Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 71, Ayat: 25-28)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى { مِّمَّا خَطِيۤئَـٰتِهِمْ } وقرىء خطاياهم { أُغْرِقُواْ } أي من كثرة ذنوبهم وعتوهم وإصرارهم على كفرهم ، ومخالفتهم رسولهم { أُغْرِقُواْ فَأُدْخِلُواْ نَاراً } أي نقلوا من تيار البحار إلى حرارة النار { فَلَمْ يَجِدُواْ لَهُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ أَنصَاراً } أي لم يكن لهم معين ولا مغيث ، ولا مجير ينقذهم من عذاب الله ، كقوله تعالى { لاَ عَاصِمَ ٱلْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ } هود 43 { وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى ٱلأَرْضِ مِنَ ٱلْكَـٰفِرِينَ دَيَّاراً } أي لا تترك على وجه الأرض منهم أحداً ، ولا دياراً ، وهذه من صيغ تأكيد النفي ، قال الضحاك دياراً واحداً ، وقال السدي الديار الذي يسكن الدار ، فاستجاب الله له ، فأهلك جميع من على وجه الأرض من الكافرين ، حتى ولد نوح لصلبه الذي اعتزل عن أبيه ، وقال { سَآوِىۤ إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِى مِنَ ٱلْمَآءِ قَالَ لاَ عَاصِمَ ٱلْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا ٱلْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ ٱلْمُغْرَقِينَ } هود 43 وقال ابن أبي حاتم قرأ علي يونس بن عبد الأعلى ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني شبيب بن سعيد عن أبي الجوزاء عن ابن عباس ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لو رحم الله من قوم نوح أحداً ، لرحم امرأة لما رأت الماء حملت ولدها ، ثم صعدت الجبل ، فلما بلغها الماء ، صعدت به منكبها ، فلما بلغ الماء منكبها ، وضعت ولدها على رأسها ، فلما بلغ الماء رأسها ، رفعت ولدها بيدها ، فلو رحم الله منهم أحداً ، لرحم هذه المرأة " هذا حديث غريب ، ورجاله ثقات ، ونجى الله أصحاب السفينة الذين آمنوا مع نوح عليه السلام ، وهم الذين أمره الله بحملهم معه . وقوله تعالى { إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّواْ عِبَادَكَ } أي إنك إن أبقيت منهم أحداً ، أضلوا عبادك ، أي الذين تخلقهم بعدهم ، { وَلاَ يَلِدُوۤاْ إِلاَّ فَاجِراً كَفَّاراً } أي فاجراً في الأعمال كافر القلب ، وذلك لخبرته بهم ، ومكثه بين أظهرهم ألف سنة إلا خمسين عاماً ، ثم قال { رَّبِّ ٱغْفِرْ لِى وَلِوَٰلِدَىَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِىَ مُؤْمِناً } قال الضحاك يعني مسجدي ، ولا مانع من حمل الآية على ظاهرها ، وهو أنه دعا لكل من دخل منزله وهو مؤمن ، وقد قال الإمام أحمد حدثنا أبو عبد الرحمن ، حدثنا حيوة ، أنبأنا سالم بن غيلان أن الوليد بن قيس التجيبي ، أخبره أنه سمع أبا سعيد الخدري ، أو عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " لا تصحب إلا مؤمناً ، ولا يأكل طعامك إلا تقي " ورواه أبو داود والترمذي من حديث عبد الله بن المبارك عن حيوة بن شريح به ، ثم قال الترمذي إنما نعرفه من هذا الوجه . وقوله تعالى { وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَـٰتِ } دعاء لجميع المؤمنين والمؤمنات ، وذلك يعم الأحياء منهم والأموات ، ولهذا يستحب مثل هذا الدعاء اقتداء بنوح عليه السلام ، وبما جاء في الآثار والأدعية المشهورة المشروعة ، وقوله تعالى { وَلاَ تَزِدِ ٱلظَّـٰلِمِينَ إِلاَّ تَبَاراً } قال السدي إلا هلاكاً ، وقال مجاهد إلا خساراً ، أي في الدنيا والآخرة . آخر تفسير سورة نوح عليه السلام ، ولله الحمد والمنة .