Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 45-53)

Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَآ إِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً أَنِ } يعني بأن { ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ } وحده { فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ } مؤمن وكافر ومصدّق ومكذّب { يَخْتَصِمُونَ } في الدين . قال مقاتل : واختصامهم مُبَّين في سورة الأعراف وهو قوله { قَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ } [ الأعراف : 75 ] الى قوله { وَقَالُواْ يَاصَالِحُ ٱئْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } [ الأعراف : 77 ] . فقال لهم صالح { يٰقَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِٱلسَّيِّئَةِ } بالبلاء والعقوبة { قَبْلَ ٱلْحَسَنَةِ } العافية والرحمة ، والاستعجال طلب التعجيل بالأمر ، وهو الإتيان به قبل وقته . { لَوْلاَ } هلاّ { تَسْتَغْفِرُونَ ٱللَّهَ } بالتوبة من كفركم { لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ * قَالُواْ ٱطَّيَّرْنَا } تشاءمنا ، وأصله تطيّرنا { بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ } وذلك أنّ المطر أمسك عنهم في ذلك الوقت وقحطوا فقالوا : أصابنا هذا الضرّ والشرّ من شؤمك وشؤم أصحابك ، وإنّما ذكر التطيّر بلفظ الشأم على عادة العرب ونسبتهم الشؤم إلى البارح ، وهو الطائر الذي يأتي من جانب اليد الشومى وهي اليسرى . { قَالَ طَائِرُكُمْ } من الخير والشر وما يصيبكم من الخصب والجدب { عِندَ ٱللَّهِ } بأمره وهو مكتوب على رؤوسكم ، لازم أعناقكم ، وليس ذلك إليَّ ولا علمه عندي . { بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ } قال ابن عباس : تُختبرون بالخير والشر ، نظيره { وَنَبْلُوكُم بِٱلشَّرِّ وَٱلْخَيْرِ فِتْنَةً } [ الأنبياء : 35 ] . الكلبي : تُفتنون حتى تجهلوا أنّه من عند الله سبحانه وتعالى . محمد بن كعب : تُعذّبون بذنوبكم وقيل : تمتحنون بإرسالي إليكم لتثابوا على طاعتكم ومتابعتي ، وتعاقبوا على معصيتي ومخالفتي . { وَكَانَ فِي ٱلْمَدِينَةِ } يعني مدينة ثمود وهي الحجر { تِسْعَةُ رَهْطٍ } من أبناء أشرافهم { يُفْسِدُونَ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ يُصْلِحُونَ } وأسماؤهم قدار بن سالف ومصدع بن دهر وأسلم ورهمى وبرهم ودعمى وعيم وقتال وصَداف . { قَالُواْ تَقَاسَمُواْ } تحالفوا { بِٱللَّهِ } أيّها القوم وموضع تقاسموا جزم على الأمر كقوله { بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ } [ الإسراء : 88 ، الزخرف : 67 ] وقال قوم من أهل المعاني : محله نصب على الفعل الماضي يعني انهم تحالفوا وتواثقوا ، تقديره : قالوا متقاسمين بالله ، ودليل هذا التأويل أنّها في قراءة عبد الله : ولا يصلحون تقاسموا بالله ، وليس فيها قالوا . { لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ } من البيات فلنقتله ، هذه قراءة العامة بالنون فيهما واختيار أبي حاتم ، وقرأ يحيى والأعمش وحمزة والكسائي : لتبيّتنّه ولتقولنّ بالتاء فيهما وضم التاء واللام على الخطاب واختاره أبو عبيد ، وقرأ مجاهد وحميد بالتاء فيهما وضم التاء واللام على الخبر عنهم . ثم { ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا } ما حضرنا { مَهْلِكَ أَهْلِهِ } أي إهلاكهم ، وقرأ عاصم برواية أبي بكر مهلك بفتح الميم واللام ، وروى حفص عنه بفتح الميم وكسر اللام ، وهما جميعاً بمعنى الهلاك { وَإِنَّا لَصَادِقُونَ } في قولنا : إنّا ما شهدنا ذلك . { وَمَكَرُواْ مَكْراً } وغدروا غدراً حين قصدوا تبييت صالح والفتك به { وَمَكَرْنَا مَكْراً } وجزيناهم على مكرهم بتعجيل عقوبتهم { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ * فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا } قرأ الحسن والأعمش وعاصم وحمزة والكسائي أَنّا بفتح الالف ولها وجهان : أحدهما : أن يكون أنّا في محلّ الرفع ردّاً على العاقبة . والثاني : النصب على تكرير ( كان ) تقديره : كان عاقبة مكرهم التدمير ، واختار أبو عبيد هذه القراءة اعتبار الحرف أي أنْ دمرناهم ، وقرأ الباقون : إنّا بكسر الألف على الابتداء . { دَمَّرْنَاهُمْ } يعني أهلكنا التسعة ، واختلفوا في كيفية هلاكهم . فقال ابن عباس : أرسل سبحانه الملائكة فامتلأت بهم دار صالح فأتى التسعة الدار شاهرين سيوفهم فرمتهم الملائكة بالحجارة من حيث يرون الحجارة ولا يرون الملائكة فقتلتهم . قال قتادة : خرجوا مسرعين الى صالح فسلَّط الله عليهم صخرة فدمغتهم . مقاتل : نزلوا في سفح جبل ينتظر بعضهم بعضا ليأتوا دار صالح ، فجثم عليهم الجبل فأهلكهم . السدّي : خرجوا ليأتوا صالحاً فنزلوا خرقاً من الأرض يتمكنون فيه فانهار عليهم . { وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ } بالصيحة وقد مضت القصة . { فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً } خالية ، قراءة العامّة بالنصب على الحال عن الفرّاء والكسائي وأبو عبيدة عن القطع مجازه : فتلك بيوتهم الخاوية ، فلمّا قطع منها الألف واللام نصبت كقوله سبحانه { وَلَهُ ٱلدِّينُ وَاصِباً } [ النحل : 52 ] وقرأ عيسى بن عمر { خَاوِيَةً } بالرفع على الخبر { بِمَا ظَلَمُوۤاْ } أي بظلمهم { إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً } لعبرة { لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * وَأَنجَيْنَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ } من صيحة جبريل ، والخراج الذي ظهر بأيديهم . قال مقاتل : خرج أوّل يوم على أيديهم مثل الحمّصة أحمر ثمّ اصفرّ من الغد ، ثمّ اسودّ اليوم الثالث ، ثمّ تفقّأت ، وصاح جبريل ( عليه السلام ) في خلال ذلك فخمدوا ، وكانت الفرقة المؤمنة الناجية أربعة آلاف ، خرج بهم صالح إلى حضرموت ، فلمّا دخلها صالح مات ، فسمّي ( حضر موت ) . قال الضحّاك : ثمّ بنى الأربعة آلاف مدينة يقال لها : ( حاضورا ) وقد مضت القصّة جميعاً .