Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 6-6)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى لنبيه صلوات الله وسلامه عليه { وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } الذين أمرتك بقتالهم ، وأحللت لك استباحة نفوسهم وأموالهم { ٱسْتَجَارَكَ } أي استأمنك ، فأجبه إلى طلبته حتى يسمع كلام الله ، أي القرآن ، تقرؤه عليه ، وتذكر له شيئاً من أمر الدين تقيم به عليه حجة الله { ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ } أي وهو آمن مستمر الأمان حتى يرجع إلى بلاده وداره ومأمنه { ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ } أي إنما شرعنا أمان مثل هؤلاء ليعلموا دين الله ، وتنتشر دعوة الله في عباده . وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد في تفسير هذه الآية قال إنسان يأتيك ليسمع ما تقول ، وما أنزل عليك ، فهو آمن حتى يأتيك فتسمعه كلام الله ، وحتى يبلغ مأمنه حيث جاء ، ومن هذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي الأمان لمن جاءه مسترشداً أو في رسالة ، كما جاءه يوم الحديبية جماعة من الرسل من قريش ، منهم عروة بن مسعود ومكرز بن حفص وسهيل بن عمرو وغيرهم ، واحداً بعد واحد ، يترددون في القضية بينه وبين المشركين ، فرأوا من إعظام المسلمين رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بهرهم ، وما لم يشاهدوه عند ملك ولا قيصر ، فرجعوا إلى قومهم ، وأخبروهم بذلك ، وكان ذلك وأمثاله من أكبر أسباب هداية أكثرهم ، ولهذا أيضاً لما قدم رسول مسيلمة الكذاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له " أتشهد أن مسيلمة رسول الله ؟ " قال نعم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لولا أن الرسل لا تقتل ، لضربت عنقك " وقد قيض الله له ضرب العنق في إمارة ابن مسعود على الكوفة ، وكان يقال له ابن النواحة ، ظهر عنه في زمان ابن مسعود أنه يشهد لمسيلمة بالرسالة ، فأرسل إليه ابن مسعود ، فقال له إنك الآن لست في رسالة ، وأمر به فضربت عنقه ، لا رحمه الله ، ولعنه . والغرض أن من قدم من دار الحرب إلى دار الإسلام في أداء رسالة ، أو تجارة ، أو طلب صلح ، أو مهادنة ، أو حمل جزية ، أو نحو ذلك من الأسباب ، وطلب من الإمام أو نائبه أماناً ، أعطي أماناً ما دام متردداً في دار الإسلام ، وحتى يرجع إلى مأمنه ووطنه ، لكن قال العلماء لا يجوز أن يمكن من الإقامة في دار الإسلام سنة ، ويجوز أن يمكن من إقامة أربعة أشهر ، وفيما بين ذلك فيما زاد على أربعة أشهر ، ونقص عن سنة ، قولان عن الإمام الشافعي وغيره من العلماء رحمهم الله .