Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 92, Ayat: 12-21)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قال قتادة { إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَىٰ } أي نبين الحلال والحرام ، وقال غيره من سلك طريق الهدى ، وصل إلى الله ، وجعله كقوله تعالى { وَعَلَى ٱللَّهِ قَصْدُ ٱلسَّبِيلِ } النحل 9 حكاه ابن جرير ، وقوله تعالى { وَإِنَّ لَنَا لَلأَخِرَةَ وَٱلأُولَىٰ } أي الجميع ملكنا ، وأنا المتصرف فيهما . وقوله تعالى { فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّىٰ } قال مجاهد أي توهج . قال الإمام أحمد حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة عن سماك بن حرب ، سمعت النعمان بن بشير يخطب يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يقول " أنذرتكم النار " حتى لو أن رجلاً كان بالسوق ، لسمعه من مقامي هذا ، قال حتى وقعت خميصة كانت على عاتقه عند رجليه . وقال الإمام أحمد حدثنا محمد بن جعفر ، حدثني شعبة ، حدثني أبو إسحاق ، سمعت النعمان بن بشير يخطب ويقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " إن أهون أهل النار عذاباً يوم القيامة رجل توضع في أخمص قدميه جمرتان يغلي منهما دماغه " رواه البخاري . وقال مسلم حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا أبو أسامة عن الأعمش عن أبي إسحاق عن النعمان بن بشير قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن أهون أهل النار عذاباً من له نعلان وشراكان من نار يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل ، ما يرى أن أحداً أشد منه عذاباً ، وإنه لأهونهم عذاباً " وقوله تعالى { لاَ يَصْلَـٰهَآ إِلاَّ ٱلأَشْقَى } أي لا يدخلها دخولاً يحيط به من جميع جوانبه إلا الأشقى ، ثم فسره فقال { ٱلَّذِى كَذَّبَ } أي بقلبه { وَتَوَلَّىٰ } أي عن العمل بجوارحه وأركانه . قال الإمام أحمد حدثنا حسن بن موسى ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا عبد ربه بن سعيد عن المقبري عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يدخل النار إلا شقي " قيل ومن الشقي ؟ قال " الذي لا يعمل بطاعة ، ولا يترك لله معصية " . وقال الإمام أحمد حدثنا يونس وسريج قالا حدثنا فليح عن هلال بن علي عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كل أمتي تدخل الجنة يوم القيامة إلا من أبى " قالوا ومن يأبى يا رسول الله ؟ قال " من أطاعني دخل الجنة ، ومن عصاني فقد أبى " رواه البخاري عن محمد بن سنان عن فليح به . وقوله تعالى { وَسَيُجَنَّبُهَا ٱلأَتْقَى } أي وسيزحزح عن النار التقي النقي ، ثم فسره بقوله { ٱلَّذِى يُؤْتِى مَالَهُ يَتَزَكَّىٰ } أي يصرف ماله في طاعة ربه ليزكي نفسه وماله وما وهبه الله من دين ودنيا { وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَىٰ } أي ليس بذله ماله في مكافأة من أسدى إليه معروفاً ، فهو يعطي في مقابلة ذلك ، وإنما دفعه ذلك { ٱبْتِغَآءَ وَجْهِ رَبِّهِ ٱلأَعْلَىٰ } أي طمعاً في أن يحصل له رؤيته في الدار الآخرة في روضات الجنات . قال الله تعالى { وَلَسَوْفَ يَرْضَىٰ } أي ولسوف يرضى من اتصف بهذه الصفات ، وقد ذكر غير واحد من المفسرين أن هذه الآيات نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، حتى إن بعضهم حكى الإجماع من المفسرين على ذلك ، ولا شك أنه داخل فيها ، وأولى الأمة بعمومها فإن لفظها العموم ، وهو قوله تعالى { وَسَيُجَنَّبُهَا ٱلأَتْقَى ٱلَّذِى يُؤْتِى مَالَهُ يَتَزَكَّىٰ وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَىٰ } ولكنه مقدم الأمة ، وسابقهم في جميع هذه الأوصاف وسائر الأوصاف الحميدة ، فإنه كان صديقاً تقياً كريماً جواداً بذالاً لأمواله في طاعة مولاه ونصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكم من دراهم ودنانير بذلها ابتغاء وجه ربه الكريم ولم يكن لأحد من الناس عنده منّة يحتاج إلى أن يكافئه بها ، ولكن كان فضله وإحسانه على السادات والرؤساء من سائر القبائل ، ولهذا قال له عروة بن مسعود ، وهو سيد ثقيف ، يوم صلح الحديبية أما والله لولا يد لك عندي لم أجزك بها ، لأجبتك ، وكان الصديق قد أغلظ له في المقالة ، فإن كان هذا حاله مع سادات العرب ورؤساء القبائل ، فكيف بمن عداهم ؟ ولهذا قال تعالى { وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَىٰ إِلاَّ ٱبْتِغَآءَ وَجْهِ رَبِّهِ ٱلأَعْلَىٰ وَلَسَوْفَ يَرْضَىٰ } . وفي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " من أنفق زوجين في سبيل الله ، دعته خزنة الجنة يا عبد الله هذا خير " فقال أبو بكر يا رسول الله ما على من يدعى منها ضرورة ، فهل يدعى منها كلها أحد ؟ قال " نعم وأرجو أن تكون منهم " آخر تفسير سورة الليل ، ولله الحمد والمنة .