Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 45, Ayat: 1-21)
Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ حمۤ * تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ * إِنَّ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ لآيَاتٍ لِّلْمُؤْمِنِينَ * وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِن دَآبَّةٍ آيَاتٌ } قرأ حمزة والكسائي ويعقوب بكسر التاء من آيات وكذلك الّتي بعدها رداً على قوله : { لآيَاتٌ } وقرأ الباقون برفعها على خبر حرف الصفة . { لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ * وَٱخْتِلاَفِ ٱللَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ وَمَآ أَنَزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَّن رِّزْقٍ } يعني الغيث سماه رزقاً لأنّه سبب أرزاق العباد وأقواتهم { فَأَحْيَا بِهِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ ٱلرِّيَاحِ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ * تَلْكَ آيَاتُ ٱللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِٱلْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ ٱللَّهِ } . أي بعد حديث الله وكلامه . { وَآيَاتِهِ } وحججه ودليله . { يُؤْمِنُونَ } قرأ أهل الكوفة بالتاء ، وأختلف فيه عن عاصم ويعقوب عنهم بالياء . { وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ } كذّاب . { أَثِيمٍ * يَسْمَعُ آيَاتِ ٱللَّهِ تُتْلَىٰ عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * وَإِذَا عَلِمَ } يعني قوله { مِنْ آيَاتِنَا شَيْئاً ٱتَّخَذَهَا هُزُواً أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ } نزلت في أبي جهل وأصحابه . { مِّن وَرَآئِهِمْ } أمامهم . { جَهَنَّمُ } نظيره في سورة إبراهيم ( عليه السلام ) . { وَلاَ يُغْنِي عَنْهُم مَّا كَسَبُواْ } من الأموال . { شَيْئاً وَلاَ مَا ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوْلِيَآءَ } يعني الأوثان . { وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * هَـٰذَا } القرآن . { هُدًى وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مِّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ } من عذاب موجع . { ٱللَّهُ ٱلَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ ٱلْبَحْرَ لِتَجْرِيَ ٱلْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * وَسَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْه } فلا تجعلوا لله أنداداً . أخبرنا ابن فنجويه الدينوري ، حدثنا طلحة وعبد الله ، قالا : حدثنا ابن مجاهد ، حدثني ابن أبي مهران ، حدثني أحمد بن يزيد ، حدثنا شبابة ، عن أبي سمبلة ، عن عبد العزيز بن علي القريشي ، حدثنا محمد بن عبد الله بن أيوب الثقفي ، عن عثمان بن بشير ، قال : سمعت ابن عباس يقرأ : { وَسَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْه } مفتوحة ( الميم ) ، مرفوعة ( النون ) ، وبه رواية ، عن ابن عمر ، قال : سمعت مسلمة يقرأ : { وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِى السَّمَاوَاتِ وَمَا فِى الأرض جَمِيعًا مِّنْه } مفتوحة ( الميم ) مرفوعة ( النون ) وهي مشددة ، ( والهاء ) مضمومة . { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ * قُل لِّلَّذِينَ آمَنُواْ يَغْفِرُواْ لِلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ أَيَّامَ ٱللَّهِ } أي لا يخافون وقائع الله ولا يبالون نقمه ، قال ابن عباس ومقاتل : نزلت في عمر بن الخطاب رضي الله عنه وذلك أنّ رجلاً من بني غفار كان يشتمه فهمّ عمر أن يبطش به ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، وأمره بالعفو . أخبرنا الحسين بن محمد بن عبد الله ، حدثنا موسى بن محمد بن علي بن عبد الله ، حدثنا الحسن بن علوية ، حدثنا إسماعيل بن عيسى العطار ، حدثنا محمد بن زياد الشكري ، عن ميمون ابن مهران ، عن ابن عباس ، قال : لما نزلت هذه الآية { مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقْرِضُ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً } [ البقرة : 245 ] . قال يهودي بالمدينة يقال له فنحاص : احتاج ربّ محمد . قال : فلما سمع بذلك عمر بن الخطاب إشتمل على سيفه وخرج في طلبه . فجاء جبريل إلى محمد صلى الله عليه وسلم فقال : إنّ ربّك يقول : { قُل لِّلَّذِينَ آمَنُواْ يَغْفِرُواْ لِلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ أَيَّامَ ٱللَّهِ } ، واعلم إنّ عمر بن الخطاب قد اشتمل على سيفه وخرج في طلب اليهودي » . " فبعث النبي صلى الله عليه وسلم في طلبه ، فلما جاءه ، قال : " ياعمر خرج سيفك ؟ " . قال : صدقت يارسول الله ، أَشهد أنّك أُرسلت بالحقّ ، قال : " فإنّ ربّك يقول : { قُل لِّلَّذِينَ آمَنُواْ يَغْفِرُواْ لِلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ أَيَّامَ ٱللَّهِ } " . قال : لا جرم والّذي بعثك بالحقّ لا يُرى الغضب في وجهي . قال القرظي والسدي : نزلت في ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل مكّة كانوا في أذىً شديد من المشركين ، قبل أن يؤمروا بالقتال فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنزل الله تعالى هذه الآية ثمّ نسختها آية القتال . { لِيَجْزِيَ قَوْماً } بفتح الياءين وكسر الزاء ، وقرأ أبو جعفر بضم الياء الأُولى وجزم الثانية ، قال أبو عمرو : وهو لحن ظاهر ، وقال الكسائي : وهذه ليجري الجزاء قوماً ، وقرأ الباقون بفتح اليائين على وجه الخبر عن الله تعالى ، واختاره أبو عبيده وأبو حاتم لذكر الله تعالى قبل ذلك . { بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ * مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ * وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحُكْمَ وَٱلنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ } الحلالات ، يعني المن والسلوى . { وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى ٱلْعَالَمينَ * وَآتَيْنَاهُم بَيِّنَاتٍ مِّنَ ٱلأَمْرِ } يعني أحكام التوراة . { فَمَا ٱخْتَلَفُوۤاْ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بِيْنَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ * ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٍ } سنة وطريقة . { مِّنَ ٱلأَمْرِ } من الدّين . { فَٱتَّبِعْهَا وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ } يعني مُراد الكافرين الجاهلين ، وذلك حين دُعي إلى دين آبائه . { إِنَّهُمْ لَن يُغْنُواْ عَنكَ مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً } إن إتبعت أهواءهم . { وَإِنَّ ٱلظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ وَٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلْمُتَّقِينَ * هَـٰذَا } يعني هذا القرآن . { بَصَائِرُ } معالم . { لِلنَّاسِ } في الحدود والأحكام يبصرون بها . { وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ * أَمْ حَسِبَ ٱلَّذِينَ ٱجْتَرَحُواْ } إكتسبوا . { ٱلسَّيِّئَاتِ } يعني الكفر والمعاصي . { أَن نَّجْعَلَهُمْ كَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ سَوَآءً } قرأ أهل الكوفة نصباً واختاره أبو عبيدة ، وقال : معناه نجعلهم سواءً ، وقرأ الآخرون بالرفع على الابتداء والخبر ، واختاره أبو حاتم ، وقرأ الأعمش { وَمَمَاتُهُمْ } بنصب التاء على الظرف ، أي في . { مَّحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ } بئس ما يقضون ، قال المفسرون : معناه المؤمن في الدّنيا والآخرة مؤمن ، والكافر في الدّنيا والآخرة كافر . نزلت هذه الآية في نفر من مشركي مكّة قالوا للمؤمنين : لئن كان ما تقولون حقاً لَنفضلنَّ عليكم في الآخرة ، كما فضلنا عليكم في الدّنيا . أخبرنا ابن فنجويه ، حدثنا عبيد الله بن محمد بن شنبه ، حدثنا جعفر بن محمّد الفرماني ، حدثنا محمّد بن الحسين البلخي ، حدثنا عبد الله بن المبرك ، أخبرنا شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي الضحي ، عن مسروق ، قال : قال لي رجل من أهل مكّة : هذا مقام أخيك تميم الداري ، لقد رأيته ذات ليلة ، حتّى أصبح أو كاد أن يصبح يقرأ آية من كتاب الله ، ويركع ، ويسجد ، ويبكي { أَمْ حَسِبَ ٱلَّذِينَ ٱجْتَرَحُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ } … الآية . أخبرنا أبو عبد الله بن فنجويه ، حدثنا أبو بكر بن مالك القطيعي ، حدثنا عبد الله بن أحمد ابن حنبل ، حدثني أبو هشام زياد بن أيوب ، حدثنا علي بن يزيد ، حدثنا عبد الرحمن بن عجلان ، عن بشير بن أبي طعمة ، قال : بتّ عند الربيع بن خيثم ذات ليلة ، فقام يصلي فمر بهذه الآية { أَمْ حَسِبَ ٱلَّذِينَ } فمكث ليله حتّى اصبح ما يجوز هذه الآية إلى غيرها ، ببكاء شديد ، وقال إبراهيم بن الأشعث : كثيراً ما رأيت الفضيل بن عياض ، يردد من أول الليلة إلى آخرها هذه الآية ونظائرها { أَمْ حَسِبَ ٱلَّذِينَ ٱجْتَرَحُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ } ثمّ يقول : يافضيل ليت شعري من أي الفريقين أنت .