Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 112-112)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذا نعت المؤمنين الذين اشترى الله منهم أنفسهم وأموالهم بهذه الصفات الجميلة والخلال الجليلة { ٱلتَّـٰئِبُونَ } من الذنوب كلها ، التاركون للفواحش { ٱلْعَـٰبِدُونَ } أي القائمون بعبادة ربهم محافظين عليها ، وهي الأقوال والأفعال ، فمن أخص الأقوال الحمد ، فلهذا قال { ٱلْحَـٰمِدُونَ } ومن أفضل الأعمال الصيام ، وهو ترك الملاذ من الطعام والشراب والجماع ، وهو المراد بالسياحة ههنا ، ولهذا قال { ٱلسَّـٰئِحُونَ } كما وصف أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بذلك في قوله تعالى { سَائِحَاتٍ } التحريم 5 أي صائمات ، وكذا الركوع والسجود ، وهما عبارة عن الصلاة ، ولهذا قال { ٱلرَٰكِعُونَ ٱلسَّـٰجِدونَ } وهم مع ذلك ينفعون خلق الله ويرشدونهم إلى طاعة الله بأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر ، مع العلم بما ينبغي فعله ويجب تركه ، وهو حفظ حدود الله في تحليله وتحريمه علماً وعملاً ، فقاموا بعبادة الحق ، ونصح الخلق ، ولهذا قال { وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } ، لأن الإيمان يشمل هذا كله ، والسعادة كل السعادة لمن اتصف به . بيان أن المراد بالسياحة الصيام قال سفيان الثوري عن عاصم عن زِرّ عن عبد الله بن مسعود قال { ٱلسَّـٰئِحُونَ } الصائمون ، وكذا روي عن سعيد بن جبير والعوفي عن ابن عباس ، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس كل ما ذكر الله في القرآن السياحة هم الصائمون ، وكذا قال الضحاك رحمه الله ، وقال ابن جرير حدثنا أحمد بن إسحاق ، حدثنا أبو أحمد ، حدثنا إبراهيم بن يزيد عن الوليد بن عبد الله عن عائشة رضي الله عنها قالت سياحة هذه الأمة الصيام ، وهكذا قال مجاهد وسعيد بن جبير وعطاء وأبو عبد الرحمن السلمي والضحاك بن مزاحم وسفيان بن عيينة وغيرهم أن المراد بالسائحين الصائمون ، وقال الحسن البصري { ٱلسَّـٰئِحُونَ } الصائمون شهر رمضان ، وقال أبو عمرو العبدي { ٱلسَّـٰئِحُونَ } الذين يديمون الصيام من المؤمنين ، وقد ورد في حديث مرفوع نحو هذا ، وقال ابن جرير حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع ، حدثنا حكيم بن حزام ، حدثنا سليمان عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " السائحون هم الصائمون " وهذا الموقوف أصح ، وقال أيضاً حدثني يونس عن ابن وهب عن عمر بن الحارث عن عمرو بن دينار عن عبيد بن عمير ، قال سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن السائحين ، فقال " هم الصائمون " وهذا مرسل جيد ، وهذا أصح الأقوال وأشهرها . وجاء ما يدل على أن السياحة الجهاد ، وهو ما روى أبو داود في سننه من حديث أبي أمامة أن رجلاً قال يا رسول الله ائذن لي في السياحة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم " سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله " وقال ابن المبارك عن ابن لهيعة ، أخبرني عمارة بن غزية أن السياحة ذكرت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أبدلنا الله بذلك الجهاد في سبيل الله ، والتكبير على كل شرف " وعن عكرمة أنه قال هم طلبة العلم ، وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم هم المهاجرون ، رواهما ابن أبي حاتم ، وليس المراد من السياحة ما قد يفهمه بعض من يتعبد بمجرد السياحة في الأرض ، والتفرد في شواهق الجبال والكهوف والبراري ، فإن هذا ليس بمشروع إلا في أيام الفتن والزلازل في الدين كما ثبت في صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " يوشك أن يكون خير مال الرجل غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر ، يفر بدينه من الفتن " وقال العوفي وعلي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله { وَٱلْحَـٰفِظُونَ لِحُدُودِ ٱللَّهِ } قال القائمون بطاعة الله ، وكذا قال الحسن البصري ، وعنه رواية { وَٱلْحَـٰفِظُونَ لِحُدُودِ ٱللَّهِ } قال لفرائض الله ، وفي رواية القائمون على أمر الله .