Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 59, Ayat: 2-2)

Tafsir: Aysar at-tafāsīr: tafsīr, asbāb nuzūl, aḥādīṯ, namāḏiǧ iʿrāb

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ٱلْكِتَابِ } { دِيَارِهِمْ } { فَأَتَاهُمُ } { يٰأُوْلِي } { ٱلأَبْصَارِ } ( 2 ) - كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَدْ صَالَحَ يَهُودَ بَنِي النَّضِيرِ فِي المَدِينَةِ عَلَى أَنْ لاَ يَكُونُوا عَلَيهِ وَلاَ لَهُ . فَلَمَّا أُصِيبَ المُسْلِمُونَ يَوْمَ أُحُدٍ ، أَخَذَ اليَهُودُ فِي الدَّسِّ وَالوَقِيعَةِ ، وَالتَّأْلِيب عَلَى المُسْلِمِينَ ، وَذَهَبَ زَعِيمُهُمْ كَعْبُ بْنُ الأَشْرَفِ إِلَى مَكَّةَ فَحَالَفَ قُرَيْشاً وَاسْتَحَثّهَا عَلَى حَرْبِ الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم والمُسْلِمِينَ ، واسْتِئْصَالِ شَأْفَتِهِم ، وَحَاوَلَ يَهُودُ بَنِي النَّضِيرِ قَتْلَ الرَّسُولِ بِطَرْحِ حَجَرٍ عَلَيْهِ مِنْ سَطْحِ أَحَدِ المَنَازِلِ ، بَيْنَمَا كَانَ الرَّسُولُ يَجْلِسُ فِي ظِلّهِ . فَأَنْجَاهُ اللهُ مِنْ كَيْدِهِمْ ، فَأَمَرَ الرَّسُولُ بِقَتْلِ كَعْبِ بْن الأَشْرَفِ فَقَتَلَهُ رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ - هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ - غِيْلَةً . وَتَأَهَّبَ المُسْلِمُونَ وَسَارُوا لِقِتَالِ بَنِي النَّضِير . فَتَحَصَّنَ بَنُو النَّضيرِ فِي مَوَاقِعِهِمْ ، وَاسْتَعَدُّوا لِلْحَرْبِ . وَدَسَّ المُنَافِقُونَ - وَعَلَى رَأْسِهِمْ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيِّ بْنِ سَلُّولٍ - إِلَى بَنِي النَّضِيرِ - وَكَانَ حَلِيفاً لَهُمْ فِي الجَاهِلِيَّةِ - أَنْ لاَ يَخْرُجُوا مِنْ حُصُونِهِمْ ، فَإِنْ قَاتَلَهُم المُسْلِمُونَ فَإِنَّ المُنَافِقِينَ سَيَنْضَمُّونَ إِلَيهِمْ فِي قِتَالِ المُسْلِمِينَ ، وَإِنْ أَخْرَجَهُم المُسْلِمُونَ مِنْ دِيَارِهِمْ فَإِنَّهُمْ سَيَخْرُجُونَ مَعَهُمْ . وَجَاءَ المُسْلِمُونَ فَحَاصَرُوا بَنِي النَّضِيرِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ لَيْلَةً ، وَقَذَفَ اللهُ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِهِمْ ، وَيَئِسُوا مِنْ نَصْرِ المُنَافِقِينَ ، فَطَلَبُوا الصُّلْحَ ، فَأَبَى الرَّسُولُ إِلاَّ جَلاَءَهُمْ عَنِ المَدِينَةِ ، عَلَى أَنْ يَحْمِلَ كُلُّ ثَلاَثَةِ أَبْيَاتٍ عَلَى بَعِيرٍ وَاحِدٍ مَا شَاؤُوا مِنْ مَتَاعِهِمْ فَجَلاَ أَكْثَرُهُمْ إِلَى الشَّامِ وَالحِيرَةِ . وَعَمَدَ اليَهُودُ إِلَى بُيُوتِهِمْ فَخَرَّبُوهَا لِكَيْلا يَنْتَفِعَ المُسْلِمُونَ بِهَا ، وَعَمَدُوا إِلَى مَا لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَقْلَهُ مِنْ أَثَاثِهِمْ فَدَمَّرُوهُ . وَكَانَ نَخْلُ بَنِي النَّضِيرِ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَاصَّةً أَعْطَاهُ اللهُ إِيَّاهُ وَخَصَّهُ بِهِ . وَيَقُصُّ اللهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ السُّورَةِ قِصَّةَ بَنِي النَّضِيرِ ، فَيَقُولُ تَعَالَى : إِنَّهُ هُوَ الذِي أَجْلَى بَنِي النَّضِيرِ عَنْ دِيَارِهِمْ ، بِعِزَّتِهِ وَقُدْرَتِهِ ، وَكَانَتْ هَذِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ حُشِرُوا فِيهَا وَأُخْرِجُوا مِنَ الجَزِيرَةِ العَرَبِيَّةِ ، لَمْ يُصِبْهُمُ الذُّلُّ قَبْلَهَا ، وَكَانَ آخِرُ حَشْرٍ لَهُمْ زَمَنَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ حِينَ أَجْلاَهُمْ مِنْ خَيْبَرَ إِلَى الشَّامِ . وَكَانَ المُسْلِمُونَ لاَ يَظُنُّونَ أَنَّ هَؤُلاَءِ اليَهُودَ يُمْكِنُ أَنْ يُجْلَوا عَنِ المَدِينَةِ لِقُوَّتِهِمْ ، وَشِدَّةِ بَأْسِهِمْ وَمَنَعَةِ حُصُونِهِمْ ، وَكَثْرَةِ عَدَدِهِمْ وَكَانُوا هُمْ يَظُنُّونَ أَنَّ حُصُونَهُمْ سَتَمْنَعُهُمْ وَسَتَحْمِيهِمْ مِنْ أَنْ يُصِيبَهُمْ سُوءٌ مِنْ أَعْدَائِهِمْ ، فَاطْمَأَنُّوا إِلَى تِلْكَ القُوَّةِ ، وَشَرَعُوا فِي الدَّسِّ وَالكَيْدِ لِلرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم وَلِلمُسْلِمِينَ ، فَجَاءَهُمْ بَأْسُ اللهِ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَتَوَقَّعُوا ، وَلَمْ يَخْطُرْ لَهُمْ عَلَى بَالٍ . وَبَأْسُ اللهِ لاَ يُدْفَعُ وَلاَ يُردُّ إِذَا جَاءَ . وَقَدْ قَذَفَ اللهُ الرُّعْبَ فِي قَلُوبِهِمْ فَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا الخَوْفُ وَالهَلَعُ حِينَ جَاءَ الرَّسُولُ وَالمُؤْمِنُونَ ، فَلَمْ يَسْتَطِيعُوا المُقَاوَمَةَ بَعْدَ قَتْلِ رَئِيسِهِمْ كَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ ، وَبَعْدَ أَنْ نَكَلَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ المُنَافِقينَ عَنْ إِنْجَادِهِمْ ، وَمَدِّ يَدِ العَوْنِ إِلَيْهِمْ ، كَمَا وَعَدَهُمْ ، وَأَخَذُوا ، مِنْ شِدَّةِ مَا أَصَابَهُمْ مِنْ هَلَعٍ وَرُعْبٍ ، يُخَرِّبُونَ بُيُوتَهُمْ ، وَيُدَمِّرُونَ أَثَاثَهُمْ ، لِكَيْلاَ يَنْتَفِعَ بِهِ المُسْلِمُونَ ، وَكَانَ المُسْلِمُونَ يُدَمِّرُونَ بُيُوتَهُمْ عَلَيْهِمْ مِنْ خَارِجِهَا لِيَدْخُلُوهَا عَلَيْهِمْ ، فَيَصِلُوا إِلَيهِمْ ، وَيَتَمَكَّنُوا مِنْ قِتَالِهِمْ ، فَاتَّعِظُوا يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ وَالبَصَائِرِ بِمَا جَرَى عَلَى هَؤُلاَءِِ ، وَالعَاقِلُ مَنِ اتَّعَظَ بِغَيْرِهِ . الحَشْرُ - إِخْرَاجُ جَمْعٍ مِنَ النَّاسِ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ آخَرَ . قَذَفَ - أَلْقَى وَأَنْزَلَ إِنْزَالاً شَدِيداً . الذِينَ كَفَرُوا - هُمْ يَهُودُ بَنِي النَّضِيرِِ . لأَِوَّلِ الحَشْرِ - فِي أَوَّلِ إِخْرَاجٍ مِنَ الأَرْضِ .