الوجه ، ولعل هذا هو المحفوظ ، والله أعلم . وقد روي من حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه وأرضاه ، رواه البزار في مسنده ، والبيهقي في كتاب الأسماء والصفات ، ولكن في إسناده نظر ، وفي متنه غرابة ونكارة ، والله سبحانه وتعالى أعلم . وقال ابن جرير عند قوله تعالى { وَمِنَ ٱلأَرْضِ مِثْلَهُنَّ } الطلاق 12 حدثنا ابن عبد الأعلى ، حدثنا ابن ثور عن معمر عن قتادة قال التقى أربعة من الملائكة بين السماء والأرض ، فقال بعضهم لبعض من أين جئت ؟ قال أحدهم أرسلني ربي عز وجل من السماء السابعة ، وتركته ، ثَمَّ قال الآخر أرسلني ربي عز وجل من الأرض السابعة ، وتركته ، ثَمَّ قال الآخر أرسلني ربي من المشرق ، وتركته ، ثَمَّ قال الآخر أرسلني ربي من المغرب ، وتركته ، ثَمَّ . وهذا حديث غريب جداً ، وقد يكون الحديث الأول موقوفاً على قتادة كما روي ههنا من قوله ، والله أعلم .