Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 63, Ayat: 8-11)
Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَآ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ } يعني من غزوة بني لحيان ثمّ بني المصطلق ، وهم حي من هذيل لَيُخْرِجَنَّ ٱلأَعَزُّ مِنْهَا ٱلأَذَلَّ ) . { وَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } فعزّة اللّه سبحانه قهر مَن دونه ، وعزّ رسوله إظهار دينه على الأديان كلّها ، وعزّ المؤمنين نصره إيّاهم على أعدائهم فهم ظاهرون . وقيل : عزّة اللّه : الولاية ، قال اللّه تعالى { هُنَالِكَ ٱلْوَلاَيَةُ لِلَّهِ ٱلْحَقِّ } [ الكهف : 44 ] وعزّة الرسول : الكفاية قال اللّه سبحانه : { إِنَّا كَفَيْنَاكَ ٱلْمُسْتَهْزِئِينَ } [ الحجر : 95 ] وعزّ المؤمنين : الرفعة والرعاية قال اللّه سبحانه : { وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ } [ آل عمران : 139 ] وقال { وَكَانَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً } [ الأحزاب : 43 ] . وقيل : عزة اللّه الربوبية ، وعزّة الرسول : النبوّة . وعزّة المؤمنين : العبودية . وكان جعفر الصّادق يقول : " من مثلي وربّ العرش معبودي ، من مثلي وأنت لي " . وقيل : عزّة اللّه خمسة : عزّ الملك والبقاء ، وعزّ العظمة والكبرياء ، وعزة البذل والعطاء ، وعزّ الرفعة والغناء ، وعزّ الجلال والبهاء ، وعزّ الرسول خمسة : عزّ السبق والابتداء ، وعزّ الأذان والنداء ، وعزّ قدم الصدق على الأَنبياء ، وعزّ الاختيار والاصطفاء ، وعزّ الظهور على الأعداء ، وعزّ المؤمنين خمسة : عزّ التأخير بيانه : نحن السابقون الآخرون ، وعزّ التيسير بيانه : { وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ٱلْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } [ القمر : 17 ] { يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلْيُسْرَ } [ البقرة : 185 ] ، وعزّ التبشير بيانه : { وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً } [ الأحزاب : 47 ] ، وعزّ التوقير بيانه : { وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ } [ آل عمران : 139 ] ، وعزّ التكثير وبيانه : إنهم أكثر الأُمم . { وَلَـٰكِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ } { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُلْهِكُمْ } لا تشغلكم { أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ } قال المفسرون : يعني الصلوات الخمس ، نظيره قوله سبحانه : { رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ } [ النور : 37 ] الآية . { وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ } { وَأَنفِقُواْ مِن مَّا رَزَقْنَاكُمْ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ فَيَقُولُ رَبِّ لَوْلاۤ أَخَّرْتَنِيۤ } أمهلتني يجوز أن يكون ( لا ) صلة ، فيكون الكلام بمعنى التمنّي ، ويجوز أن يكون بمعنى هلاّ فيكون استفهاماً . { إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ } يعني مثل ما أجلت في الدنيا ، { فَأَصَّدَّقَ } فأتصدّق وأزكّي مالي . { وَأَكُن مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ } المؤمنين نظيره قوله { وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ } [ الرعد : 23 ] هذا قول مقاتل وجماعة من المفسرين ، وقالوا : نزلت هذه الآية في المنافقين . وقيل : الصالح ها هنا : الحج ، والآية نازلة في المؤمنين . روى الضّحاك وعطية عن إبن عبّاس قال : ما من أحد يموت وكان له مال ولم يؤدِّ زكاته وأطاق الحجّ ولم يحجّ إلاّ سأل الرجعة عند الموت فقالوا : يا بن عبّاس اتّق اللّه فأنّما نرى هذا الكافر سأل الرجعة فقال : أنا أقرأ عليكم قرآناً ، ثم قرأ هذه الآية الى قوله { فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ } قال : أحجّ ، أخبرناه إبن منجويه قال : حدّثنا إبن حمدان قال : حدّثنا إبن سهلويه قال : حدّثنا سلمة قال : حدّثنا عبد الرزّاق قال : أخبرنا الثوري عن يحيى بن أبي حيّة عن الضّحاك عن إبن عبّاس . واختلف القرّاء في قوله { وَأَكُنْ } فقرأ أبو عَمرو وإبن محيص : وأكون بالواو ونصب النون على جواب التمنّي أو للاستفهام بالفاء ، قال أَبُو عَمرو : وإنما حذفت الواو من المصحف اختصاراً كما حذفوها في ( كلّمن ) وأصلها الواو . قال الفرّاء : ورأيت في بعض مصاحف عبد اللّه فقولا فقُلا بغير واو ، وتصديق هذه القراءة ما أخبرنا محمّد بن نعيم قال : أخبرنا الحسين بن أيّوب قال : أخبرنا علي بن عبد العزيز قال : أخبرنا القاسم بن سلام قال : حدّثنا حجاج عن هارون قال : في حرف أُبي بن كعب وعبد اللّه بن مسعود وأكون من الصالحين ، بالواو . وقرأ الآخرون : بالجزم وأكنْ عطفاً بها على قوله فأصّدّق لو لم يكن فيه الفاء وذلك أنّ قوله فأصدّق لو لم يكن فيه الفاء كان جزماً ، واختار أَبُو عبيد الجزم ، قال : من ثلاث جهات : أحدها : إنّي رأيتها في مصحف الإمام عثمان ( فأكن ) بحذف الواو ثم اتفقت بذلك المصاحف فلم تختلف . والثانية : اجتماع أكثر قرّاء الأمصار عليها . والثالثة : إنّا وجدنا لها مخرجاً صحيحاً في العربية لا يجهله أهل العلم بها وهو أنْ يكون نسقاً على محل أصّدق قبل دخول الفاء ، وقد وجدنا مثله في أشعارهم القديمة منها قول القائل : @ فأبلوني بليتكم لعلّي أصالحكم واستدرجْ نويا @@ فجزم واستدرج عطفاً على محل أصالحكم قبل دخول لعلّي . { وَلَن يُؤَخِّرَ ٱللَّهُ نَفْساً إِذَا جَآءَ أَجَلُهَآ وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } بالياء مختلف عنه غيره بالتاء .