Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 43-44)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قال مجاهد أراهم الله إياه في منامه قليلاً ، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بذلك ، فكان تثبيتاً لهم ، وكذا قال ابن إسحاق وغير واحد ، وحكى ابن جرير عن بعضهم أنه رآهم بعينه التي ينام بها ، وقد روى ابن أبي حاتم حدثنا أبي ، حدثنا يوسف بن موسى المدبر ، حدثنا أبو قتيبة ، عن سهل السراج عن الحسن في قوله { إِذْ يُرِيكَهُمُ ٱللَّهُ فِى مَنَامِكَ قَلِيلاً } قال بعينك ، وهذا القول غريب ، وقد صرح بالمنام ههنا ، فلا حاجة إلى التأويل الذي لا دليل عليه ، وقوله { وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيراً لَّفَشِلْتُمْ } أي لجبنتم عنهم ، واختلفتم فيما بينكم ، { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ سَلَّمَ } أي من ذلك بأن أراكهم قليلاً { إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } أي بما تكنه الضمائر ، وتنطوي عليه الأحشاء ، { يَعْلَمُ خَآئِنَةَ ٱلأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِى ٱلصُّدُورُ } غافر 19 وقوله { وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ ٱلْتَقَيْتُمْ فِىۤ أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً } وهذا أيضاً من لطفه تعالى بهم ، إذ أراهم إياهم قليلاً في رأي العين ، فيجرئهم عليهم ، ويطمعهم فيهم ، قال أبو إسحاق السبيعي عن أبي عبيدة ، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، قال لقد قللوا في أعيننا يوم بدر ، حتى قلت لرجل إلى جنبي تراهم سبعين ؟ قال لا ، بل هم مائة ، حتى أخذنا رجلاً منهم فسألناه ، فقال كنا ألفاً ، رواه ابن أبي حاتم وابن جرير ، وقوله { وَيُقَلِّلُكُمْ فِىۤ أَعْيُنِهِمْ } قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا سليمان بن حرب ، حدثنا حماد بن زيد ، عن الزبير بن الحارث عن عكرمة { وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ ٱلْتَقَيْتُمْ } الآية ، قال حضض بعضهم على بعض ، إسناد صحيح ، وقال محمد بن إسحاق حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه في قوله تعالى { لِّيَقْضِيَ ٱللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً } أي ليلقي بينهم الحرب للنقمة ممن أراد الانتقام منه ، والإنعام على من أراد تمام النعمة عليه من أهل ولايته ، ومعنى هذا أنه تعالى أغرى كلاً من الفريقين بالآخر ، وقلله في عينه ليطمع فيه ، وذلك عند المواجهة ، فلما التحم القتال ، وأيد الله المؤمنين بألف من الملائكة مردفين ، بقي حزب الكفار يرى حزب الإيمان ضعفيه كما قال تعالى { قَدْ كَانَ لَكُمْ ءَايَةٌ فِي فِئَتَيْنِ ٱلْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَـٰتِلُ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَأُخْرَىٰ كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِّثْلَيْهِمْ رَأْىَ ٱلْعَيْنِ وَٱللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَآءُ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لأُوْلِى ٱلاَْبْصَـٰرِ } آل عمران 13 وهذا هو الجمع بين هاتين الآيتين ، فإن كلاً منهما حق وصدق ، ولله الحمد والمنة .