Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 27-30)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يذكر تعالى حال الكفار ، إذا وقفوا يوم القيامة على النار ، وشاهدوا ما فيها من السلاسل والأغلال ، ورأوا بأعينهم تلك الأمور العظام والأهوال ، فعند ذلك ، قالوا { يٰلَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِـآيَـٰتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } يتمنون أن يردوا إلى الدار الدنيا ليعملوا عملاً صالحاً ، ولا يكذبوا بآيات ربهم ، ويكونوا من المؤمنين ، قال الله تعالى { بَلْ بَدَا لَهُمْ مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ } أي بل ظهر لهم حينئذ ما كانوا يخفون في أنفسهم من الكفر والتكذيب والمعاندة ، وإن أنكروها في الدنيا أو في الآخرة ، كما قال قبله بيسير { ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ٱنظُرْ كَيْفَ كَذَبُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ } ويحتمل أنهم ظهر لهم ما كانوا يعلمونه من أنفسهم ، من صدق ما جاءتهم به الرسل في الدنيا ، وإن كانوا يظهرون لأتباعهم خلافه ، كقوله مخبراً عن موسى ، أنه قال لفرعون { لَقَدْ عَلِمْتَ مَآ أَنزَلَ هَـٰؤُلاۤءِ إِلاَّ رَبُّ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ بَصَآئِرَ } الإسراء 102 الآية ، وقوله تعالى مخبراً عن فرعون وقومه { وَجَحَدُواْ بِهَا وَٱسْتَيْقَنَتْهَآ أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً } النمل 14 ويحتمل أن يكون المراد بهؤلاء المنافقين ، الذين كانوا يظهرون الإيمان للناس ، ويبطنون الكفر ، ويكون هذا إخباراً عما يكون يوم القيامة ، من كلام طائفة من الكفار ، ولا ينافي هذا كون هذه السورة مكية ، والنفاق إنما كان من بعض أهل المدينة ومن حولها من الأعراب ، فقد ذكر الله وقوع النفاق في سورة مكية ، وهي العنكبوت ، فقال { وَلَيَعْلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَلَيَعْلَمَنَّ ٱلْمُنَـٰفِقِينَ } العنكبوت 11 وعلى هذا فيكون إخباراً عن قول المنافقين في الدار الآخرة ، حين يعاينون العذاب ، فظهر لهم حينئذ غب ما كانوا يبطنون من الكفر والنفاق والشقاق ، والله أعلم ، وأما معنى الإضراب ، في قوله { بَلْ بَدَا لَهُمْ مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ } فإنهم ما طلبوا العود إلى الدنيا رغبة ومحبة في الإيمان ، بل خوفاً من العذاب الذي عاينوه ، جزاء على ما كانوا عليه من الكفر ، فسألوا الرجعة إلى الدنيا ليتخلصوا مما شاهدوا من النار ، ولهذا قال { وَلَوْ رُدُّواْ لَعَـٰدُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَـٰذِبُونَ } أي في طلبهم الرجعة رغبة ومحبة في الإيمان ، ثم قال مخبراً عنهم أنهم لو ردوا إلى الدار الدنيا ، لعادوا لما نهوا عنه ، من الكفر والمخالفة { وَإِنَّهُمْ لَكَـٰذِبُونَ } أي في قولهم يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ، ونكون من المؤمنين ، { وَقَالُوۤاْ إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا ٱلدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ } أي لعادوا لما نهوا عنه ، ولقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا أي ما هي إلا هذه الحياة الدنيا ، ثم لا معاد بعدها ، ولهذا قال وما نحن بمبعوثين . ثم قال { وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُواْ عَلَىٰ رَبِّهِمْ } أي أوقفوا بين يديه ، قال { أَلَيْسَ هَـٰذَا بِٱلْحَقِّ } أي أليس هذا المعاد بحق ، وليس بباطل كما كنتم تظنون ، { قَالُواْ بَلَىٰ وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُواْ ٱلعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ } أي بما كنتم تكذبون به ، فذوقوا اليوم مسه { أَفَسِحْرٌ هَـٰذَا أَمْ أَنتُمْ لاَ تُبْصِرُونَ } الطور 15 .