Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 154-154)
Tafsir: Aysar at-tafāsīr: tafsīr, asbāb nuzūl, aḥādīṯ, namāḏiǧ iʿrāb
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ طَآئِفَةً } { طَآئِفَةٌ } { ٱلْجَاهِلِيَّةِ } { هَاهُنَا } ( 154 ) - أصْبَحَ المُسْلِمُونَ بَعْدَ وَقْعَةِ أحُدٍ فَرِيقَيْنِ : 1 - فَرِيقاً ذَكَرُوا مَا أَصَابَهُمْ فَعَرَفوا أنَّهُ كَانَ بِتَقْصِيرٍ مِنْ بَعْضِهِمْ ، وَذَكَرُوا وَعْدَ اللهِ بِنَصْرِهِمْ ، فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ ، وَوَثِقُوا بِوَعْدِ رَبِّهِمْ ، وَأيْقَنُوا أنَّهُمْ إنْ غُلِبُوا فِي هَذِهِ المَرَّةِ ، بِسَبَبِ مَا أصَابَهُمْ مِنَ الفَشَلِ وَالتَّنَازُعِ وَعِصْيَانِ الرَّسُولِ فِيمَا أمَرَ ، فَإنَّ اللهَ سَيَنْصُرُهُمْ بَعْدُ ، فَأنْزَلَ اللهُ عَليهِمِ النُّعَاسَ أَمَنَةً ، حَتَّى يَسْتَرِدُّوا مَا فَقَدُوا مِنْ قُوَّةٍ وَأمْنٍ ، وَلِيَذْهَبَ عَنْهُمْ مَا لَحِقَهُمْ مِنْ خَوْفٍ . 2 - وَفَرِيقاً أَذْهَلَهُمُ الخُوْفُ حَتَّى صَارُوا مَشْغُولِينَ عَنْ كُلِّ مَا سِوَاهُمْ إذِ الوُثُوقُ بِوَعْدِ اللهِ ، وَوَعْدِ رَسُولِهِ ، لَمْ يَصِلْ إلَى قَرَارَةِ نُفُوسِهِمْ ، لأِنَّهُمْ كَانُوا غَيْرَ مُؤْمِنِينَ حَقّاً ، فَعَظُمَ الخَوْفُ عَلَيْهِمْ ، حَتَّى ظَنُّوا بِاللهِ غَيْرَ الظَّنِّ الحَقِّ ، إذْ كَانُوا يَقُولُونَ فِي أنْفُسِهِمْ : لَوْ كَانَ مُحَمَّدٌ نَبِيّاً حَقّاً لَمَا نَصَرَ اللهُ الكُفَّارَ عَلَيْهِ ، وَهَذَا مَقَالٌ لاَ يَقُولُهُ إلاَّ أَهْلُ الشِّرْكِ . وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ لِبَعْضٍ عَلَى سَبِيلِ الإِنْكَارِ : هَلْ لَنَا مِنَ النَّصْرِ وَالفَتْحِ والظَّفْرِ نَصِيبٌ ؟ { هَل لَّنَا مِنَ ٱلأَمْرِ مِن شَيْءٍ } ، وَهُمْ يَعْنُونَ أنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ شَيءٌ ، وَكَانَ مَا حَدَثَ فِي ذَلِِكَ اليَوْمِ دَلِيلاً ، فِي نَظَرِهِمْ ، عَلَى أنَّ دِينَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم لَيْسَ بِحَقٍّ . وَيَرُدُّ اللهُ تَعَالَى عَلَيهِمْ قَائِلاً : إنَّ كُلَّ مَا يَجْرِي هُوَ بِقَدَرِ اللهِ ، وَبِحَسَبِ سُنَنِهِ فِي الخَلِيقَةِ وَلِذَلِكَ فَلاَ أَمْرَ لأحَدٍ غَيْرِ اللهِ . ثُمَّ يَكْشِفُ تَعَالَى عَنْ خَبِيئَةِ نُفُوسِ هَؤُلاَءِ فَيَقُولُ : إِنَّهُمْ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لاَ يُبْدُونَ لَكَ ، فَنُفُوسُهُمْ مَلأى بِالوَسَاوِسِ وَالهَوَاجِسِ ، وَالاعْتِرَاضَاتِ ، وَيَقُولُونَ لَوْ كَانَ أمْرُ النَّصْرِ وَالظَّفْرِ بَأيْدِينَا كَمَا ادَّعَى مُحَمَّدٌ : ( وَهُوَ أنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ للهِ وَلأوْلِيائِهِ وَأَنَّهُمْ هُمُ الغَالِبُونَ ) لَمَا غُلِبْنَا ، وَلَمَا قُتِلَ مِنَ المُسْلِمِينَ مَنْ قُتِلَ فِي هَذِهِ المَعْرَكَةِ ، فَهُمْ يَظُنُّونَ أنَّ خِطَّةَ القِيَادَةِ هِيَ التِي أَوْصَلَتْهُمْ إلَى التَّهْلُكَةِ . وَيَقُولُ تَعَالَى مُصَحِّحاً قَوْلَ هَؤُلاءِ وَاعْتِقَادَهُمْ ، قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ : إنَّ قَدَرَ اللهِ سَيَقَعُ لاَ مَحَالَةَ ، وَلَوْ كَانَ الذِينَ كُتِبَ عَلَيهِم القَتْلُ مَوْجُودِينَ فِي بُيُوتِهِمْ لَخَرَجُوا ، دُونَ دَعْوَةٍ مِنْ أَحَدٍ إلَى حَيْثُ قُدِّرَ لَهُمْ أنْ يُقْتَلُوا ، ليُقْتَلُوا . فَهُنَاكَ أَجَلٌ مَكْتُوبٌ لاَ يَسْتَقْدِمُ وَلاَ يَسْتَأْخِرُ ، وَجَعَلَ اللهُ الأمْرَ كُلَّهُ ابْتِلاءً مِنْهُ ، واخْتِبَاراً لِمَا فِي صُدُورِ المُؤْمِنِينَ وَقُلُوبِهِمْ ، وَتَمْحِيصاً لِمَا فِي نُفُوسِهِمْ وَتَطْهِيراً . وَلَيْسَ كَالحَقِّ كَاشِفٌ لِلنُّفُوسِ وَالحَقَائِقِ ، وَاللهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ، وَبِالأسْرَارِ الخَفِيَّةِ . الأَمنَةُ - الأَمْنُ . يَغْشَى - يَُغَطِّي وَيَسْتُرُ ، أيْ يَسْتَولي عَلَيهِم النُّعَاسُ . لَبَرَزَ - لَخَرَجَ . لِيُمَحِّصَ - لِيُنَقِّيَ وَيَكْشِفَ . ذَاتِ الصُّدُورِ - السَّرَائِرِ .