Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 91-93)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم بين تعالى الأعذار التي لا حرج على من قعد معها عن القتال ، فذكر منها ما هو لازم للشخص لا ينفك عنه ، وهو الضعف في التركيب الذي لا يستطيع معه الجلاد في الجهاد ، ومنه العمى والعرج ونحوهما ، ولهذا بدأ به ، ومنه ما هو عارض بسبب مرض عنّ له في بدنه شغله عن الخروج في سبيل الله ، أو بسبب فقره لا يقدر على التجهيز للحرب ، فليس على هؤلاء حرج إذا قعدوا ونصحوا في حال قعودهم ، ولم يرجفوا بالناس ، ولم يثبطوهم ، وهم محسنون في حالهم هذا ، ولهذا قال { مَا عَلَى ٱلْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } وقال سفيان الثوري عن عبد العزيز بن رفيع عن أبي ثمامة رضي الله عنه قال قال الحواريون يا روح الله أخبرنا عن الناصح لله ؟ قال الذي يؤثر حق الله على حق الناس ، وإذا حدث له أمران ، أو بدا له أمر الدنيا وأمر الآخرة ، بدأ بالذي للآخرة ، ثم تفرغ للذي للدنيا . وقال الأوزاعي خرج الناس إلى الاستسقاء ، فقام فيهم بلال بن سعد ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال يا معشر من حضر ألستم مقرين بالإساءة ؟ قالوا اللهم نعم ، فقال اللهم إنا نسمعك تقول { مَا عَلَى ٱلْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ } اللهم وقد أقررنا بالإساءة ، فاغفر لنا ، وارحمنا ، واسقنا ، ورفع يديه ، ورفعوا أيديهم فسقوا . وقال قتادة نزلت هذه الآية في عائذ بن عمرو المزني . وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي ، حدثنا هشام بن عبيد الله الرازي ، حدثنا ابن جابر عن ابن فروة عن عبدالرحمن بن أبي ليلى عن زيد بن ثابت قال كنت أكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فكنت أكتب براءة ، فإني لواضع القلم على أذني ، إذ أمرنا بالقتال ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر ما ينزل عليه ، إذ جاء أعمى فقال كيف بي يا رسول الله وأنا أعمى ؟ فنزلت { لَّيْسَ عَلَى ٱلضُّعَفَآءِ } الآية . وقال العوفي عن ابن عباس في هذه الآية وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الناس أن ينبعثوا غازين معه ، فجاءته عصابة من أصحابه فيهم عبد الله بن مغفل بن مقرن المزني فقالوا يارسول الله احملنا فقال لهم " والله لا أجد ما أحملكم عليه " فتولوا وهم يبكون ، وعز عليهم أن يجلسوا عن الجهاد ولا يجدون نفقة ولا محملاً . فلما رأى الله حرصهم على محبته ومحبة رسوله ، أنزل عذرهم في كتابه فقال { لَّيْسَ عَلَى ٱلضُّعَفَآءِ } إلى قوله { فَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } . وقال مجاهد في قوله { وَلاَ عَلَى ٱلَّذِينَ إِذَا مَآ أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ } نزلت في بني مقرن من مزينة ، وقال محمد بن كعب كانوا سبعة نفر من بني عمرو بن عوف سالم بن عمير ، ومن بني واقف حرمي بن عمرو ، ومن بني مازن بن النجار عبد الرحمن بن كعب ، ويكنى أبا ليلى ، ومن بني المعلى سلمان بن صخر ، ومن بني حارثة ، عبد الرحمن بن يزيد أبو عبلة ، وهو الذي تصدق بعرضه ، فقبله الله منه ، ومن بني سَلِمة عمرو بن عنمة ، وعبد الله بن عمرو المزني ، وقال محمد بن إسحاق في سياق غزوة تبوك ثم إن رجالاً من المسلمين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم البكاؤون ، وهم سبعة نفر من الأنصار وغيرهم ، من بني عمرو بن عوف سالم بن عمير ، وعلبة بن زيد أخو بني حارثة ، وأبو ليلى عبد الرحمن بن كعب أخو بني مازن بن النجار ، وعمرو بن الحمام بن الجموح أخو بني سلمة ، وعبد الله بن المغفل المزني ، وبعض الناس يقول بل هو عبد الله بن عمرو المزني ، وهَرَميّ بن عبد الله أخو بني واقف ، وعِرْباض بن سارية الفزاري ، فاستحملوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا أهل حاجة ، فقال { لاَ أَجِدُ مَآ أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ ٱلدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنْفِقُونَ } . وقال ابن أبي حاتم حدثنا عمر بن الأودي ، حدثنا وكيع عن الربيع عن الحسن قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لقد خلفتم بالمدينة أقواماً ، ما أنفقتم من نفقة ، ولا قطعتم وادياً ، ولا نلتم من عدو نيلاً ، إلا وقد شركوكم في الأجر " ثم قرأ { وَلاَ عَلَى ٱلَّذِينَ إِذَا مَآ أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَآ أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ } الآية ، وأصل الحديث في الصحيحين من حديث أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إن بالمدينة أقواماً ، ما قطعتم وادياً ، ولا سرتم سيراً ، إلا وهم معكم " قالوا وهم بالمدينة ؟ قال " نعم ، حبسهم العذر " ، وقال الإمام أحمد حدثنا وكيع ، حدثنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لقد خلفتم بالمدينة رجالاً ، ما قطعتم وادياً ، ولا سلكتم طريقاً ، إلا شركوكم في الأجر حبسهم المرض " ورواه مسلم وابن ماجه من طرق عن الأعمش به ، ثم رد تعالى الملامة على الذين يستأذنون في القعود وهم أغنياء ، وأنبهم في رضاهم بأن يكونوا مع النساء الخوالف في الرحال { وَطَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } .