Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 1-1)
Tafsir: Aysar at-tafāsīr: tafsīr, asbāb nuzūl, aḥādīṯ, namāḏiǧ iʿrāb
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ سُبْحَانَ } { ٱلأَقْصَى } { بَارَكْنَا } { آيَاتِنَآ } ( 1 ) - يُمَجِّدُ اللهُ تَعَالَى نَفْسَهُ الكَرِيمَةَ ، وَيُنَزِّهُهَا عَنْ شِرْكِ مَنْ أَشْرَكَ ، وَيُعَظِّمُ شَأْنَهُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى مَا لاَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ ، فَقَدْ أَسْرَى بِعَبْدِهِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم لَيْلاً مِنْ مَكَّةَ ( المَسْجِدِ الحَرَامِ ) ، إِلَى بَيْتِ المَقْدِسِ ( المَسْجِدِ الأَقْصَى ) ، وَهُوَ المَسْجِدُ الَّذِي بَارَكَ اللهُ مَا حَوْلَهُ ، مِنْ زُرُوعٍ وَثِمَارٍ وَنَبَاتٍ … لِيُرِيَ عَبْدَهُ مُحَمَّداً ، مِنْ آيَاتِهِ العِظَامِ ، مَا فِيهِ الدَّلِيلُ القَاطِعُ عَلَى وَحْدَانِيَّتِهِ ، وَعَظِيمِ قُدْرَتِهِ ، وَهُوَ السَّمِيعُ لأَقْوَالِ العِبَادِ ، البَصِيرُ بِأَحْوَالِهِمْ . ( كَانَ الإِسْرَاءُ قَبْلَ خَمْسِ سِنِينَ مِنَ الهِجْرَةِ ، فَأَسْرَى اللهُ تَعَالَى بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَكَّةَ إِلَى بَيْتِ المَقْدِسِ ، ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلى السَّمَاءِ ، وِفْقاً لِمَا جَاءَ فِي الأَحَادِيثِ الثَّابِتَةِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ) . ( وَاخْتَلَفَ المُفَسِّرُونَ حَوْلَ مَا إِذَا كَانَ الإِسْرَاءُ قَدْ تَمَّ بِبَدَنِهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ ، أَوْ بِرُوحِهِ فَقَطْ . وَأَكْثَرُ الفُقَهَاءِ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ أُسْرِيَ بِهِ بِبَدَنِهِ وَرُوحِهِ ، يَقْظَةً لاَ مَنَاماً . وَلَمَّا حَدَّثَ الرَّسُولُ قُرَيْشاً بِإِسْرَائِهِ اسْتَغْرَبُوا ذلِكَ كَثِيراً ، وَأَخَذُوا يَسْأَلُونَهُ عَنْ صِفَاتِ بَيْتِ المَقْدِسِ ، فَأَخَذَ يَصِفُهُ لَهُمْ ، فَقَالُوا : أَمَّا النَّعْتَ فَصَحِيحٌ . وَيَسْتَدِلُّونَ عَلَى أَنَّهُ أُسْرِيَ بِهِ بِبَدَنِهِ أَنَّ اللهَ تَعَالَى بَدَأَ السُّورَةَ بِقَوْلِهِ : { سُبْحَانَٱلَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ } ، فَالتَّسْبِيحُ إِنَّما يَكُونُ عِنْدَ الأُمُورِ العِظَامِ ، فَلَوْ كَانَ الأَمْرُ لَمْ يَتَعَدَّ المَنَامَ لَمْ يَكُنْ فِيهِ كَبِيرُ شَيْءٍ ، وَلَمْ يَكُنْ مُسْتَعْظَماً ، وَلَمَا ارْتَدَّتْ جَمَاعَةٌ مِنَ المُسْلِمِينَ عَنِ الإِسْلاَمِ ، وَلَمَا بَادَرَتْ قُرَيْشٌ إِلَى تَكْذِيبِهِ ، ثُمَّ إِنَّ عِبَارَةَ ( عَبْدِهِ ) تَدُلُّ عَلَى مَجْمُوعِ الرُّوحِ وَالجَسَدِ . وَقَالَ تَعَالَى فِي آيَةٍ أُخْرَى عَنْ هذا الإِسْرَاءِ : { مَا زَاغَ ٱلْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ } وَالبَصَرُ مِنَ آلاَتِ الذَّاتِ لاَ الرُّوحِ . وَمَنْ آمَنَ بِقُدْرَتِهِ تَعَالَى التِي لاَ حُدُودَ لَهَا ، لاَ يَسْتَعْظِمُ أَنْ يُسْرِيَ اللهُ بِرَسُولِهِ مِنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلى المَسْجِدِ الأَقْصَى بِجَسَدِهِ ، لأَِنَّ الإِسْرَاءَ بِالنَّبِيِّ بِجَسَدِهِ هُوَ أَمَامَ قُدْرَةِ اللهِ فِي مِثْلِ السُّهُولَةِ التِي يُسْرَى بِهِ بِرُوحِهِ ، وَلِذَلِكَ فَلاَ يَسْتَغْرِبْ مُؤْمِنٌ بِاللهِ وُقُوعَ هذا الحَادِثِ ) . وَقَدْ جَاءَ فِي كُتُبِ بَنِي إِسْرَائِيلَ نُبُوءتَانِ لِنَبِيَّيْنِ مِنْ أَنْبِيَائِهِمْ تُشِيرَ أُولاَهُما إِلَى أَنَّ سَيِّدَ الرُّسُلِ أَوْ رَسُولَ اللهِ سَيَزُورُ بَيْتَ المَقْدِسِ ( الهَيْكَلَ ) فَجْأَةً . وَتَقُولُ الأٌخْرَى إِنَّهُ سَيُعْرَجُ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ لِيَمْثُلَ فِي حِضْرَةِ الرَّبِّ العَظِيمِ لِيَمْنَحَهُ المَجْدَ وَالسُّلْطَانَ لإِبَادَةِ الشِرْكِ مِنَ الأَرْضِ . وَلَمْ يَدَّعِ أَحَدٌ قَبْلَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم هَذَا الشَّرَفَ العَظِيمَ ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُحَمَّدٌ هُوَ المَقْصُودَ بِالنبوءَتَيْنِ .