Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 34-38)

Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَٱذْكُـرْنَ مَا يُتْـلَىٰ فِي بُيُوتِكُـنَّ مِنْ آيَاتِ ٱللَّهِ } يعني القرآن { وَٱلْحِكْـمَةِ } السنّة ، عن قتادة ، وقال مقاتل : أحكام القرآن ومواعظه { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً } . وقوله : { إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ وَٱلْمُسْلِمَاتِ } الآية . وذلك أنّ أزواج النبي صلّى الله عليه وسلم وسلم قلن : يا رسول الله ذكر الله الرجال في القرآن ولم يذكر النساء بخير فما فينا خير نذكر به ، إنّا نخاف أن لا تقبل مِنّا طاعة ، فأنزل الله عزّ وجلّ هذه الآية . وقال مقاتل : قالت أُمّ سلمة بنت أبي أمية وأنيسة بنت كعب الأنصارية للنبي صلّى الله عليه : ما بال ربنا يذكر الرجال ولا يذكر النساء في شيء من كتابه ؟ نخشى أنْ لا يكون فيهنّ خير ولا لله فيهنّ حاجة ، فنزلت هذه الآية . روى عثمان بن حكم عن عبد الرحمن بن شيبة قال : سمعت أُمّ سلمة زوج النبي ( عليه السلام ) تقول : قلت للنبي ( عليه السلام ) : يا رسول الله ما لنا لا نُذكر في القرآن كما يُذكر الرجال ؟ قلت : فلم يرعني ذات يوم ظهراً إلاّ بدواة على المنبر وأنا أسرح رأسي فلفقت شعري ثمّ خرجت إلى حجرة من حجر بيتي فجعلت سمعي عند الجريدة ، فإذا هو يقول على المنبر : يا أيّها الناس إنَّ الله عزّ وجلّ يقول في كتابه : { إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ وَٱلْمُسْلِمَاتِ } … إلى قوله : { وَأَجْراً عَظِيماً } . وقال مقاتل بن حيان : بلغني أنّ أسماء بنت عميس رجعت من الحبشة مع زوجها جعفر بن أبي طالب ، فدخلت على نساء رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقالت : هل نزل فينا شيء من القرآن ؟ قلن : لا ، فأتت رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله إنّ النساء لفي خيبة وخسار ، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : ومِمَّ ذلك ؟ قالت : لأنّهنّ لا يُذكرن بخير كما يذكر الرجال ، فأنزل الله عزّ وجلّ : { إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ وَٱلْمُسْلِمَاتِ } إلى آخر الآية . أخبرني ابن فنجويه عن ابن شبّه عن الفراتي عن إبراهيم بن سعيد ، عن عبيد الله عن شيبان ، عن الأعمش ، عن علي بن الأرقم ، عن الأغر أبي مسلم ، عن أبي سعيد وأبي هريرة قالا : قال رسول الله صلّى الله عليه : " مَن استيقظ من الليل وأيقظ امرأته فصلّيا جميعاً ركعتين كُتبا من والذاكرين الله كثيراً الذاكرات " . وأخبرنا عبد الله بن حامد الوزان ، عن أحمد بن محمد بن شاذان عن جيغويه بن محمد ، عن صالح بن محمد عن سليمان بن عمرو ، عن حنظلة التميمي ، عن الضحّاك بن مزاحم ، عن ابن عبّاس قال : جاء إسرافيل إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلم فقال : قلْ يا محمّد : سُبحان الله والحمدُ لله ولا إله إلاّ الله والله أكبر ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله عَدد ما علم وزنة ما علم وملء ما علم ، من قالها كتبت له ستّ خصال ، كتب من الذاكرين الله كثيراً ، وكان أفضل ممّن ذكره الليل والنهار ، وكان له غرس في الجنّة ، وتحاتت عنه ذنوبه كما تتحات ورق الشجر اليابسة ، ونظر الله إليه ، ومن نظر الله إليه لم يعذّبه . وقال مجاهد : لا يكون العبد من الذاكرين الله كثيراً حتى يذكر الله تعالى قائماً وقاعداً ومضطجعاً . قال عطاء بن أبي رباح : مَن فوّض أمره إلى الله فهو داخل في قوله : { إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ وَٱلْمُسْلِمَاتِ } ومن أقرّ بأنّ الله ربّه ، وأنَّ محمّداً رسوله ، ولم يخالف قلبه لسانه ، فهو داخل في قوله : { وَٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ } ومن أطاع الله في الفرض والرسول في السنّة فهو داخل في قوله : { وَٱلْقَانِتِينَ وَٱلْقَانِتَاتِ } ومن صان قوله عن الكذب فهو داخل في قوله : { وَٱلصَّادِقِينَ وَٱلصَّادِقَاتِ } ومن صلّى فلم يعرف مَن عن يمينه ويساره فهو داخل في قوله : { وَٱلْخَاشِعِينَ وَٱلْخَاشِعَاتِ } ومن صبر على الطاعة وعن المعصية وعلى الرزيّة فهو داخل في قوله : { وَٱلصَّابِرِينَ وَٱلصَّابِرَاتِ } ومن تصدّق في كلّ اسبوع بدرهم فهو داخل في قوله : { وَٱلْمُتَصَدِّقِينَ وَٱلْمُتَصَدِّقَاتِ } ومن صام في كلّ شهر أيّام البيض ، الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر فهو داخل في قوله : { وٱلصَّائِمِينَ وٱلصَّائِمَاتِ } ومن حفظ فرجه عمّا لا يحلّ فهو داخل في قوله : { وَٱلْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَٱلْحَافِـظَاتِ } ومن صلّى الصلوات الخمس بحقوقها فهو داخل في قوله : { وَٱلذَّاكِـرِينَ ٱللَّهَ كَثِيراً وَٱلذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً } . قوله عزّ وجلّ : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ } الآية . نزلت في زينب بنت جحش بن رئاب ابن النعمان بن حبرة بن مرّة بن غنم بن دودان الأسدية ، وأخيها عبد الله بن جحش ، وكانت زينب بنت آمنة بنت عبد المطلب عمّة النبي صلى الله عليه وسلم فخطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم على مولاه زيد بن حارثة ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم اشترى زيداً في الجاهلية من عكاظ ، وكان من سبي الجاهلية فأعتقه وتبنّاه ، فكان زيد عربيّاً في الجاهلية مولى في الإسلام . فلمّا خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب رضيت ، [ ورأت ] أنّه يخطبها على نفسه فلمّا علمت أنّه يخطبها على زيد أبت وأنكرت وقالت : أنا أتمّ نساء قريش وابنة عمّتك ، فلم أكن لأفعل يا رسول الله ولا أرضاه لنفسي ، وكذلك قال أخوها عبد الله ، وكانت زينب بيضاء جميلة ، وكانت فيها حدة فأنزل الله عزّ وجلّ : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ } يعني عبدالله بن جحش وزينب أُخته { إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ } قرأ أهل الكوفة وأيّوب بالياء واختاره أبو عبيد قال : للحائل بين التأنيث والفعل ، وكذلك روى هشام عن أهل الشام وقرأ الباقون بالتاء . { لَهُمُ ٱلْخِيَرَةُ } أي الاختيار وقراءة العامّة ( الخِيرَة ) بكسر الخاء وفتح الياء ، وقرأ ابن السميقع بسكون الياء وهما لغتان { مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُّبِيناً } فلمّا نزلت هذه الآية قالت : قد رضيت يا رسول الله ، وجعلت أمرها بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك أخوها فأنكحها رسول الله صلى الله عليه وسلم زيداً ، فدخل بها ، وساق إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة دنانير وستين درهماً وخماراً وملحفة ودرعاً وأزاراً وخمسين مُدّاً من طعام وثلاثين صاعاً من تمر . وقال ابن زيد : نزلت هذه الآية في أُمّ كثلوم بنت عقبة بن أبي معيط ، وكانت أوّل من هاجر من النساء ، فوهبت نفسها للنبيّ صلى الله عليه وسلم فقال : قد قبلتُ ، فزوّجها زيد بن حارثة فسخطت هي وأخوها وقالا : إنّما أردنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم فزوّجنا عبده فأنزل الله عزّ وجلّ : { وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِيۤ أَنعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ } الآية . وذلك أنَّ زينب مكثت عند زيد حيناً ، ثمّ إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم أتى زيداً ذات يوم لحاجة ، فأبصرها قائمة في درع وخمار فأعجبته ، وكأنّها وقعت في نفسه فقال : سبحان الله مقلِّب القلوب وانصرف . فلمّا جاء زيدٌ ، ذكرت ذلك له ففطن زيد ، كرهت إليه في الوقت ، فألقي في نفس زيد كراهتها ، فأراد فراقها ، فأتى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال : إنّي أُريد أنْ أُفارق صاحبتي . " قال : ما لكَ ؟ أرابك منها شيء ؟ قال : لا والله يا رسول الله ما رأيت منها إلاّ خيراً ، ولكنّها تتعظّم عليَّ بشرفها وتؤذيني بلسانها ، فقال له النبي ( عليه السلام ) : أمسك عليك زوجك واتّقِ الله ، ثمّ إنَّ زيداً طلّقها بعد ذلك ، فلمّا انقضت عدّتُها ، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم لزيد : ما أجد أحداً أوثق في نفسي منك . أئت زينب فاخطبها عَليّ " . قال زيد : فانطلقت ، فإذا هي تخمّر عجينها ، فلمّا رأيتها ، عظمت في صدري حتى ما أستطيع أنْ أنظر إليها حين علمت أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرها فولّيتها ظهري ، وقلت : يا زينب أبشري فإنّ رسول الله يخطبك ، ففرحت بذلك وقالت : ما أنا بصانعة شيئاً حتّى أوامر ربي ، فقامت إلى مسجدها وأُنزل القرآن { زَوَّجْنَاكَهَا } فتزوّجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل بها ، وما أولم على امرأة من نسائه ما أولم عليها ، ذبح شاة وأطعم الناس الخبز واللّحم حتّى امتد النهار ، فذلك قوله عزّ وجلّ : { وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِيۤ أَنعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ } بالإسلام { وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ } بالإعتاق وهو زيد بن حارثة { أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ } يعني زينب بنت جحش وكانت ابنة عمّة النبي صلّى الله عليه وسلم . { وَٱتَّقِ ٱللَّهَ } فيها { وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا ٱللَّهُ مُبْدِيهِ } أنْ لو فارقها تزوّجتها . قال ابن عبّاس : حبّها . وقال قتادة : ودَّ أنّه لو طلّقها . { وَتَخْشَى ٱلنَّاسَ } قال ابن عبّاس والحسن : تستحيهم ، وقيل : وتخاف لائمة الناس أنْ يقولوا أمر رجلاً بطلاق امرأته ثمّ نكحها حين طلّقها . { وَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ } قال عمر وابن مسعود وعائشة : ما نزلت على رسول الله صلّى الله عليه وسلم آية هي أشدّ عليه من هذه الآية . وأخبرني الحسين بن محمد الثقفي عن الفضل بن الفضل الكندي قال : أخبرني أبو العبّاس الفضل بن عقيل النيسابوري ، عن محمد بن سليمان قال : أخبرني أبو معاوية عن داود بن أبي هند ، عن الشعبي ، عن مسروق ، عن عائشة قالت : لو كتم النبيّ صلى الله عليه وسلم شيئاً ممّا أُوحي إليه لكتم هذه الآية { وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا ٱللَّهُ مُبْدِيهِ } . وقد روي عن زين العابدين في هذه الآية ما أخبرني أبو عبد الله بن فنجويه عن طلحة بن محمد وعبد الله بن أحمد بن يعقوب قالا : قال أبو بكر بن مجاهد عن بن أبي مهران ، حدّثني محمد بن يحيى أبي عمر العرني ، عن سفيان بن عيينة قال : سمعناه من علي بن زيد بن جدعان يبديه ويعيده قال : سألني علي بن الحسين : ما يقول الحسن في قوله عزّ وجلّ : { وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا ٱللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى ٱلنَّاسَ وَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ } ؟ فقلت يقول : لما جاء زيد إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا نبي الله إنّي أُريد أن أُطلّق زينب ، فأعجبه ذلك ، قال : { أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَٱتَّقِ ٱللَّه } قال علي بن الحسين : ليس كذلك ، كان الله عزّ وجلّ قد أعلمه أنّها ستكون من أزواجه فإنّ زيداً سيطلّقها فلمّا جاء زيد قال : إنّي أُريد أن أطلقّ زينب ، فقال : أمسك عليك زوجك واتّق الله . يقول : فلِمَ قلت : أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوجَكَ ، وقد أعلمتك أنّها ستكون من أزواجكَ . وهذا التأويل مطابق للتلاوة وذلك أنّ الله عزّ وجلّ حكم واعلم ابداء ما أخفى ، والله لا يخلف الميعاد ، ثمّ لم نجده عزّ وجلّ أظهر من شأنه غير التزويج بقوله : { زَوَّجْنَاكَهَا } . فلو كان أضمر رسول الله صلّى الله عليه محبّتها ، أو أراد طلاقها ، لكان لا يجوز على الله تعالى كتمانه مع وعده أنْ يظهره ، فدلّ ذلك على أنّه ( عليه السلام ) إنّما عوتب على قوله : { أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ } مع علمه بأنّها ستكون زوجته ، وكتمانه ما أخبره الله سبحانه به حيث استحيى أن يقول لزيد : إنّ التي تحتك ستكون امرأتي والله أعلم . وهذا قولٌ حَسن مرضي قوي ، وإن كان القول الآخر لا يقدح في حال النبيّ صلّى الله عليه ، لاِنّ العبد غير ملوم على ما يقع في قلبه من مثل هذه الأشياء ما لم يقصد فيه لمأثم . قوله : { فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً } أي حاجته من نكاحها { زَوَّجْنَاكَهَا } فكانت زينب تفخر على نساء النبي ( عليه السلام ) فتقول : أنا أكرمكنَّ وليّاً ، وأكرمكنَّ سفيراً ، زوجكن أقاربكن وزوّجني الله عزّ وجلّ . وأخبرنا أبو بكر الجوزقي قال : أخبرنا أبو العبّاس الدغولي قال : أخبرني أبو أحمد محمد ابن عبد الوهاب ومحمد بن عبيدالله بن قهراذ جميعاً ، عن جعفر [ بن محمّد ] بن عون ، عن المعلى بن عرفان عن محمّد بن عبدالله بن جحش قال : تفاخرت زينب وعائشة ، وقالت زينب : أنا التي نزل تزوّجي من السماء ، فقالت عائشة : أنا التي نزل عذري في كتابه حين حملني ابن المعطل على الراحلة ، فقالت زينب : وما قلتِ حين ركبتها ؟ قالت : قلت : حسبي الله ونعم الوكيل قالت : كلمة المؤمنين . وأنبأني عقيل بن محمد أنّ المعافى بن زكريا أخبره عن محمد بن جرير ، عن ابن حَميد عن جرير عن مغيرة عن الشعبي قال : كانت زينب تقول للنبيّ ( عليه السلام ) : إنّي لأدلّ عليك بثلاث ما من نسائك امرأة تدلّ بهن : جدّي وجدّك واحد ، وإنّي أنكحنيك الله في السماء ، وإنّ السفير لجبرائيل . قوله : { لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِيۤ أَزْوَاجِ أَدْعِيَآئِهِمْ } الذين تبنوه { إِذَا قَضَوْاْ مِنْهُنَّ وَطَراً } بالنكاح وطلقوهن أو ماتوا عنهن . قال الحسن : كانت العرب تظنّ أنّ حرمة المتبنى مشبّكة كاشتباك الرحم ، فميّز الله تعالى بين المتبنى وبين الرحم فأراهم أنّ حلائل الأدعياء غير محرّمة عليهم لذلك قال : { وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ ٱلَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ } [ النساء : 23 ] فقيَّد { وَكَانَ أَمْرُ ٱللَّهِ مَفْعُولاً } كائناً لا محالة ، وقد قضى في زينب أنْ يتزوّجها رسول الله صلّى الله عليه . قوله : { مَّا كَانَ عَلَى ٱلنَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ ٱللَّهُ } أحل الله { لَهُ سُنَّةَ ٱللَّهِ فِي ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلُ } أي كسنّةِ الله ، نصب بنزع حرف الخافض ، وقيل : فَعَلَ سُنَّةَ اللهِ ، وقيل : على الإغراء ، أي ابتغوا سنّة الله في الأنبياء الماضين ، أي لا يؤاخذهم بما أحلّ لهم . وقال الكلبي ومقاتل : أراد داود ( عليه السلام ) ، حين جمع الله بينه وبين المرأة التي هواها ، فكذلك جمع بين محمد وزينب حين هواها ، وقيل : الإشارة بالسنة إلى النكاح ، وإنَّه من سنّة الأنبياء وقيل : إلى كثرة الأزواج مثل قصة داود وسليمان ( عليهما السلام ) . { وَكَانَ أَمْرُ ٱللَّهِ قَدَراً مَّقْدُوراً } ماضياً كائناً . وقال ابن عبّاس : وكان من قدره أن تلد تلك المرأة التي ابتلى بها داود ابنا مثل سليمان وتهلك من بعده .