Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 111-117)
Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا } تخاصم وتحتج عن نفسها بما أسلفت من خير وشر [ مشتغلاً بها لا تتفرّغ ] إلى غيرها والنفس تذكر وتؤنث { وَتُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } . روى أبو صالح المري عن جعفر بن زيد قال : قال عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) لكعب الأحبار : ياكعب خوّفنا وحدّثنا حديثاً [ تنبهنا به ] قال : يا أمير المؤمنين والذي نفسي بيده لو [ وافيت ] القيامة بمثل عمل سبعين نقيباً ، لأُتيت عليك ظلمات وأنت لا تهمل إلاّ نفسك وأن لجهنم زفرة ما يبقى ملك مقرّب ولا نبي مبعث إلا وقع جاثياً على [ ركبتيه ] حتّى إن إبراهيم ليدلي [ بالخلة ] فيقول : يارب أنا خليلك إبراهيم لا أسالك إلا نفسي وأن تصديق ذلك الذي أنزل عليكم { يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا } . وروى عكرمة عن ابن عبّاس في هذه الآية قال : ما تزال الخصومة بين الناس يوم القيامة ، حتّى تخاصم الروح الجسد فتقول الروح : يارب الروح منك وأنت خلقته لم تكن لي يد أبطش بها ولا رجل أمشي بها ولا عين أبصر بها ، ويقول الجسد إنما خلقتني كالخشب ليس لي يد ابطش بها ولا عين أبصر بها ولا رجل أمشي بها ، فجاء هذا كشعاع النور فيه نطق لساني وبه أبصرت عيني وبه مشت رجلي فجدد عليه العذاب . قال : فيضرب الله لهما مثال أعمى ومقعداً دخلاً حائطاً فيه ثمار ، فالأعمى لايبصر الثمر والمقعد لايناله ، فنادى المقعد الأعمى : أتيني هاهنا حتّى تحملني ، قال : فدنا منه فحمله فأصابوا من الثمر فعلى من يكون العذاب ، قالا : عليهما قال : عليكما جميعاً الغذاب ، { وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً } يعني مكة { كَانَتْ آمِنَةً } لايهاج أهلها ولايغار أهلها { مُّطْمَئِنَّةً } قارة بأهلها [ لايحتاجون ] إلى الانتقال للانتجاع كما يحتاج إليها سائر العرب { يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ } يحمل إليها من البر والبحر ، نظيره قوله { يُجْبَىٰ إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِّزْقاً مِّن لَّدُنَّا } [ القصص : 57 ] { فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ ٱللَّهِ } جمع النعمة وقيل : جمع نعم ، وقيل : جمع نعماء مثل بأساء وأبوس { فَأَذَاقَهَا ٱللَّهُ لِبَاسَ ٱلْجُوعِ } إبتلاهم الله بالجوع سبع سنين وقطعت العرب عنهم الميرة بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جهدوا فأكلوا العظام المحرّقة والجيفة والكلاب الميتة [ والعلهز ] وهو الوبر يعالج بالدم ، ثم إن رؤوساء مكة تكلموا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا : هذا عذاب الرجال فما بال النساء والصبيان ؟ فأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بحمل الطعام اليهم وهم بعد مشركون { وَٱلْخَوْفِ } يعني بعوث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسراياه التي كانت تطيف بهم . وروى الخفاف والعباس عن أبي عمرو : ( والخوف ) بالنصب بايقاع أذاقها عليه { بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ } . روى مشرح بن فاعان عن سليمان بن عمر بن عثمان قال : صدرنا من الحج مع حفصة زوجة النبي صلى الله عليه وسلم وعثمان محصور بالمدينة ، كانت تسأل عنه حين رأت راكبين ، فأرسلت اليهما تسألهما فقالا : قتل . فقالت حفصة : والذي نفسي بيده إنها يعني المدينة القرية التي قال الله تعالى { وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً } الآية . { وَلَقَدْ جَآءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْهُمْ } إلى قوله تعالى { وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ ٱلْكَذِبَ } بفتح التاء والكاف بمعنى ولا تقولوا الكذب الذي تصف ألسنتكم وتكون ( ما ) للمصدر . وقرأ ابن عبّاس : ( الكذب ) برفع الكاف والذال والباء على نعت الألسنة { هَـٰذَا حَلاَلٌ وَهَـٰذَا حَرَامٌ } يعني البحيرة والسائبة والوصيلة والحام { لِّتَفْتَرُواْ عَلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ } ويقولون : إن الله حرّم هذا وأمرنا بها { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ } لاينجون من عذاب الله { مَتَاعٌ قَلِيلٌ } يعني الذي هم فيه من الدنيا متاع قليل أو لهم متاع قليل في الدنيا { وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } في الآخرة { وَعَلَىٰ ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِن قَبْلُ } يعني في سورة الأنعام وهو قوله { وَعَلَى ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ } [ الأنعام : 146 ] الآية .