Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 33, Ayat: 28-32)
Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ } متعة الطلاق { وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً * وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَٱلدَّارَ ٱلآخِرَةَ } فأطعتنهما { فَإِنَّ ٱللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْراً عَظِيماً } قال المفسِّرون : كان أزواج النبي صلّى الله عليه وسلم سألنه شيئاً من عرض الدنيا وآذينه بزيادة النفقة والغيرة ، فهجرهن رسول الله صلى الله عليه وسلم وآلى أنْ لا يقربهن شهراً ، ولم يخرج إلى أصحابه صلوات ، فقالوا : ما شأنه ؟ فقال عمر : إنْ شئتم لأعلمن لكم ما شأنه فأتى النبي ( عليه السلام ) فجعل يتكلّم ويرفع صوته حتى أذن له ، قال : فجعلت أقول في نفسي : أيّ شيء أُكلِّم به رسول الله صلّى الله عليه وسلم لعلّه ينبسط ؟ فقلت : يا رسول الله لو رأيت فلانة وسألتني النفقة ، فصككتها صكّة فقال : ذلك أجلسني عنكم . فأتى عمر حفصة فقال : لا تسألي رسول الله شيئاً ما كانت لكِ من حاجة فإليّ ، قال : ثمّ تتبّع نساء النبي صلى الله عليه وسلم فجعل يكلِّمهنّ ، فقال لعائشة : أيعزّك أنّكِ امرأة حسناء وأنّ زوجك يحبّكِ لتنتهن أو لينزلن فيكنّ القرآن ، قال : فقالت له أُمّ سلمة : يابن الخطّاب أوما بقي لك إلاّ أنْ تدخل بين رسول الله وبين نسائه ؟ مَن يسأل المرأة إلاّ زوجها ؟ فأنزل الله عزّ وجلّ هذه الآيات . وكانت تحت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يومئذ تسع نسوة ، خمس من قريش عائشة بنت أبي بكر ، وحفصة بنت عمر ، وأمّ حبيبة بنت أبي سفيان ، وسودة بنت زمعة ، وأمّ سلمة بنت أبي أمية ، وصفية بنت حيي الخيبرية ، وميمونة بنت الحرث الهلالية ، وزينب بنت جحش الأسدية ، وجويرية بنت الحرث المصطلقية ، فلمّا نزلت آية التخيير بدأ رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعائشة ، وكانت أحبّهنّ إليه ، فخيّرها وقرأ عليها القرآن ، فاختارت الله ورسوله والدار الآخرة ، فَرؤيَ الفرح في وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلم وتابعنها على ذلك . قال قتادة : فلمّا اخترن الله ورسوله ، شكرهنّ الله على ذلك ، وقصره عليهن وقال : ( لا يحلّ لك النساء من بعد ) الآية . أخبرنا عبد الله بن حامد عن محمد بن الحسين عن أحمد بن يوسف عن عبدالرزّاق عن معمر ، " أخبرني الزهري عن عروة عن عائشة قالت : لمّا مضت تسع وعشرون ليلة دخل عليَّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله ، إنّك أقسمت أن لا تدخل علينا شهراً وإنّك قد دخلت عليَّ من تسع وعشرين أعدّهن ، فقال : إنّ الشهر تسع وعشرون ، ثمّ قال : يا عائشة إنّي ذاكر لك أمراً فلا عليكِ أنْ لا تعجلي فيه حتى تستأمري أبويك " ، قالت : ثمّ قرأ عليَّ هذه الآية : { قُل لأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا } حتى بلغ { أَجْراً عَظِيماً } . قالت عائشة : قد علم والله إنّ أبويّ لم يكونا ليأمراني بفراقه ، قالت : في هذا أستامر أبويّ ؟ فإنّي أُريد الله ورسوله والدار الآخرة . " قال معمر : فحدّثني أيّوب أنّ عائشة قالت : لا تخبر أزواجك انّي اخترتك ، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم : إنّما بعثني الله مبلِّغاً ولم يبعثني متعنّتاً " . وأخبرنا محمّد بن عبد الله بن حمدون عن [ أحمد بن محمّد بن الحسن ] عن محمد بن يحيى عن عثمان بن عمر عن يونس عن الزهري عن [ أبي ] سلمة أنّ عائشة قالت : لمّا أُمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتخيير أزواجه بدأ بي ، فقال : إنّي مخبركِ خبراً فلا عليك أنْ لا تعجلي حتّى تستأمري أبويكِ ، ثمّ قال : إنّ الله عزّ وجلّ قال : { إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا } حتّى بلغ { أَجْراً عَظِيماً } . فقلت : أفي هذا أستأمر أبويّ ؟ فإنّي أُريد الله ورسوله والدار الآخرة . قالت : ثمّ فعل أزواج النبيّ صلّى الله عليه مثل ما فعلتُ . قوله : { يٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ } قرأ الجحدري بالتاء . غيره بالياء . { بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ } بمعصية ظاهرة { يُضَاعَفْ لَهَا ٱلْعَذَابُ } في الآخرة { ضِعْفَيْنِ } وقرأ ابن عامر وابن كثير : بالنون وكسر العين مشدّداً من غير ألف [ العذاب ] نصباً . وقرأ أبو عمرو ويعقوب { يُضَاعَفْ } بالياء وفتح العين مشدّداً { ٱلْعَذَابُ } رفعاً . قال أبو عمرو : إنّما قرأت هذه وحدها بالتشديد لقوله : { ضِعْفَيْنِ } وقرأ الباقون نضاعف بالألف ورفع الباء من { ٱلْعَذَابُ } وهما لغتان مثل باعد وبعد . وقال أبو عمرو وأبو عبيدة : ضعفت الشيء إذا جعلته مثله ، مضاعفته جعلته أمثاله . { وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً } قوله : { وَمَن يَقْنُتْ } يطع . قال قتادة : كلّ قنوت في القرآن فهو طاعة [ وقراءة العامة ( تقنت ) بالتاء ] وقرأ يحيى والأعمش وحمزة والكسائي وخلف ( تَعمَل ) ( نِؤْتِها ) بالياء . غيرهم بالتاء . قال الفراء : إنّما قال ( يأتِ ) ( ويقنت ) لاِنّ مَنْ أداة تقوم مقام الاسم يعبّر به عن الواحد والاثنين والجمع والمذكر والمؤنث . قال الله تعالى : { وَمِنهُمْ مَّن يَنظُرُ إِلَيْكَ } [ يونس : 43 ] . وقال : { وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ } [ يونس : 42 ] ، وقال : { وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ للَّهِ } [ الأحزاب : 31 ] . وقال الفرزدق في الاثنين : @ تعال فإنْ عاهدتني لا تخونني تكن مثل من يا ذئب يصطحبانِ @@ { مِنكُنَّ للَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُؤْتِهَـآ أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ } أي مثلَي غيرهن من النساء . { وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً } يعني الجنّة . أخبرني أبو عبدالله بن فنجويه ، عن عبد الله بن يوسف بن أحمد بن مالك ، عن محمد بن عمران بن هارون ، عن أحمد بن منيع ، عن يزيد ، عن حمّاد بن سلمة ، عن ثابت عن أبي رافع قال : كان عمر يقرأ في صلاة الغداة بسورة يوسف والأحزاب ، فإذا بلغ : { يٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ } رفع بها صوته ، فقيل له ، فقال : أُذكّرهنّ العهد . واختلف العلماء في حكم التخيير ، فقال عمر وابن مسعود : إذا خيّر الرجل امرأته فاختارت زوجها فلا شيء عليه ، وإنْ اختارت نفسها [ طُلّقت ] وإلى هذا ذهب مالك . وقال الشافعي : إنْ نوى الطلاق في التخيير كان طلاقاً وإلاّ فلا . واحتجّ مَنْ لم يجعل التخيير بنفسه طلاقاً ، بقوله : { وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً } ، وبقول عائشة : خيّرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخترناه ، فلم نعدّهُ طلاقاً . قوله : { يٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ إِنِ ٱتَّقَيْتُنَّ } الله فأطعتنه . قال الفرّاء : لم يقل كواحدة ، لأنّ الأحد عام يصلح للواحد والاثنين والجمع والمذكّر والمؤنث . قال الله تعالى : { لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ } [ البقرة : 285 ] وقال : { فَمَا مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ } [ الحاقة : 47 ] . { فَلاَ تَخْضَعْنَ } تلنَّ { بِٱلْقَوْلِ } للرجال { فَيَطْمَعَ ٱلَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ } أي فجور وضعف إيمان { وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً } صحيحاً جميلاً .