Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 15, Ayat: 1-15)

Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ الۤرَ تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُّبِينٍ } يعني وآيات قرآن . { رُّبَمَا يَوَدُّ } . قرأ عاصم وأهل المدينة : بتخفيف الباء . وقرأ الباقون : بتشديده ، وهما لغتان . قال أبو حاتم وأهل الحجاز : يخففون ربما . وقيس وبكر وتميم : يثقلّونها وإنما أُدخل ما على رُب ليتكلم بالفعل بعدها . { يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ } . روى أبو موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إ ذا كان يوم القيامة واجتمع أهل النار في النار ومعهم من يشاء الله من أهل القبلة . قال الكفار لمن في النار من أهل القبلة : ألستم مسلمين ؟ قالوا : بلى ، قالوا : فما أغنى عنكم إسلامكم شيئاً ؟ وقد صرتم معنا في النار . قالوا : كانت لنا ذنوب فأخذنا بها فغضب الله لهم بفضل رحمته فأمر بكل من كان من أهل القبلة في النار يخرجون منها فحينئذ يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين " وقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية . وروى مجاهد عن ابن عباس قال : ما يزال الله يدخل الجنة ويرحم ويشفع حتى يقول لمن كان من المسلمين : ادخلوا الجنة فحينئذ يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين { ذَرْهُمْ } يا محمد يعني الذين كفروا { يَأْكُلُواْ } في الدنيا { وَيَتَمَتَّعُواْ } من لذاتها { وَيُلْهِهِمُ } ويشغلهم { ٱلأَمَلُ } عن الأخذ بحظهم من الإيمان والطاعة { فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } بما وردوا القيامة ونالوا وبال ما صنعوا فنسختها آية القتال { وَمَآ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ } أي من أهل قرية { إِلاَّ وَلَهَا كِتَابٌ مَّعْلُومٌ } أجل مؤقت قد كتبناها لهم لا يعذبهم ولا يهلكهم حتى يلقوه { مَّا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ } من ملة { أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ } ونظيرها { فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ } [ الأعراف : 34 ] { وَقَالُواْ } يعني مشركي مكة { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ ٱلذِّكْرُ } يعني القرآن وهو محمد صلى الله عليه وسلم { إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ * لَّوْ مَا } هلاّ { تَأْتِينَا بِٱلْمَلائِكَةِ } شاهدين لك على صدق ما تقول { إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } . قال الكسائي : لولا ولوما سواء في الخبر والاستفهام . ومنه قول ابن مقبل : @ لوما الحياء ولوما الدين عبتكما ببعض مافيكما إذ عبتما عودي @@ يريد لولا الحياء { مَا نُنَزِّلُ ٱلْمَلائِكَةَ } . قرأ أهل الكوفة : ننزل الملائكة بضم النون ورفع اللام ، الملائكة نصباً ، واختاره أبو عبيد . وقرأ الباقون : بفتح التاء ورفع اللام في الملائكة رفعها ، واختاره أبو عبيد اعتباراً بقوله { تَنَزَّلُ ٱلْمَلاَئِكَةُ وَٱلرُّوحُ } [ القدر : 4 ] . { إِلاَّ بِٱلحَقِّ } بالعذاب ولو نزلت { وَمَا كَانُواْ إِذاً مُّنظَرِينَ * إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا ٱلذِّكْرَ } القرآن { وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } من الباطل ومن الشياطين وغيرهم أن يزيدوا فيه وينقصوا منه ويبدلوا حرفاً ، نظيره قوله : { لاَّ يَأْتِيهِ ٱلْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ } [ فصلت : 42 ] الآية . وقيل بأن الهاء في قوله له راجعة إلى محمد صلى الله عليه وسلم يعني وإنا لمحمد لحافظون ممن أراده بسوء نظيره { وَٱللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ ٱلنَّاسِ } [ المائدة : 67 ] . { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي شِيَعِ ٱلأَوَّلِينَ } في الآية إضمار ، مجازها ولقد أرسلنا من قبلك في شيع أُمم من الأولين . قاله ابن عباس وقتادة ، وقال الحسن : فرق الأولين وواحدتها شيعة وهي الفرقة والطائفة من الناس { وَمَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } كما فعلوا بك يعزي نبيه صلى الله عليه وسلم { كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ } يعني كما أسلكنا الكفر والتكذيب والإستهزاء بالرسل في قلوب شيع الأولين كذلك نسلكه أي نجعله وندخله في قلوب مشركي قومك { لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ } يعني حتى لا يؤمنوا بمحمد ، وفي هذه الآية ردَّ على المعتزلة ، فقال سلكه يسلكه سلكاً وسلوكاً وأسلكه إسلاكاً . قال عدي بن زيد : @ وكنت لزاز خصمك لم أعرّد وقد سلكوك في قوم عصيب @@ { وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ ٱلأَوَّلِينَ } وقائع الله لا من خلا من هكذا في الأُمم نخوف أهل مكة . { وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم } يعني ولو فتحنا على هؤلاء القائلين لوما تأتينا بالملائكة { بَاباً مِّنَ ٱلسَّمَاءِ فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ } فظلت الملائكة تعرج فيه وهم يرونهم عياناً ، لقالوا : إنما سكرت أبصارنا ، هذا قول ابن عباس وأكثر العلماء . قال الحسن : هذا العروج راجع إلى بني آدم يعني فظل هؤلاء الكافرون يه يعرجون أي يصعدون ومنه المعراج { لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ } سدّت { أَبْصَارُنَا } قاله ابن عباس ، وقال الحسن : سحرت . قتادة : أخذت . الكلبي : أغشيت وعميت . وكان أبو عمرو وأبو عبيدة يقولان : هو من سكر الشراب ومعناه قد عش أبصارنا السكر ، المؤرخ : دير بنا . وقرأ مجاهد وابن كثير : سكرت بالتخفيف أي حبست ومنعت بالنظر كما سكر النهر ليحبس الماء { بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ } سحرنا محمد .