Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 86, Ayat: 1-10)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقسم تبارك وتعالى بالسماء ، وما جعل فيها من الكواكب النيرة ، ولهذا قال تعالى { وَٱلسَّمَآءِ وَٱلطَّارِقِ } ثم قال { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلطَّارِقُ } ثم فسره بقوله { ٱلنَّجْمُ ٱلثَّاقِبُ } قال قتادة وغيره إنما سمي النجم طارقاً لأنه إنما يرى بالليل ، ويختفي بالنهار ، ويؤيده ما جاء في الحديث الصحيح نهى أن يطرق الرجل أهله طروقاً ، أي يأتيهم فجأة بالليل ، وفي الحديث الآخر المشتمل على الدعاء " إلا طارقاً يطرق بخير يا رحمن " وقوله تعالى { ٱلثَّاقِبُ } قال ابن عباس المضيء . وقال السدي يثقب الشياطين إذا أرسل عليها . وقال عكرمة هو مضيء ومحرق للشيطان . وقوله تعالى { إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ } أي كل نفس عليها من الله حافظ يحرسها من الآفات كما قال تعالى { لَهُ مُعَقِّبَـٰتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ } الرعد 11 . وقوله تعالى { فَلْيَنظُرِ ٱلإِنسَـٰنُ مِمَّ خُلِقَ } ؟ تنبيه للإنسان على ضعف أصله الذي خلق منه ، وإرشاد له إلى الاعتراف بالمعاد لأن من قدر على البداءة ، فهو قادر على الإعادة بطريق الأولى كما قال تعالى { وَهُوَ ٱلَّذِى يَبْدَأُ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ } الروم 27 وقوله تعالى { خُلِقَ مِن مَّآءٍ دَافِقٍ } يعني المني ، يخرج دفقاً من الرجل والمرأة ، فيتولد منهما الولد ، بإذن الله عز وجل ، ولهذا قال { يَخْرُجُ مِن بَيْنِ ٱلصُّلْبِ وَٱلتَّرَآئِبِ } يعني صلب الرجل ، وترائب المرأة ، وهو صدرها . وقال شبيب بن بشر عن عكرمة عن ابن عباس { يَخْرُجُ مِن بَيْنِ ٱلصُّلْبِ وَٱلتَّرَآئِبِ } صلب الرجل ، وترائب المرأة ، أصفر رقيق لا يكون الولد إلا منهما ، وكذا قال سعيد بن جبير وعكرمة وقتادة والسدي وغيرهم ، وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو أسامة عن مسعر ، سمعت الحكم ذكر عن ابن عباس { يَخْرُجُ مِن بَيْنِ ٱلصُّلْبِ وَٱلتَّرَآئِبِ } قال هذه الترائب ، ووضع يده على صدره . وقال الضحاك وعطية عن ابن عباس تريبة المرأة موضع القلاده ، وكذا قال عكرمة وسعيد بن جبير ، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس الترائب بين ثدييها ، وعن مجاهد الترائب ما بين المنكبين إلى الصدر ، وعنه أيضاً الترائب أسفل من التراقي ، وقال سفيان الثوري فوق الثديين ، وعن سعيد بن جبير الترائب أربعة أضلاع من هذا الجانب الأسفل . وعن الضحاك الترائب بين الثديين والرجلين والعينين ، وقال الليث بن سعد عن معمر بن أبي حبيبة المدني أنه بلغه في قول الله عز وجل { يَخْرُجُ مِن بَيْنِ ٱلصُّلْبِ وَٱلتَّرَآئِبِ } قال هو عصارة القلب ، من هناك يكون الولد ، وعن قتادة { يَخْرُجُ مِن بَيْنِ ٱلصُّلْبِ وَٱلتَّرَآئِبِ } من بين صلبه ونحره . وقوله تعالى { إِنَّهُ عَلَىٰ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ } فيه قولان أحدهما على رجع هذا الماء الدافق ، إلى مقره الذي خرج منه لقادر على ذلك . قاله مجاهد وعكرمة وغيرهما . والقول الثاني إنه على رجع هذا الإنسان المخلوق من ماء دافق ، أي إعادته وبعثه إلى الدار الآخرة لقادر لأن من قدر على البداءة ، قدر على الإعادة ، وقد ذكر الله عز وجل هذا الدليل في القرآن في غير ما موضع ، وهذا القول قال به الضحاك ، واختاره ابن جرير ، ولهذا قال تعالى { يَوْمَ تُبْلَىٰ ٱلسَّرَآئِرُ } أي يوم القيامة تبلى فيه السرائر ، أي تظهر وتبدو ، ويبقى السر علانية ، والمكنون مشهوراً ، وقد ثبت في الصحيحين عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " يرفع لكل غادر لواء عند استه ، يقال هذه غدرة فلان بن فلان " وقوله تعالى { فَمَا لَهُ } أي الإنسان يوم القيامة { مِّن قُوَّةٍ } أي في نفسه ، { وَلاَ نَاصِرٍ } أي من خارج منه ، أي لا يقدر على أن ينقذ نفسه من عذاب الله ، ولا يستطيع له أحد ذلك .