Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 211-215)
Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ سَلْ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } أي سل يا محمد يهود أهل المدينة { كَمْ آتَيْنَاهُم } أعطيناهم ، آباءهم وأسلافهم { مِّنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ } علامة واضحة مثل العصا في اليد البيضاء وفلق البحر وغيرها . { وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ } يغيّر كتاب الله { مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُ فَإِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } { زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا } الآية ، قال بعضهم : نزلت هذه الآية في مشركي العرب أبي جهل وأصحابه كانوا يتنعّمون بما ينقل لهم في الدنيا من المال ونسوا يوم المعاد { وَيَسْخَرُونَ } من المؤمنين الذين يعزفون عن الدنيا ، ويقبلون على الطاعة والعبادة ، ويقولون : لو كان محمد نبيّاً لاتبعه أشرافنا وإنما تبعه الفقراء مثل أبي عمارة وصهيب وعمار وجابر بن عبد الله وأبي عبيدة بن الجراح وبلال وخباّب وأمثالهم ، وهذا معنى رواية الكلبي عن ابن عباس . وقال مقاتل : نزلت في المنافقين عبد الله بن أبي وأصحابه ، وكانوا يتنعمون في الدنيا ويسخرون من ضعفاء المؤمنين وفقراء المهاجرين ، ويقولون : انظروا إلى هؤلاء الذين يزعم محمد أنه يغلب بهم . وقال عطاء : نزلت في رؤساء اليهود ووفدهم من بني قريضة والنضير والقينقاع سخروا من فقراء المهاجرين فوعدهم الله أن يعطيهم أموال بني قريضة والنضير بغير قتال أسهل شيء وأيسره . فقال : أين الذين كفروا في الحياة الدنيا ، في قول مجاهد ، وحملَ ( زيّن ) بفتح الزاي والياء على معنى زينها الله وإنّما ذكّر الفعل بمعنيين أحدهما أن تأنيث الحياة ليس بحقيقي لأنّ معنى الحياة والبقاء والعيش واحد ، والآخر أنه فصل بين اسم المؤنث والفعل فأعمل المذكر ، كقول الشاعر : @ إن امرأً غرّه منكن واحدة بعدي وبعدك في الدنيا لمغرور @@ { وَيَسْخَرُونَ مِنَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } لفقرهم . عن علي بن الحسين عن أبيه عن جدّه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من استذلّ مؤمناً أو مؤمنة أو حقّره لفقره وقلة ذات يده شهّره الله يوم القيامة ثم فضحه ، ومن بهت مؤمناً أو مؤمنة أو قال فيه ما ليس فيه ، أقامه الله على تل من نار حتى يخرج مما قال فيه ، وإن المؤمن أعظم عند الله وأكرم عليه من مَلَك مقرب ، وليس شيء أحبّ إلى الله من مؤمن تائب أو مؤمنة تائبة ، وإن [ الرجل ] المؤمن ليُعرف في السماء كما يعرف الرجل أهله وولده " . وعن إبراهيم بن أدهم قال : حدّثنا عباد بن كثير بن قيس ، قال : " جاء رجل عليه بزّة له فقعد الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء رجل عليه [ لممار ] له فقعد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم ، قال : ألقى بثيابه فضمّها إليه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أكلُّ هذا تقززاً من أخيك المسلم ، أكنت تخشى أن يصيبه من غناك أو يصيبك من فقره شيء ، " فقال للنبي : معذرة إلى الله وإلى رسوله ، إن النفس لأمّارة وشيطان يكيدني ، أشهد يا رسول الله أن نصف مالى له ، فقال الرجل : ما أريد ذلك ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم " وَلِمَ ؟ " قال : لا يفسد قلبي كما أفسد قلبه " . وقال أبو بكر الصديق ( رضي الله عنه ) : لا تحقرنّ أحداً من المسلمين فإنّ صغير المسلمين عند الله كبيراً . وقال يحيى بن معاذ : بئس القوم قوم إن استغنى بينهم المؤمن حسدوه ، وإذا افتقر بينهم استذلّوه { وَٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ فَوْقَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } عن أبي ذر قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا أبا ذر ارفع بصرك إلى أرفع رجل تراه في المسجد " . فنظرت فإذا رجل جالس وعليه حلّة فقلت : هذا . فقال : " يا أبا ذر ارفع بصرك إلى أوضع رجل تراه في المسجد " فنظرت فإذا رجل ضعيف عليه أخلاق فقلت : هذا ، فقال صلى الله عليه وسلم " والذي نفسي بيده لهذا عند الله يوم القيامة أفضل من قراب الأرض من هذا " . { وَٱللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ } قال ابن عباس : يعني كثيراً بغير فوت ولا ( هنداز ) لأن كل ما دخل عليه الحساب فهو قليل . وقال الضحاك : يعني من غير تبعة ، يرزقه في الدنيا ولا يحاسبه ولا يعاقبه في الآخرة . وقيل إنّ هذا راجع إلى الله ثم هو يحتمل على هذا القول معنيين : أحدهما أنه لا يُفترض عليه ، ولا يُحاسب فيما يرزق ، ولا يقال له : لما أعطيت هذا ، وحرمت هذا ؟ ولم أعطيت هذا أكثر مما أعطيت ذاك ؟ لأنه لا شريك له بما عنده ، ولا قسيم ينازعه . والمعنى الآخر أنه لا يخاف نفاذ خزائنه فيحتاج إلى حساب ما يخرج منها إذا كان الحساب من المعطي ، إنما يكون ليعمّ أقدر العطاء لئلا يتجاوز في عطائه إلى ما يجحف به فهو لا يحتاج الى الحساب ؛ لأنه عالم غني لا يخاف نفاد خزائنه لأنها بين الكاف والنون { كَانَ ٱلنَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً } الآية ، قال الحسن وعطاء : كان الناس من وقت وفاة آدم إلى مبعث نوح عليهما السلام أُمة واحدة على ملّة واحدة وهي الكفر ، كانوا كفاراً كلّهم أمثال البهائم فبعث الله نوحاً وإبراهيم وغيرهما من النبيين . قتادة وعكرمة : كان الناس من وقت آدم إلى مبعث نوح أُمة واحدة ، وكان بين آدم ونوح عشرة قرون كلّهم على شريعة واحدة من الحق والهدى ، ثم اختلفوا في زمن نوح عليه السلام ؛ فبعث الله إليهم نوحاً وكان أول نبي بُعث ثم بَعث بعده النبيين . وقال الكلبي والواقدي : أهل سفينة نوح كانوا مؤمنين كلّهم ثم اختلفوا بعد وفاة نوح . { فَبَعَثَ ٱللَّهُ ٱلنَّبِيِّينَ } وروي عن ابن عباس قال : كان الناس على عهد إبراهيم أُمة واحدة ، كفاراً كلّهم ، وولد إبراهيم في جاهلية فبعث الله إليهم إبراهيم وغيره من النبيين . روى الربيع عن أبي العالية عن أبي قال : كان الناس حين عُرضوا على آدم وأُخرجوا من ظهره وأقروا بالعبودية أُمةً واحدة مسلمين كلّهم ، ولم يكونوا أُمة واحدة قط غير ذلك اليوم ، ثم اختلفوا بعد آدم فبعث الله الرسل وأنزل الكتب ، وكذلك في قراءة أُبيّ وعبد الله بن إسحاق : فاختلفوا فبعث الله النبيين . وقال محمد بن يسار ومجاهد : كان الناس أُمة واحدة يعني آدم وحده ، سُمّي الواحد بهذا لأنه يحمل النسل وأبو البشر ، ثم خلق الله حوّاء ونشر منهما الناس فانتشروا وكثروا وكانوا مسلمين كلّهم إلى أن قتل قابيل هابيل فاختلفوا حينئذ فبعث الله حينئذ . قال الثعلبي : ورأيت فى بعض التفاسير : كان الناس أُمة واحدة في ( الجنة ) لا أمرٌ عليهم ولا نهي فبعث الله النبيين وجملتهم مائة وأربعة وعشرون ألفاً ، والرسل منهم ثلاثمائة وثلاثة عشر ، والمذكور في القرآن باسم العلم ثمانية وعشرون نبياً . { مُبَشِّرِينَ } بالثواب من آمن وأطاع { وَمُنذِرِينَ } محذّرين بالعذاب من كفر وعصى . موسى بن عبيد عن محمد بن ثابت عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " صلّوا على أنبياء الله ورسله فإن الله بعثهم كما بعثني " . { وَأَنزَلَ مَعَهُمُ ٱلْكِتَابَ } أي الكتب فأنزل معهم الكتاب { بِٱلْحَقِّ } بالعدل والصدق { لِيَحْكُمَ بَيْنَ ٱلنَّاسِ } قراءة العامة بفتح الياء وضم الكاف وهو في القرآن في أربعة مواضع : ههنا وفي آل عمران وفي النور موضعان . وقرأها كلّها أبو جعفر القارئ وعاصم الجحدري بضم الياء وفتح الكاف لأنّ الكتاب الحكم على الحقيقة إنّما يُحكم به ، ولقراءة العامة وجهان : أحدهما على سعة الكلام كقوله { هَـٰذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِٱلْحَقِّ } [ الجاثية : 29 ] ، والآخر أن معناه : ليحكم كلّ نبيّ بكتابه ، وإذا حكم بالكتاب فكأنما حكم الكتاب { فِيمَا ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا ٱخْتَلَفَ فِيهِ } أي في الكتاب { إِلاَّ ٱلَّذِينَ أُوتُوهُ } أعطوه وهم اليهود والنصارى { مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ } يعني أحكام التوراة والإنجيل . قال الفرّاء : لاختلافهم معنيان : أحدهما كفر بعضهم بكتاب بعض كقوله : { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ } [ النساء : 150 ] الآية ( … ) وتكفير ببعض ، والآخر تحريفهم وتبديلهم كتاب الله تعالى كقوله : { يُحَرِّفُونَ ٱلْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ } [ النساء : 46 ] . وقيل : هذه الآية راجعة الى محمد صلى الله عليه وسلم وكتابه { ٱخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ ٱلَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ } صفة محمد صلى الله عليه وسلم في كتبهم { بَغْياً } ظلماً وحسداً { بَيْنَهُمْ فَهَدَى ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ } كقوله : { هَدَانَا لِهَـٰذَا } [ الأعراف : 43 ] وقوله : يعودون لما قالوا { مِنَ ٱلْحَقِّ بِإِذْنِهِ } بعلمه وإرادته فيهم . وقال ابن زيد في هذه الآية : اختلفوا في الصلاة ؛ فمنهم من يصلّي الى المشرق ، ومنهم من يصلّي الى المغرب ، ومنهم من يصلّي إلى بيت المقدس ؛ فهدانا الله للكعبة ، واختلفوا في الصيام ، فمنهم من يصوم بعض يوم ، ومنهم من يصوم بعض ليلة ، فهدانا الله لشهر رمضان ، واختلفوا في يوم الجمعة ، أخذت اليهود السبت وأخذت النصارى الأحد ، فهدانا الله له ، واختلفوا في إبراهيم ، فقالت اليهود : كان يهودياً ، وقالت النصارى : كان نصرانياً ، فهدانا الله للحق من ذاك ، واختلفوا في عيسى فجعلته اليهود ابناً ، وجعلته النصارى ربًّا ، فهدانا الله منه للحق { وَٱللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ * أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ } الآية ، قال قتادة والسدّي : نزلت هذه الآية في غزوة الخندق حين أصاب المسلمين ما أصابهم من الجهد والمشقّة ( والحر والبرد ) وضيق العيش ، وأنواع الأذى كما قال : { وَبَلَغَتِ ٱلْقُلُوبُ ٱلْحَنَاجِرَ } [ الأحزاب : 10 ] وقيل : أنها نزلت في حرب اُحد ونظيرها في آل عمران . وقال : إنّ عبد الله بن أُبي وأصحابه قالو لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : إلى متى تقتلون أنفسكم ولا تملكون أموالكم ، ولو كان محمد نبيّاً لما سلّط عليه الأسر والقتل ، فقالوا : لا جرم أنّ من قُتل منّا دخل الجنّة ، فقالوا : إلى متى تمنون أنفسكم الباطل ( وقد استمعتم ) إلى هذه الآية . وقال عطاء : لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة اشتدّ الضرّ عليهم لأنّهم خرجوا بلا مال فتكون أرضهم وأموالهم في أيدي المشركين ؛ فآثروا رضا الله عزّ وجلّ ورضا رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأظهر اليهود والعداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلّم ، وأسرَّ قوم من الأغنياء النفاق فأنزل الله تطييباً لقلوبهم { أَمْ حَسِبْتُمْ } وهو ابتداء بأم من غير استفهام ، فالألف والميم صلة معناه : أحسبتم ، قاله الفرّاء . وقال الزّجاج : معناه : بل حسبتم ، كقول الشاعر : @ بدت مثل قرن الشمس في رونق الضحى وصورتها أم أنت في العين أملح @@ أي بل وأنت ، وكل شيء في القرآن من هذا النحو فهذا سبيله وتأويله ، ومعنى الآية أظننتم والرسول أن تدخلوا الجنة . { وَلَمَّا يَأْتِكُم } يعني ولم يأتكم وحاصله كقوله تعالى : { وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُواْ بِهِمْ } [ الجمعة : 3 ] وقال النابغة : @ أزف الترحّل غير أنّ ركابنا لمّا تزل برحالنا وكأَنْ قَدِ @@ أي لم تزل { مَّثَلُ ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم } مَضَوا ( مِن قَبْلِكُم ) من النبيين والمؤمنين [ وسُنّتهم ] . ثم ذكر ما أصابهم فقال : { مَّسَّتْهُمُ ٱلْبَأْسَآءُ } يعني الفقر والضرّ والشدّة والبلاء { وَٱلضَّرَّآءُ } المرض والزمانة { وَزُلْزِلُواْ } حُرّكوا بأنواع البلايا والرزايا وخُوِّفوا { حَتَّىٰ يَقُولَ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ ٱللَّهِ } ما تلك البلايا حتى استبطأوا الرزق ، قال الله : { أَلاۤ إِنَّ نَصْرَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ } واختلف القرّاء في قوله تعالى : { يَقُولَ ٱلرَّسُولُ } فقرأ مجاهد بفتح وضمّة . الأعرج : يقول رفعاً ، وقرأها الآخرون نصباً ، فمن نصب فعلى ظاهر الكلام لأن حتى تنصب الفعل المستقبل ، ومَنْ رفع لأنّ معناه حتى قال الرسول ، وإذا كان الفعل الذي يلي حتى في معنى الماضي ولفظه لفظ المستقبل ، فلك فيه دون الرفع والنصب ، فالرفع لأنّ حتى لا بعمل الماضي ، والنصب بإضمار أنّ الخفيفة عند البصريين ، وبالصرف عند الكوفيين ، [ مثل قولك : ] سرنا حتى ندخل مكة بالرفع أي حتى دخلناها ، فاذا كان بمعنى المستقبل فالنصب لا غير . وقال وهب بن منبه : يوجد فيما بين مكة والطائف سبعون [ نبيًّا ] ميتين كان سبب موتهم الجوع والعمل ، وقال وهب أيضاً : قرأت في كتاب رجل [ من الحواريينٍ ] إذا سُلك بك سبيل البلاء فقرَّ عيناً ، فإنه سُلك بك سبيل الأنبياء والصالحين . وإذا سُلك بك سبيل الرخاء فابكِ على نفسك ( لأنّه حاد ) بك عن سبيلهم . [ شعبة عن عاصم بن بهدلة ] عن مصعب بن سعد عن أبيه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم " أيّ الناس أشدّ بلاء فقال : الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل من الناس ، فيبتلى الرجل على حسب دينه ، فإن كان صلب الدين اشتدّ بلاؤه ، وإن كان في دينه رقّة فهي على حسب ذلك ، ولا يبرح البلاء عن العبد حتى يدعه يمشي على الأرض وليس عليه خطيّة " . وعن عبد الرحمن بن ذهل قال : كان وزير عيسى عليه الصلاة والسلام ركب يوماً فأخذه السبع فأكله فقال عيسى : يا ربّ وزيري في دينك ، وعوني على بني إسرائيل ، وخليفتي من سلّطت عليه كلبك فأكله ، قال : نعم كانت له عندي منزلة رفيعة ، لم أجد عمله بلغها فأبتليته بذلك لأبلغه تلك المنزلة . { يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ } الآية ، نزلت في عمرو بن الجموح ، وكان شيخاً كبيراً ذا مال ، فقال : يا رسول الله بماذا أتصدق وعلى من أتصدق ؟ فأنزل الله تعالى { يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ } وفي قوله ( ذا ) وجهان من الأعراب : أحدهما أن يكون ماذا بمعنى أيّ شيء وهو ( متعلق ) بقوله ينفقون وتقديره : يسألونك أي شيء ينفقون ، والآخر أن يكون رفعاً ب ( ما ) والمعنى : يسألونك ما الذي ينفقون ؟ { قُلْ مَآ أَنْفَقْتُمْ مِّنْ خَيْرٍ } أي مال { فَلِلْوَالِدَيْنِ وَٱلأَقْرَبِينَ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ } عالم به بتعاليم الدين ، هذا قبل أن فرض الزكاة فنسخت الزكاة هذه الآية .