Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 3-3)
Tafsir: Aysar at-tafāsīr: tafsīr, asbāb nuzūl, aḥādīṯ, namāḏiǧ iʿrāb
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ بِٱلأَزْلاَمِ } { يَئِسَ } { ٱلإِسْلٰمَ } ( 3 ) - يُبَيِّنُ اللهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الآيَةِ مَا حَرَّمَ أكْلَهُ عَلَى عِبَادِهِ مِنْ لَحْمِ الأنْعَامِ وَهِيَ : المَيْتَةُ - وَهِيَ التِي مَاتَتْ حَتْفَ أَنْفِهَا مِنْ غَيْرِ ذَكَاةٍ وَلاَ اصْطِيَادٍ وَذَلِكَ لِمَا فِيهَا مِنَ المَضَرَّةِ ، وَيُسْتَثْنَى مِنَ المَيْتَةِ السَّمَكُ ، فَإنَّهُ حَلالٌ سَوَاءٌ مَاتَ بتَذْكِيَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا . وَالدَّمُ المَسْفُوحُ - وَهُوَ الدَّمُ الذِي يَسِيلُ مِنَ الحَيَوَانَاتِ . وَكَانَ الأَعْرَابُ فِي البَادِيَةِ إذا جَاعُوا فِي الصَّحْرَاءِ يَأخُذُونَ شَيْئاً مُحَدَّداً مِنْ عَظْمٍ أوْ نَحْوِهِ فَيَفْصِدُونَ بِهِ حَيَواناً فَيَجْمَعُونَ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ مِنْ دَمٍ فَيَشْرَبُونَهُ ، فَحَرَّمَ اللهُ ذَلِكَ . وَجَاءَ فِي الحَدِيثِ : أحِلَّتْ لَنَا مِيتَتَانِ وَدَمَانِ ، فَأمَّا المِيتَتَانِ فَالسَّمَكُ وَالجَرَادُ ، وَأمَّا الدَّمَانِ فَالكَبِدُ وَالطِّحَالُ . ( رَوَاهُ أحْمَدُ وَالبَيْهَقِيُّ ) . لَحْمُ الخِنْزِيرِ - إنْسِيَّهِ وَوَحْشِيِّهِ . فَلَحْمُهُ حَرَامٌ . مَا أهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ - أيْ مَا ذُبِحَ فَذُكِرَ اسْمٌ غَيْرُ اسْمِ اللهِ عِنْدَ ذَبْحِهِ . لأنَّ اللهَ تَعَالَى أوْجَبَ أنْ تُذْبَحَ الأنْعَامُ عَلَى اسْمِهِ العَظِيمِ . ( وَالإِهْلالُ هُوَ رَفْعُ الصَّوْتِ ، وَالإِهْلالُ هُنَا رَفْعُ الصَّوْتِ بِذِكْرِ اسْمٍ غَيْرِ اسْمِ اللهِ عِنْدَ الذَّبْحِ ) . المُنْخَنِقَةُ - وَهِيَ التِي تَمُوتُ خَنْقاً ، بِأيَّةِ صُورَةٍ تَمَّ فِيها خَنْقُها . فَهِيَ مُحَرَّمَةٌ عَلَى المُسْلِمِينَ . وَالمَوْقُوذَةُ - وَهِيَ التِي تُضرَبُ بِشَيءٍ ثَقيلٍ غَيْرِ مُحَدَّدٍ حَتَّى تَمُوتَ . وَالمُتَرَدِّيَةُ - وَهِيَ التِي تَقَعُ مِنْ مَكَانٍ مُرْتَفِعٍ ، أوْ تَقَعُ فِي بِئْرٍ فَتَمُوتُ فَلا يَحِلُّ أكْلُ لَحْمِهَا . وَالنَّطِيحَةُ - وَهِيَ التِي مَاتَتْ بِسَبَبِ نَطْحِ غَيْرِهَا لَهَا ، فَهِيَ حَرَامٌ وَلَوْ خَرَجَ مِنَهَا الدَّمُ ، وَلَوْ مِنْ مَذْبَحِهَا . وَمَا أكَلَ السَّبُعُ - وَهِيَ مَا عَدَتْ عَلَيهَا الحَيَوَانَاتُ الجَارِحَةُ فَقَتَلَتْها فَلا تَحِلُّ بِالإِجْمَاعِ . وَاسْتَثْنَى اللهُ تَعَالَى مِنْ جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ الحَيَوَانَ الذِي لَحِقَهُ الإِنْسَانُ بِالذَّبْحِ ، قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ ، وَفِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ ، فَإنَّهُ إذا ذُبِحَ أصْبَحَ حَلالاً يَجُوزُ أَكْلُهُ لِلْمُسْلِمِينَ . وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ - مُحَرَّمٌ أَكْلُهُ . وَالنُّصُبُ هِيَ حِجَارَةٌ حَوْلَ الكَعْبَةِ ، كَانَتِ العَرَبُ فِي جَاهِلِيَّتِهَا تَذْبَحُ عِنْدَهَا الذَّبَائِحَ ، وَيُنْضَحُ مَا أقْبلَ مِنْها إلى البَيْتِ بِدِمَاءِ تِلْكَ الذَّبَائِحِ ، وَيُشَرِّحُونَ اللحْمَ وَيَضَعُونَهُ عَلَى النُّصُبِ . فَحَرَّمَ اللهُ تَعَالَى عَلَى المُؤْمِنينَ أكْلَ الذَّبَائحِ التِي تَمَّ ذَبْحُها عندَ تلكَ النُّصُبِ . فَالذَّبْحُ عِنْدَ النُّصُبِ مِنْ الشِّرْكِ . ثُمَّ أضَافَ اللهُ تَعَالَى إلَى مُحَرَّمَاتِ الطَّعَامِ التِي كَانَ أهْلُ الجَاهِلِيَّةِ يَسْتَحِلُّونَهَا ، عَمَلاً آخَرَ مِنْ أعْمَالِهِمْ وَهُوَ الاسْتِقْسَامُ بِالأزْلاَمِ . وَالأزْلاَمُ وَاحِدُهَا ( زَلَمٌ ) ، هِيَ عِبَارَةَ عَنْ قِدَاحٍ ( سِهَامٍ ) ثَلاَثَةٍ أحَدُهَا مُكْتُوبٌ عَلَيْهِ : ( افْعَلْ ) وَثَانِيهَا مَكْتُوبٌ عَلَيهِ . ( لاَ تَفْعَلْ ) . وثَالِثُهَا لَمْ يُكْتَبْ عَلَيهِ شَيءٌ . فَإِذا أجَالَهَا فَطَلَعَ السَّهْمُ المَكْتُوبُ عَلَيْهِ ( لاَ تَفْعَلْ ) ، لَمْ يَفْعَلْ . وَإذا خَرَجَ السَّهْمُ المَكْتُوبُ عَلَيْهِ ( افْعَلْ ) فَعَلَ . وَإذَا خَرَجَ السَّهْمُ الغُفْلُ مِنَ الكِتَابَةِ أعَادَ . فَحَرَّمَ اللهُ الاسْتِقْسَامَ بِالأزْلاَمِ ، وَعَدَّهُ فِسْقاً ، وخُرُوجاً عَنَ طَاعَةِ اللهِ . وَقَدْ أمَرَ اللهُ المُؤْمِنينَ إذَا تَرَدَّدُوا فِي أمْرِهِمْ أنْ يَسْتَخِيرُوهُ بِأنْ يَعْبُدُوهُ ، ثُمَّ يَسْألُوهُ الخِيَرَةَ فِي الأمْرِ الذِي يُرِيدُونَ . ثُمَّ يَقُولُ تَعَالَى لِلْمُؤْمِنينَ : اليَوْمَ يَئِسَ الكُفَّارُ مِنَ القَضَاءِ عَلَى دِينِ اللهِ ، وَمِنْ رُجُوعِ المُؤْمِنينَ عَنْ دِينِهِمْ ، لِمَا شَاهَدُوهُ مِنْ فَضْلِ اللهِ عَلَيكُمْ ، إذْ وَفى بِوَعْدِهِ ، وَأظْهَرَ دِينَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ، فَلاَ تَخُافُوهُمْ فِي مُخَالَفَتِكُمْ إيَّاهُمْ ، وَاخشوني أنا ، فَأنَا أنْصُرُكُمْ عَلَيْهِمْ ، وَأجْعَلُكُمْ فَوْقَهُمْ فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ . ثُمَّ يَقُولُ تَعَالَى مُخَاطِباً المُؤْمِنينَ : إنَّهُ أكْمَلَ لَهُمُ اليَوْمَ دِينَهُمُ الإِسْلاَمَ ، فَلاَ يَحْتَاجُونَ إلى دِينٍ غَيْرِهِ ، وَلاَ إلى نَبِيٍّ غَيْرِ نَبِيِّهِمْ . وَلَمَّا أكْمَلَ اللهُ لَهُمْ دِينَهُمْ تَمَّتْ عَلَيهِمْ نِعْمَةُ رَبِّهِمْ ، فَلْيَرْضَوْا بِالإِسْلاَمِ دِيناً لَهُمْ ، فَإنَّهُ الدِّينُ الذِي أحَبَّهُ اللهُ وَرَضِيَهُ لَهُمْ . فَمَنِ اضْطُرَّ إلى تَنَاوُلِ شَيءٍ مِمّا حَرَّمَ اللهُ مِمَّا سَبَقَ ذِكْرُهُ ، لِضَرُورَةٍ ألْجَأتْهُ إلى ذَلِكَ ، فَلاَ بَأسَ فِي ذَلِكَ ، وَلَهُ تَنَاوُلُهُ فِي حُدُودِ مَا يَدْفَعُ عَنْهُ الضَّرُورَةَ ، واللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ، لأنَّهُ تَعَالَى يَعْلَمُ حَاجَةَ العَبْدِ المُضْطَرِّ ، وَافْتِقَارَهُ إلى ذَلِكَ فَيَتَجَاوَزُ عَنْهُ ، وَيَغْفِرُ لَهُ . بِشَرْطِ ألاَّ يَكُونَ تَنَاوُلُهُ المُحَرَّمَ مَيْلاً مِنْهُ إلى مَعْصِيَةِ اللهِ ، وَرَغْبَةً في الاعْتِدَاءِ عَلَى حُرُمَاتِ اللهِ ( غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ ) . ( وَفِي الحَدِيثِ : " إنَّ اللهَ يُحِبُّ أنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ ، كَمَا يَكْرَهُ أنْ تُؤْتَى مَعْصِيتُهُ " ) . ( وَرُوِيَ أَيْضاً : " إنَّ مَنْ لَمْ يَفْعَلْ رُخْصَةَ اللهِ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الإِثْمِ مِثْلُ جِبَالِ عَرَفَةَ " ) . ( رَوَاهُمَا أَحْمَدُ ) . المَخْمَصَةُ - حَالَةُ الجُوعِ الشَّدِيدِ . غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ - غَيْرَ رَاغِبٍ فِي ارْتِكَابِ إثْمٍ . الأزْلاَمُ - سِهَامٌ ثَلاثَةٌ يَسْتَعْمِلُونَها فِي الاسْتِسْقَامِ ، وَالاقْتِرَاعِ .