Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 87, Ayat: 1-13)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قال الإمام أحمد حدثنا أبو عبد الرحمن ، حدثنا موسى ، يعني ابن أيوب الغافقي ، حدثنا عمي إياس بن عامر ، سمعت عقبة بن عامر الجهني لما نزلت { فَسَبِّحْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلْعَظِيمِ } الواقعة 96 قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم " اجعلوها في ركوعكم " فلما نزلت { سَبِّحِ ٱسْمَ رَبِّكَ ٱلأَعْلَىٰ } قال " اجعلوها في سجودكم " ورواه أبو داود وابن ماجه من حديث ابن المبارك عن موسى بن أيوب به . وقال الإمام أحمد حدثنا وكيع ، حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ { سَبِّحِ ٱسْمَ رَبِّكَ ٱلأَعْلَىٰ } قال " سبحان ربي الأعلى " وهكذا رواه أبو داود عن زهير بن حرب عن وكيع به ، قال وخولف فيه وكيع ، رواه أبو وكيع وشعبة عن أبي إسحاق عن سعيد عن ابن عباس موقوفاً . وقال الثوري عن السدي عن عبد خير قال سمعت علياً قرأ { سَبِّحِ ٱسْمَ رَبِّكَ ٱلأَعْلَىٰ } فقال سبحان ربي الأعلى . وقال ابن جرير حدثنا ابن حميد ، حدثنا حكام عن عنبسة عن أبي إسحاق الهمداني أن ابن عباس كان إذا قرأ { سَبِّحِ ٱسْمَ رَبِّكَ ٱلأَعْلَىٰ } يقول سبحان ربي الأعلى ، وإذا قرأ { لاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ ٱلْقِيَـٰمَةِ } القيامة 1 فأتى على آخرها { أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَـٰدِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْيِىَ ٱلْمَوْتَىٰ } القيامة 40 يقول سبحانك وبلى ، وقال قتادة { سَبِّحِ ٱسْمَ رَبِّكَ ٱلأَعْلَىٰ } ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأها قال سبحان ربي الأعلى ، وقوله تعالى { ٱلَّذِى خَلَقَ فَسَوَّىٰ } أي خلق الخليقة ، وسوى كل مخلوق في أحسن الهيئات . وقوله تعالى { وَٱلَّذِى قَدَّرَ فَهَدَىٰ } قال مجاهد هدى الإنسان للشقاوة والسعادة ، وهدى الأنعام لمراتعها . وهذه الآية كقوله تعالى إخباراً عن موسى أنه قال لفرعون { رَبُّنَا ٱلَّذِىۤ أَعْطَىٰ كُلَّ شَىءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ } طه 50 أي قدر قدراً ، وهدى الخلائق إليه ، كما ثبت في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة ، وكان عرشه على الماء " وقوله تعالى { وَٱلَّذِىۤ أَخْرَجَ ٱلْمَرْعَىٰ } أي من جميع صنوف النباتات والزروع ، { فَجَعَلَهُ غُثَآءً أَحْوَىٰ } قال ابن عباس هشيماً متغيراً ، وعن مجاهد وقتادة وابن زيد نحوه . قال ابن جرير وكان بعض أهل العلم بكلام العرب يرى أن ذلك من المؤخر الذي معناه التقديم ، وأن معنى الكلام والذي أخرج المرعى ، أحوى أخضر إلى السواد ، فجعله غثاء بعد ذلك ، ثم قال ابن جرير وهذا وإن كان محتملاً ، إلا أنه غير صواب لمخالفته أقوال أهل التأويل ، وقوله تعالى { سَنُقْرِئُكَ } أي يا محمد { فَلاَ تَنسَىٰ } وهذا إخبار من الله تعالى ، ووعد منه له بأنه سيقرئه قراءة لا ينساها ، { إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ } وهذا اختيار ابن جرير . وقال قتادة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينسى شيئاً إلا ما شاء الله . وقيل المراد بقوله { فَلاَ تَنسَىٰ } طلب ، وجعل معنى الاستثناء على هذا ما يقع من النسخ ، أي لا تنسى ما نقرئك ، إلا ما شاء الله رفعه ، فلا عليك أن تتركه . وقوله تعالى { إِنَّهُ يَعْلَمُ ٱلْجَهْرَ وَمَا يَخْفَىٰ } أي يعلم ما يجهر به العباد وما يخفونه من أقوالهم وأفعالهم ، لا يخفى عليه من ذلك شيء . وقوله تعالى { وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَىٰ } أي نسهل عليك أفعال الخير وأقواله ، ونشرع لك شرعاً سهلاً سمحاً مستقيماً عدلاً ، لا اعوجاج فيه ، ولا حرج ، ولا عسر . وقوله تعالى { فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ ٱلذِّكْرَىٰ } أي ذكر حيث تنفع التذكرة ، ومن ههنا يؤخذ الأدب في نشر العلم ، فلا يضعه عند غير أهله كما قال أمير المؤمنين علي رضي الله عنه ما أنت بمحدث قوماً حديثاً ، لا تبلغه عقولهم ، إلا كان فتنة لبعضهم ، وقال حدث الناس بما يعرفون ، أتحبون أن يكذّب الله ورسوله ؟ وقوله تعالى { سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَىٰ } أي سيتعظ بما تبلغه يا محمد من قلبه يخشى الله ، ويعلم أنه ملاقيه { وَيَتَجَنَّبُهَا ٱلأَشْقَى ٱلَّذِى يَصْلَى ٱلنَّارَ ٱلْكُبْرَىٰ ثُمَّ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَا } أي لا يموت فيستريح ، ولا يحيا حياة تنفعه ، بل هي مضرة عليه لأن بسببها يشعر ما يعاقب به من أليم العذاب وأنواع النكال . قال الإمام أحمد حدثنا ابن أبي عدي عن سليمان ، يعني التيمي ، عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أما أهل النار الذين هم أهلها ، لا يموتون ولا يحيون ، وأما أناس يريد الله بهم الرحمة ، فيميتهم في النار ، فيدخل عليهم الشفعاء ، فيأخذ الرجل أنصاره ، فينبتهم ــــ أو قال ــــ ينبتون ــــ في نهر الحيا ــــ أو قال الحياة ــــ أو قال الحيوان ــــ أو قال نهر الجنة ــــ فينبتون نبات الحبة في حميل السيل " قال وقال النبي صلى الله عليه وسلم " أما ترون الشجرة تكون خضراء ، ثم تكون صفراء ، ثم تكون خضراء ؟ " قال فقال بعضهم كأن النبي صلى الله عليه وسلم كان بالبادية . وقال أحمد أيضاً حدثنا إسماعيل ، حدثنا سعيد بن يزيد عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أما أهل النار الذين هم أهلها ، فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون ، ولكن أناس ــــ أو كما قال ــــ تصيبهم النار بذنوبهم ــــ أو قال بخطاياهم ــــ فيميتهم إماتة ، حتى إذا صاروا فحماً ، أذن في الشفاعة ، فجيء بهم ضبائر ضبائر ، فنبتوا على أنهار الجنة ، فيقال يا أهل الجنة أفيضوا عليهم ، فينبتون نبات الحبة تكون في حميل السيل " قال فقال رجل من القوم حينئذ كأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بالبادية . ورواه مسلم من حديث بشر بن المفضل وشعبة ، كلاهما عن أبي سلمة سعيد بن يزيد به مثله ، ورواه أحمد أيضاً عن يزيد عن سعيد بن إياس الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إن أهل النار الذين لا يريد الله إخراجهم لا يموتون فيها ، ولا يحيون ، وإن أهل النار الذين يريد الله إخراجهم يميتهم فيها إماتة حتى يصيروا فحماً ، ثم يخرجون ضبائر ، فيلقون على أنهار الجنة ، فيرش عليهم من أنهار الجنة ، فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل " وقد قال الله تعالى إخباراً عن أهل النار { وَنَادَوْاْ يٰمَـٰلِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَّـٰكِثُونَ } الزخرف 77 وقال تعالى { لاَ يُقْضَىٰ عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُواْ وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِّنْ عَذَابِهَا } فاطر 36 إلى غير ذلك من الآيات في هذا المعنى .