Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 82, Ayat: 1-12)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى { إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنفَطَرَتْ } أي انشقت كما قال تعالى { السَّمَآءُ مُنفَطِرٌ بِهِ } المزمل 18 { وَإِذَا ٱلْكَوَاكِبُ ٱنتَثَرَتْ } أي تساقطت ، { وَإِذَا ٱلْبِحَارُ فُجِّرَتْ } قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس فجر الله بعضها في بعض . وقال الحسن فجر الله بعضها في بعض ، فذهب ماؤها ، وقال قتادة اختلط عذبها بمالحها . وقال الكلبي ملئت ، { وَإِذَا ٱلْقُبُورُ بُعْثِرَتْ } قال ابن عباس بحثت ، وقال السدي تبعثر تحرك ، فيخرج من فيها { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ } أي إذا كان هذا حصل هذا . وقوله تعالى { يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَـٰنُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلْكَرِيمِ } ؟ هذا تهديد ، لا كما يتوهمه بعض الناس من أنه إرشاد إلى الجواب ، حيث قال الكريم ، حتى يقول قائلهم غره كرمه ، بل المعنى في هذه الآية ما غرك يابن آدم بربك الكريم أي العظيم حتى أقدمت على معصيته ، وقابلته بما لا يليق ؟ كما جاء في الحديث " يقول الله تعالى يوم القيامة يابن آدم ما غرك بي ؟ يابن آدم ماذا أجبت المرسلين ؟ " . قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي ، حدثنا ابن أبي عمر ، حدثنا سفيان أن عمر سمع رجلاً يقرأ { يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَـٰنُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلْكَرِيمِ } ؟ فقال عمر الجهل . وقال أيضاً حدثنا عمر بن شبَّة ، حدثنا أبو خلف ، حدثنا يحيى البكاء ، سمعت ابن عمر يقول ، وقرأ هذه الآية { يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَـٰنُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلْكَرِيمِ } قال ابن عمر غره والله جهله ، قال وروي عن ابن عباس والربيع بن خُثيم والحسن مثل ذلك . وقال قتادة { مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلْكَرِيمِ } شيء ، ما غر ابن آدم غير هذا العدو الشيطان . وقال الفضيل بن عياض لو قال لي ما غرك بي ؟ لقلت ستورك المرخاة . وقال أبو بكر الوراق لو قال لي ما غرك بربك الكريم ؟ لقلت غرني كرم الكريم . قال البغوي وقال بعض أهل الإشارة إنما قال بربك الكريم ، دون سائر أسمائه وصفاته كأنه لقنه الإجابة ، وهذا الذي تخيله هذا القائل ليس بطائل لأنه إنما أتى باسمه الكريم لينبه على أنه لا ينبغي أن يقابل الكريم بالأفعال القبيحة وأعمال الفجور ، وقد حكى البغوي عن الكلبي ومقاتل أنهما قالا نزلت هذه الآية في الأخنس بن شريق ، ضرب النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يعاقب في الحالة الراهنة ، فأنزل الله تعالى { مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلْكَرِيمِ } ؟ . وقوله تعالى { ٱلَّذِى خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ } أي ما غرك بالرب الكريم { ٱلَّذِى خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ } ؟ أي جعلك سوياً مستقيماً ، معتدل القامة منتصبها ، في أحسن الهيئات والأشكال . قال الإمام أحمد حدثنا أبو النضر ، حدثنا حريز ، حدثني عبد الرحمن بن ميسرة عن جبير بن نفير ، عن بسر بن جحاش القرشي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بصق يوماً في كفه ، فوضع عليها أصبعه ، ثم قال " قال الله عز وجل يابن آدم أنى تعجزني ، وقد خلقتك من مثل هذه ؟ حتى إذا سويتك وعدلتك ، مشيت بين بردين ، وللأرض منك وئيد ، فجمعت ومنعت ، حتى إذا بلغت التراقي ، قلت أتصدق ، وأنى أوان الصدقة ؟ " وكذا رواه ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن يزيد بن هارون ، عن حريز بن عثمان به . قال شيخنا الحافظ أبو الحجاج المزي وتابعه يحيى بن حمزة عن ثور بن يزيد عن عبد الرحمن بن ميسرة . وقوله تعالى { فِىۤ أَىِّ صُورَةٍ مَّا شَآءَ رَكَّبَكَ } قال مجاهد في أي شبه أب أو أم أوخال أو عم . وقال ابن جرير حدثني محمد بن سنان القزاز ، حدثنا مطهر بن الهيثم ، حدثنا موسى بن علي بن رباح ، حدثني أبي عن جدي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له " ما ولد لك ؟ " قال يا رسول الله ما عسى أن يولد لي ؟ إما غلام ، وإما جارية . قال " فمن يشبه ؟ " قال يا رسول الله من عسى أن يشبه ؟ إما أباه ، وإما أمه . فقال النبي صلى الله عليه وسلم عندها " مهْ ، لا تقولن هكذا ، إن النطفة إذا استقرت في الرحم ، أحضرها الله تعالى كل نسب بينها وبين آدم ، أما قرأت هذه الآية في كتاب الله تعالى في أي صورة ما شاء ركبك " قال شكلك . وهكذا رواه ابن أبي حاتم والطبراني من حديث مطهر بن الهيثم به ، وهذا الحديث لو صح ، لكان فيصلاً في هذه الآية ، ولكن إسناده ليس بالثابت لأن مطهر بن الهيثم قال فيه أبو سعيد بن يونس كان متروك الحديث ، وقال ابن حبان يروي عن موسى بن علي وغيره ما لا يشبه حديث الأثبات ، ولكن في الصحيحين عن أبي هريرة أن رجلاً قال يا رسول الله إن امرأتي ولدت غلاماً أسود ، قال " هل لك من إبل ؟ " قال نعم ، قال " فما ألوانها ؟ " قال حمر ، قال " فهل فيها من أورق ؟ " قال نعم ، قال " فأنى أتاها ذلك ؟ " قال عسى أن يكون نزعه عرق . قال " وهذا عسى أن يكون نزعة عرق " وقد قال عكرمة في قوله تعالى { فِىۤ أَىِّ صُورَةٍ مَّا شَآءَ رَكَّبَكَ } إن شاء في صورة قرد ، وإن شاء في صورة خنزير ، وكذا قال أبو صالح { فِىۤ أَىِّ صُورَةٍ مَّا شَآءَ رَكَّبَكَ } إن شاء في صورة كلب ، وإن شاء في صورة حمار ، وإن شاء في صورة خنزير . وقال قتادة { فِىۤ أَىِّ صُورَةٍ مَّا شَآءَ رَكَّبَكَ } قال قادر والله ربنا على ذلك ، ومعنى هذا القول عند هؤلاء أن الله عز وجل قادر على خلق النطفة على شكل قبيح من الحيوانات المنكرة الخلق ، ولكن بقدرته ولطفه وحلمه يخلقه على شكل حسن مستقيم معتدل تام حسن المنظر والهيئة . وقوله تعالى { كَلاَّ بَلْ تُكَذِّبُونَ بِٱلدِّينِ } أي إنما يحملكم على مواجهة الكريم ومقابلته بالمعاصي تكذيب في قلوبكم بالمعاد والجزاء والحساب . وقوله تعالى { وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَـٰفِظِينَ كِرَاماً كَـٰتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ } يعني وإن عليكم لملائكة حفظة كراماً ، فلا تقابلوهم بالقبائح فإنهم يكتبون عليكم جميع أعمالكم . قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي ، حدثنا علي بن محمد الطنافسي ، حدثنا وكيع ، حدثنا سفيان ومسعر عن علقمة بن مرثد عن مجاهد عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أكرموا الكرام الكاتبين الذين لا يفارقونكم إلا عند إحدى حالتين الجنابة والغائط ، فإذا اغتسل أحدكم ، فليستتر بجرم حائط ، أو ببعيره ، أو ليستره أخوه " وقد رواه الحافظ أبو بكر البزار ، فوصله بلفظ آخر فقال حدثنا محمد بن عثمان بن كرامة ، حدثنا عبيد الله بن موسى عن حفص بن سليمان عن علقمة بن مرثد عن مجاهد عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله ينهاكم عن التعري ، فاستحيوا من ملائكة الله الذين معكم الكرام الكاتبين الذين لا يفارقونكم إلا عند ثلاث حالات الغائط والجنابة والغسل ، فإذا اغتسل أحدكم بالعراء ، فليستتر بثوبه ، أو بجرم حائط ، أو ببعيره " ثم قال حفص بن سليمان لين الحديث ، وقد روي عنه ، واحتمل حديثه . وقال الحافظ أبو بكر البزار حدثنا زياد بن أيوب ، حدثنا مبشّر بن إسماعيل الحلبي ، حدثنا تمام بن نجيح عن الحسن ، يعني البصري ، عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما من حافظين يرفعان إلى الله عز وجل ما حفظا في يوم ، فيرى في أول الصحيفة وفي آخرها استغفاراً ، إلا قال الله تعالى قد غفرت لعبدي ما بين طرفي الصحيفة " ثم قال تفرد به تمام بن نجيح ، وهو صالح الحديث قلت وثقه ابن معين ، وضعفه البخاري وأبو زرعة وابن أبي حاتم والنسائي وابن عدي ، ورماه ابن حبان بالوضع ، وقال الإمام أحمد لا أعرف حقيقة أمره . وقال الحافظ أبو بكر البزار حدثنا إسحاق بن سليمان البغدادي المعروف بالقلوسي ، حدثنا بيان بن حمران ، حدثنا سلام عن منصور بن زاذان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن لله ملائكة يعرفون بني آدم ــــ وأحسبه قال ويعرفون أعمالهم ــــ فإذا نظروا إلى عبد يعمل بطاعة الله ، ذكروه بينهم ، وسموه ، وقالوا أفلح الليلة فلان ، نجا الليلة فلان ، وإذا نظروا إلى عبد يعمل بمعصية الله ، ذكروه بينهم ، وسموه ، وقالوا هلك الليلة فلان " ، ثم قال البزار سلام هذا أحسبه سلام المدائني ، وهو لين الحديث .