Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 74, Ayat: 38-56)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى مخبراً أن { كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ } أي معتقلة بعملها يوم القيامة ، قاله ابن عباس وغيره { إِلاَّ أَصْحَـٰبَ ٱلْيَمِينِ } فإنهم { فِى جَنَّـٰتٍ يَتَسَآءَلُونَ عَنِ ٱلْمُجْرِمِينَ } أي يسألون المجرمين ، وهم في الغرفات ، وأولئك في الدركات ، قائلين لهم { مَا سَلَكَكُمْ فِى سَقَرَ قَالُواْ لَمْ نَكُ مِنَ ٱلْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ ٱلْمِسْكِينَ } أي ما عبدنا الله ، ولا أحسنا إلى خلقه من جنسنا { وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ ٱلُخَآئِضِينَ } أي نتكلم فيما لا نعلم . وقال قتادة كلما غوى غاوٍ ، غوينا معه { وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ ٱلدِّينِ حَتَّىٰ أَتَـٰنَا ٱلْيَقِينُ } يعني الموت كقوله تعالى { وَٱعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ ٱلْيَقِينُ } الحجر 99 وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أما هو ــــ يعني عثمان بن مظعون ــــ فقد جاءه اليقين من ربه " قال الله تعالى { فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَـٰعَةُ ٱلشَّـٰفِعِينَ } أي من كان متصفاً بمثل هذه الصفات ، فإنه لا تنفعه يوم القيامة شفاعة شافع فيه لأن الشفاعة إنما تنجع إذا كان المحل قابلاً ، فأما من وافى الله كافراً يوم القيامة ، فإنه له النار لا محالة خالداً فيها ، ثم قال تعالى { فَمَا لَهُمْ عَنِ ٱلتَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ } أي فما لهؤلاء الكفرة الذين قبلك مما تدعوهم إليه ، وتذكرهم به معرضين ؟ { كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ } أي كأنهم في نفارهم عن الحق ، وإعراضهم عنه ، حمر من حمر الوحش إذا فرت ممن يريد صيدها من أسد ، قاله أبو هريرة وابن عباس في رواية عنه ، وزيد بن أسلم وابنه عبد الرحمن ، أو رامٍ ، وهو رواية عن ابن عباس ، وهو قول الجمهور . وقال حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس الأسد بالعربية ، ويقال له بالحبشية قسورة ، وبالفارسية شير ، وبالنبطية أوبا . وقوله تعالى { بَلْ يُرِيدُ كُلُّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ أَن يُؤْتَىٰ صُحُفاً مُّنَشَّرَةً } أي بل يريد كل واحد من هؤلاء المشركين أن ينزل عليه كتاب كما أنزل الله على النبي صلى الله عليه وسلم ، قاله مجاهد وغيره ، كقوله تعالى { وَإِذَا جَآءَتْهُمْ ءَايَةٌ قَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ حَتَّىٰ نُؤْتَىٰ مِثْلَ مَآ أُوتِىَ رُسُلُ ٱللَّهِ ٱللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ } الأنعام 124 وفي رواية عن قتادة يريدون أن يؤتوا براءة بغير عمل ، فقوله تعالى { كَلاَّ بَل لاَّ يَخَافُونَ ٱلأَخِرَةَ } أي إنما أفسدهم عدم إيمانهم بها ، وتكذيبهم بوقوعها . ثم قال تعالى { كَلاَّ إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ } أي حقاً إن القرآن تذكرة { فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُ وَمَا يَذْكُرُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ } كقوله { وَمَا تَشَآءُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ } . وقوله تعالى { هُوَ أَهْلُ ٱلتَّقْوَىٰ وَأَهْلُ ٱلْمَغْفِرَةِ } أي هو أهل أن يخاف منه ، وهو أهل أن يغفر ذنب من تاب إليه وأناب . قاله قتادة . وقال الإمام أحمد حدثنا زيد بن الحباب ، أخبرني سهيل أخو حزم ، حدثنا ثابت البناني عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية { هُوَ أَهْلُ ٱلتَّقْوَىٰ وَأَهْلُ ٱلْمَغْفِرَةِ } وقال " قال ربكم أنا أهل أن أُتَّقَى ، فلا يجعل معي إله ، فمن اتقى أن يجعل معي إلهاً ، كان أهلاً أن أغفر له " ورواه الترمذي وابن ماجه من حديث زيد بن الحباب ، والنسائي من حديث المعافى بن عمران ، كلاهما عن سهيل بن عبد الله القطعي به ، وقال الترمذي حسن غريب ، وسهيل ليس بالقوي ، ورواه ابن أبي حاتم عن أبيه عن هدبة بن خالد عن سهيل به ، وهكذا رواه أبو يعلى والبزار والبغوي وغيرهم من حديث سهيل القطعي به . آخر تفسير سورة المدثر ، ولله الحمد والمنة .