Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 11-11)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ينبه تعالى بني آدم في هذا المقام على شرف أبيهم آدم ، ويبين لهم عداوة عدوهم إبليس ، وما هو منطو عليه من الحسد لهم ولأبيهم آدم ليحذروه ، ولا يتبعوا طرائقه ، فقال تعالى { وَلَقَدْ خَلَقْنَـٰكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَـٰكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَـٰئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمَ فَسَجَدُوۤاْ } وهذا كقوله تعالى { وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَـٰئِكَةِ إِنِّى خَـٰلِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَـٰلٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِى فَقَعُواْ لَهُ سَـٰجِدِينَ } الحجر 28 - 29 وذلك أنه تعالى لما خلق آدم عليه السلام بيده من طين لازب ، وصوره بشراً سوياً ، ونفخ فيه من روحه ، أمر الملائكة بالسجود له تعظيماً لشأن الله تعالى وجلاله ، فسمعوا كلهم ، وأطاعوا ، إلا إبليس لم يكن من الساجدين ، وقد تقدم الكلام على إبليس في أول تفسير سورة البقرة ، وهذا الذي قررناه هو اختيار ابن جرير ، أن المراد بذلك كله آدم عليه السلام . وقال سفيان الثوري عن الأعمش ، عن منهال بن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس { وَلَقَدْ خَلَقْنَـٰكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَـٰكُمْ } قال خلقوا في أصلاب الرجال ، وصوروا في أرحام النساء ، رواه الحاكم وقال صحيح على شرطهما ، ولم يخرجاه ، ونقل ابن جرير عن بعض السلف أيضاً أن المراد بخلقناكم ثم صورناكم الذرية . وقال الربيع بن أنس والسدي وقتادة والضحاك في هذه الآية { وَلَقَدْ خَلَقْنَـٰكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَـٰكُمْ } أي خلقنا آدم ، ثم صورنا الذرية ، وهذا فيه نظر لأنه قال بعد ذلك { ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَـٰئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمَ } فدل على أن المراد بذلك آدم ، وإنما قيل ذلك بالجمع لأنه أبو البشر ، كما يقول الله تعالى لبني إسرائيل الذين كانوا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم { وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ ٱلْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ ٱلْمَنَّ وَٱلسَّلْوَىٰ } البقرة 57 والمراد آباؤهم الذين كانوا في زمن موسى ، ولكن لما كان ذلك منة على الآباء الذين هم أصل ، صار كأنه واقع على الأبناء ، وهذا بخلاف قوله { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنْسَـٰنَ مِن سُلَـٰلَةٍ مِّن طِينٍ } المؤمنون 12 الآية ، فإن المراد منه آدم المخلوق من السلالة ، وذريته مخلوقون من نطفة ، وصح هذا لأن المراد من خلقنا الإنسان الجنس ، لا معيناً ، والله أعلم .