Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 65, Ayat: 6-7)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى آمراً عباده إذا طلق أحدهم المرأة ، أن يسكنها في منزل حتى تنقضي عدتها ، فقال { أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم } أي عندكم { مِّن وُجْدِكُمْ } قال ابن عباس ومجاهد وغير واحد يعني سعتكم ، حتى قال قتادة إن لم تجد إلا جنب بيتك ، فأسكنها فيه . وقوله تعالى { وَلاَ تُضَآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُواْ عَلَيْهِنَّ } قال مقاتل بن حيان يعني يضاجرها لتفتدي منه بمالها ، أو تخرج من مسكنه ، وقال الثوري عن منصور عن أبي الضحى { وَلاَ تُضَآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُواْ عَلَيْهِنَّ } قال يطلقها ، فإذا بقي يومان راجعها . وقوله تعالى { وَإِن كُنَّ أُوْلَـٰتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُواْ عَلَيْهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } قال كثير من العلماء منهم ابن عباس وطائفة من السلف وجماعات من الخلف هذه في البائن إن كانت حاملاً ، أنفق عليها حتى تضع حملها ، قالوا بدليل أن الرجعية تجب نفقتها ، سواء كانت حاملاً أو حائلاً ، وقال آخرون بل السياق كله في الرجعيات ، وإنما نص على الإنفاق على الحامل ، وإن كانت رجعية ، لأن الحمل تطول مدته غالباً ، فاحتيج إلى النص على وجوب الإنفاق إلى الوضع ، لئلا يتوهم أنه إنما تجب النفقة بمقدار مدة العدة ، ثم اختلف العلماء هل النفقة لها بواسطة الحمل أم للحمل وحده ؟ على قولين منصوصين عن الشافعي وغيره ، ويتفرع عليها مسائل كثيرة مذكورة في علم الفروع . وقوله تعالى { فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ } أي إذا وضعن حملهن وهن طوالق ، فقد بِنَّ بانقضاء عدتهن ، ولها حينئذ أن ترضع الولد ، ولها أن تمتنع منه ، ولكن بعد أن تغذيه باللبأ ، وهو باكورة اللبن الذي لا قوام للمولود غالباً إلا به ، فإن أرضعت ، استحقت أجر مثلها ، ولها أن تعاقد أباه أو وليّه على ما يتفقان عليه من أجرة ، ولهذا قال تعالى { فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَـئَاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } ، وقوله تعالى { وَأْتَمِرُواْ بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ } أي ولتكن أموركم فيما بينكم بالمعروف من غير إضرار ولا مضارة كما قال تعالى في سورة البقرة { لاَ تُضَآرَّ وَٰلِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ } البقرة233 وقوله تعالى { وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَىٰ } أي وإن اختلف الرجل والمرأة ، فطلبت المرأة في أجرة الرضاع كثيراً ، ولم يجبها الرجل إلى ذلك ، أو بذل الرجل قليلاً ولم توافقه عليه ، فليسترضع له غيرها ، فلو رضيت الأم بما استؤجرت به الأجنبية فهي أحق بولدها . وقوله تعالى { لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ } أي لينفق على المولود والده أو وليه بحسب قدرته { وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّآ ءَاتَاهُ ٱللَّهُ لاَ يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَآ ءَاتَاهَا } كقوله تعالى { لاَ يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا } البقرة 286 روى ابن جرير حدثنا ابن حميد ، حدثنا حكام عن أبي سنان قال سأل عمر بن الخطاب عن أبي عبيدة ، فقيل إنه يلبس الغليظ من الثياب ، ويأكل أخشن الطعام ، فبعث إليه بألف دينار ، وقال للرسول انظر ما يصنع بها إذا هو أخذها ؟ فما لبث أن لبس اللين من الثياب ، وأكل أطيب الطعام ، فجاءه الرسول فأخبره ، فقال رحمه الله تعالى ، تأول هذه الآية { لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّآ ءَاتَاهُ ٱللَّهُ } . وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني في معجمه الكبير حدثنا هاشم بن مرثد الطبراني حدثنا محمد بن إسماعيل بن عياش ، أخبرني أبي ، أخبرني ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد عن أبي مالك الأشعري ، واسمه الحارث ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ثلاثة نفر كان لأحدهم عشرة دنانير فتصدق منها بدينار ، وكان لآخر عشر أواقٍ ، فتصدق منها بأوقية ، وكان لآخر مئة أوقية ، فتصدق منها بعشر أواق ــــ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ــــ هم في الأجر سواء ، كل قد تصدق بعشر ماله ، قال الله تعالى { لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ } " هذا حديث غريب من هذا الوجه . وقوله تعالى { سَيَجْعَلُ ٱللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً } وعد منه تعالى ، ووعده حق لا يخلفه ، وهذه كقوله تعالى { فَإِنَّ مَعَ ٱلْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ ٱلْعُسْرِ يُسْراً } الشرح 5 ــــ 6 وقد روى الإمام أحمد حديثاً يحسن أن نذكره ههنا فقال حدثنا هاشم بن القاسم ، حدثنا عبد الحميد بن بهرام ، حدثنا شهر بن حوشب قال قال أبو هريرة بينما رجل وامرأة له في السلف الخالي لا يقدران على شيء ، فجاء الرجل من سفره ، فدخل على امرأته جائعاً قد أصابته مسغبة شديدة ، فقال لامرأته عندك شيء ؟ قالت نعم ، أبشر ، أتانا رزق الله ، فاستحثها فقال ويحك ابتغي إن كان عندك شيء ، قالت نعم هنيهة ، ترجو رحمة الله ، حتى إذا طال عليه الطول ، قال ويحك قومي فابتغي إن كان عندك شيء فائتيني به فإني قد بلغت وجهدت ، فقالت نعم ، الآن نفتح التنور فلا تعجل ، فلما أن سكت عنها ساعة ، وتحينت أن يقول لها ، قالت من عند نفسها لو قمت فنظرت إلى تنوري ، فقامت فنظرت إلى تنورها ملآن من جنوب الغنم ، ورحييها تطحنان ، فقامت إلى الرحى فنفضتها ، واستخرجت ما في تنورها من جنوب الغنم ، قال أبو هريرة فوالذي نفس أبي القاسم بيده هو قول محمد صلى الله عليه وسلم " لو أخذت ما في رحييها ولم تنفضها لطحنتها إلى يوم القيامة " وقال في موضع آخر حدثنا أبو عامر ، حدثنا أبو بكر عن هشام عن محمد ، وهو ابن سيرين عن أبي هريرة قال دخل رجل على أهله ، فلما رأى ما بهم من الحاجة ، خرج إلى البَرية ، فلما رأت امرأته ، قامت إلى الرحى فوضعتها ، وإلى التنور فسجرته ، ثم قالت اللهم ارزقنا ، فنظرت ، فإذا الجفنة قد امتلأت ، قال وذهبت إلى التنور فوجدته ممتلئاً ، قال فرجع الزوج ، فقال أصبتم بعدي شيئاً ؟ قالت امرأته نعم من ربنا ، فأمّ إلى الرحى ، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم " أما إنه لو لم ترفعها لم تزل تدور إلى يوم القيامة " .