Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 58-59)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى { وَمِنْهُمْ } أي ومن المنافقين { مَّن يَلْمِزُكَ } أي يعيب عليك { فِى } قسم { ٱلصَّدَقَـٰتِ } إذا فرقتها ، ويتهمك في ذلك ، وهم المتهمون المأبونون ، وهم مع هذا لا ينكرون للدين ، وإنما ينكرون لحظ أنفسهم ، ولهذا { فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا رَضُواْ وَإِن لَّمْ يُعْطَوْاْ مِنهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ } أي يغضبون لأنفسهم ، قال ابن جريج أخبرني داود بن أبي عاصم قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم بصدقة قسمها هاهنا وههنا ، حتى ذهبت ، قال ووراءه رجل من الأنصار ، فقال ما هذا بالعدل ، فنزلت هذه الآية ، وقال قتادة في قوله { وَمِنْهُمْ مَّن يَلْمِزُكَ فِي ٱلصَّدَقَـٰتِ } يقول ومنهم من يطعن عليك في الصدقات ، وذكر لنا أن رجلاً من أهل البادية حديث عهد بأعرابية ، أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقسم ذهباً وفضة ، فقال يا محمد والله لئن كان الله أمرك أن تعدل ، ما عدلت ، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم " ويلك فمن ذا الذي يعدل عليك بعدي ؟ " ثم قال نبي الله " احذروا هذا وأشباهه فإن في أمتي أشباه هذا ، يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، فإذا خرجوا فاقتلوهم ، ثم إذا خرجوا فاقتلوهم ، ثم إذا خرجوا فاقتلوهم " وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول " والذي نفسي بيده ما أعطيكم شيئاً ، ولا أمنعكموه ، إنما أنا خازن " وهذا الذي ذكره قتادة يشبه ما رواه الشيخان من حديث الزهري عن أبي سلمة عن أبي سعيد في قصة ذي الخويصرة ، واسمه حرقوص ، لما اعترض على النبي صلى الله عليه وسلم حين قسم غنائم حنين ، فقال له اعدل فإنك لم تعدل ، فقال " لقد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل " ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رآه مقفياً " إنه يخرج من ضِئْضِىء هذا قوم يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم ، وصيامه مع صيامهم ، يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية ، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإنهم شر قتلى تحت أديم السماء " وذكر بقية الحديث . ثم قال تعالى منبهاً لهم على ما هو خير لهم من ذلك فقال { وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوْاْ مَآ ءَاتَـٰهُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُواْ حَسْبُنَا ٱللَّهُ سَيُؤْتِينَا ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّآ إِلَى ٱللَّهِ رَٰغِبُونَ } فتضمنت هذه الآية الكريمة أدباً عظيماً وسراً شريفاً ، حيث جعل الرضا بما آتاه الله ورسوله ، والتوكل على الله وحده ، وهو قوله { وَقَالُواْ حَسْبُنَا ٱللَّهُ } ، وكذلك الرغبة إلى الله وحده في التوفيق لطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم وامتثال أوامره وترك زواجره ، وتصديق أخباره والاقتفاء بآثاره .