Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 143-143)

Tafsir: Aysar at-tafāsīr: tafsīr, asbāb nuzūl, aḥādīṯ, namāḏiǧ iʿrāb

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ جَعَلْنَاكُمْ } { إِيمَانَكُمْ } { لَرَؤُوفٌ } ( 143 ) - كَانَ النَّاسُ ، قَبْلَ الإِسْلامِ ، فِئَتِينِ : - فِئَةً مَادِّيَّةً لاَ هَمَّ لَهَا إِلاَّ تَحْقيقُ مَا يَتَطَلَّبُهُ الجَسَدُ وَلَذَائِذُهُ كَالمُشْرِكينَ وَاليَهُودِ ، وَقَالُوا إِنْ هيَ إِلاَّ حَيَاتُنا الدُّنيا ، وَمَا يُهْلِكُنا إِلاَّ الدَّهرُ . - وَفِئَةً طَغَتْ عَلَيها النَّزعَةُ الرُّوحَانِيَّةُ الخَالِصَةُ ، وَسَيْطَرَتْ عَلَيهَا فِكْرَةُ تَرْكِ الدُّنيا وَمَا فِيها مِنَ اللَّذائِذِ الجَسَدِيَّةِ كَالنَّصَارَى وَالصَابِئَةِ وَبَعْضِ طَوَائِفِ الهُنُودِ . فَجَاءَ الإِسلامُ لِيَجْعَلَ المُسْلِمِينَ وَسَطاً بَيْنَ هؤلاءِ وَهؤُلاءِ ، فَقَالَ بِتَحقيقِ مَطَالِبِ الجَسَدِ بِلا إِسْرافٍ وَلاَ مُبَالَغَةٍ ، مَعَ المُحَافَظَةِ عَلَى السُمُوِّ الرُّوحِيِّ ، لأَِنَّ الإِنسَانَ جَسَدٌ وَرُوحٌ . وََقَدْ جَعَلَ اللهَ المُسْلِمِينَ أُمَّةً وَسَطاً لَِيَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى المَادِيِّينَ الذِينَ فَرَّطُوا في جَنْبِ اللهِ ، وَأخلَدُوا إِلى اللَّذاتِ ، وَصَرَفُوا أنفُسَهُمْ عَنْ قَضَايَا الرُّوحِ ، وَشُهَداءَ عَلَى الغُلاةِ في الرُّوحَانِيَّةِ الذِينَ قَالُوا بِتَخَلِّي الإِنسَانِ عن اللَّذاتِ الجَسَدِيَّةِ ، وَبِحِرْمَانِ النَّفْسِ مِنْ جَميعِ مَا أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ فِي هذهِ الحَيَاةِ الدُّنيا . وَلِيَكُونَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم ، وَهُوَ القُدوَةُ والمَثَلُ الأَعلَى لِلمُؤْمِنينَ باللهِ ، شَهِيداً عَلَى المُسلِمِينَ إِن كَانُوا اتَّبعُوا سِيرَتَهُ وَشَرْعَهُ ، أَوِ انحَرَفُوا وَحَادُوا عَنِ الاعتِدالِ . وَيَقُولُ اللهُ تََعَالَى إِنَّهُ إِنَّما شَرَعَ لِلنَّبِيِّ التَّوَجُّهَ إِلى بَيْتِ المَقْدِسِ أَوَّلاً ، ثُمَّ صَرَفَهُ إِلَى البَيتِ الحَرَامِ لِيَظْهَرَ مَنْ يَتَّبعُ النَّبِيَّ وَيُطِيعُهُ وَيَتَّجِهُ حَيثُما اتَّجَهَ ، دُونَ تَشَكُّكٍ وَلا ارتِيابٍ ، ممَّن يَرْتَدُّ عَنْ دِينِهِ ( يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ ) ، وَإِنْ كَانَ فِي هذا الصَّرفِ عَنْ بيتِ المَقْدِسِ مَشَقَّةٌ عَلَى النُّفُوسِ ، غَيرَ النُّفُوسِ التِي هَدَاهَا اللهُ إِلى الإِيمَان ، وَلِيَظْهَرَ مَنْ يُصَدِّقُ الرَّسُولَ وَمَا جَاءَ إِليهِ مِنْ رَبِّهِ بِصُورَةٍ مُطْلَقةٍ ؛ وَهؤُلاءِ المُؤْمِنُونَ المُصَدِّقُونَ يَكُونُ الأمرُ عَلَيهِمْ سَهْلاً يَسِيراً . وَرَدَّ اللهُ تَعَالَى عَلَى المُتَسَائِلينَ عَلَى أَحْوالِ قَومٍ مِنَ المُسلِمِينَ كَانُوا يُصَلُّونَ إِلى بيتِ المَقْدِسِ ، ثُمَّ مَاتُوا قَبلَ أن تُحَوَّلَ القِبْلَةُ إِلى الكَعْبَةِ ، فَقَالَ لَهُمْ : إِنَّ اللهُ لا يُضِيعُ أَجْرَ المُؤْمِنِينَ المُحْسِنينَ ، فَاللهُ تَعَالَى رَؤُوفٌ بِالنَّاسِ رَحِيمٌ . أُمَّةً وَسَطاً : خِيَاراً أَوْ مُتَوَسِّطِينَ مُعْتَدِلِينَ . يَنْقَلبُ عَلَى عَقِبَيْهِ - يَرْتَدُّ عَنِ الإِسْلاَمِ عِنْدَ تَحوِيلِ القِبْلَةِ إِلَى الكَعْبَةِ . لَكَبِيرَةٌ - لَشَاقَّةٌ عَلَى النُّفُوسِ .