Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 59-62)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لما ذكر تعالى قصة آدم في أول السورة ، وما يتعلق بذلك ، وما يتصل به ، وفرغ منه ، شرع تعالى في ذكر قصص الأنبياء عليهم السلام ، الأول فالأول ، فابتدأ بذكر نوح عليه السلام فإنه أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض بعد آدم عليه السلام ، وهو نوح بن لامك بن متوشلح بن أخنوخ ، وهو إدريس النبي عليه السلام فيما يزعمون ، وهو أول من خط بالقلم ، ابن برد بن مهليل بن قنين بن يانش بن شيث بن آدم عليهم السلام ، هكذا نسبه محمد بن إسحاق وغير واحد من أئمة النسب . قال محمد بن إسحاق ولم يلق نبي من قومه من الأذى مثل نوح ، إلا نبي قتل . وقال يزيد الرقاشي إنما سمي نوحاً لكثرة ما ناح على نفسه . وقد كان بين آدم إلى زمن نوح عليهما السلام عشرة قرون ، كلهم على الإسلام . قال عبد الله بن عباس وغير واحد من علماء التفسير وكان أول ما عبدت الأصنام أن قوماً صالحين ماتوا ، فبنى قومهم عليهم مساجد ، وصوروا صورة أولئك فيها ليتذكروا حالهم وعبادتهم ، فيتشبهوا بهم ، فلما طال الزمان ، جعلوا أجساداً على تلك الصور ، فلما تمادى الزمان ، عبدوا تلك الأصنام ، وسموها بأسماء أولئك الصالحين وداً وسواعاً ويغوث ويعوق ونسراً ، فلما تفاقم الأمر ، بعث الله سبحانه وتعالى وله الحمد والمنة رسوله نوحاً ، فأمرهم بعبادة الله وحده لا شريك له فقال { يَـٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ إِنِّىۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } أي من عذاب يوم القيامة إذا لقيتم الله وأنتم مشركون به { قَالَ ٱلْمَلأُ مِن قَوْمِهِ } أي الجمهور والسادة والقادة والكبراء منهم { إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَـٰلٍ مُّبِينٍ } أي في دعوتك إيانا إلى ترك عبادة هذه الأصنام التي وجدنا عليها آباءنا ، وهكذا حال الفجار ، إنما يرون الأبرار في ضلالة كقوله { وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوۤاْ إِنَّ هَـٰؤُلاَءِ لَضَآلُّونَ } المطففين 32 { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَوْ كَانَ خَيْراً مَّا سَبَقُونَآ إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُواْ بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَـٰذَآ إِفْكٌ قَدِيمٌ } الأحقاف 11 إلى غير ذلك من الآيات { قَالَ يَـٰقَوْمِ لَيْسَ بِى ضَلَـٰلَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } أي ما أنا ضال ، ولكن أنا رسول من رب العالمين ، رب كل شيء ومليكه { أُبَلِّغُكُمْ رِسَـٰلـٰتِ رَبِّى وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } وهذا شأن الرسول أن يكون مبلغاً فصيحاً ناصحاً عالماً بالله ، لا يدركهم أحد من خلق الله في هذه الصفات كما جاء في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه يوم عرفة ، وهم أوفر ما كانوا وأكثر جمعاً " أيها الناس إنكم مسؤولون عني ، فما أنتم قائلون ؟ " قالوا نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت ، فجعل يرفع أصبعه إلى السماء وينكسها عليهم ، ويقول " اللهم اشهد ، اللهم اشهد " .