Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 66, Ayat: 1-3)
Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } وذلك " أنَّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كان إذا صلّى الغداة دخل على نسائهِ امرأة امرأة ، وكان أهديت لحفصة بنت عمر عكّة عسل ، فكان إذا دخل عليها رسول اللّه صلى الله عليه وسلم مُسلِّماً حبستهُ وسقته منها ، وإنّ عائشة أنكرت احتباسهُ عندها ؛ فقالت لجويرية عندها حبشية يقال لها : حصن : إذا دخل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم على حفصة فادخلي عليها وانظري ماذا يصنع ، فأخبرتها الخبر وشأن العسل ، فغارت عائشة وأرسلت إلى صَواحبها فأخبرتهن وقالت : إذا دخل عليكنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فقلن : إنّا نجد منّك ريح مغافير ، وهو صمغ العرفط ، كريه الرائحة ، وكان رسول اللّه يكرهه . قال : فدخل رسول اللّه على سودة ، قالت : فما أردت أنْ أقول ذلك لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم ثم أنّي فرقت من عائشة فقلتُ : يا رسول اللّه ما هذه الريح التي أجدُها منك ؟ أكلت المغافير ؟ فقال : " لا ، ولكن حفصة سقتني عسلا " . ثمَّ دخل رسول على امرأة امرأة وهنَّ يقلنّ له ذلك ، ثمّ دخل على عائشة فأخذت بأنفها . فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم " ما شأنك ؟ " قالت : أجدُ ريح المغافير ، أكلتها يا رسول اللّه ؟ قال : " لا ؛ بل سقتني حفصة عسلا " . قالت : حرست إذاً نحلها العرفط ، فقال لها صلى الله عليه وسلم " واللّه لا أطعمهُ أبداً " فحرّمهُ على نفسه " . وقال عطاء بن أبي مسلم : إنَّ التي كانت تسقي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أُم سلمة . أخبرنا عبد اللّه بن حامد ، أخبرنا محمد بن الحسن ، حدّثنا علي بن الحسن ، حدّثنا علي ابن عبد اللّه ، حدّثنا حجّاج بن محمد الأعور عن إبن جريج قال : " زعم عطاء أنّهُ سمع عبيد بن عمير قال : سمعتُ عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ورضي عنها تخبر أنَّ رسول اللّه كان يمكث عند زينب بنت جحش ويشرب عندها عسلا ، قالت : فتواطأتُ أنا وحفصة أيَّتُنَا دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم فلنقل : إني أجدُ منك ريح مغافير ، فدخل على احداهما ، فقالت له ذلك ، فقال : " لا بل شربتُ عسلا عند زينب بنت جحش ، ولن أعود له " فنزلت { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ … } الآيات . " قالوا : وكان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قسّم الأيام بين نسائهِ فلمّا كان يوم حفصة قالت : يا رسول اللّه ، إنّ لي إلى أبي حاجة نفقة لي عندهُ ، فأذنْ لي أنْ أزوره وآتي ، فأذن لها ، فلمّا خرجت أرسل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إلى جاريته مارية القبطية أُم إبراهيم وكان قد أهداها المقوقس فأدخلها بيت حفصة فوقع عليها ، فأتت حفصة فوجدت الباب مُغلقاً فحُبست عند الباب ، فخرج رسول اللّه ( عليه السلام ) ووجههُ يقطرُ عرقاً وحفصة تبكي ، فقال : ما يُبكيكِ ؟ قالت : إنّما أذنت لي من أجل هذا ، أدخلت أَمتك بيتي ، ثم وقعت عليها في يومي وعلى فراشي ، أما رأيت لي حُرمة وحقاً ؟ ما كنتَ تصنعُ هذا بامرأة منهنّ ؟ فقال رسول اللّه ( عليه السلام ) : " أليس هي جاريتي قد أحلّها اللّه لي ؟ اسكتي فهي حرام عليَّ ألتمس بذلك رضاكِ ، فلا تخبري بهذا امرأة منهن هو عندك أمانة " " . فلمّا خرج رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قرعت حفصة الجدار الذي بينها وبين عائشة فقالت : ألا أُبشركِ أنّ رسول اللّه قد حرّم عليه أمته مارية ، فقد أراحنا اللّه منها ، فأخبرت عائشة بما رأت وكانتا متصافيتين ، متظاهرتين على سائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فغضبت عائشة فلم تزل بنبي اللّه صلى الله عليه وسلم حتى حلف أن لا يقربها ؛ فأنزل اللّه { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ } يعني العسل ومارية . وقال عكرمة : نزلت في المرأة التي وهبت نفسها للنبي عليه والسلام ، ويُقال لها أُم شريك ؛ فأبى النبي ( عليه السلام ) أن يصلها لأجل امرأته { تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } . { قَدْ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ } أن تكفروها إذا حنثم ، وهي قولهُ في سورة المائدة . { وَٱللَّهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ } فأمرهُ أنْ يكفِّر حنثه ، ويُراجع أَمته . { وَإِذْ أَسَرَّ ٱلنَّبِيُّ إِلَىٰ بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً } وهو تحريمهُ صلى الله عليه وسلم فتاته على نفسه ، وقوله لحفصة : لا تخبري بذلك أحداً . وقال الكلبي : أسرّ إليها أنْ أباكِ وأبا عائشة يكونان خليفتين على أُمتي من بعدي . أخبرنا عبد اللّه بن حامد قراءة عليه ، أخبرنا عمر بن الحسن ، حدّثنا أحمد بن الحسن بن سعيد ، حدّثنا أُبي ، حدّثنا حصين عن الحر المسلي عن خلف بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس : { وَإِذْ أَسَرَّ ٱلنَّبِيُّ إِلَىٰ بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً } قال : أسرَّ النبي صلى الله عليه وسلم أمر الخلافة بعده ؛ فحدّثت به حفصة . أخبرنا عبد اللّه بن حامد ، أخبرنا نصر بن محمد بن شيرزاد ، حدّثنا الحسن بن سعيد البزار ، حدّثنا خالد بن العوام البزار ، حدّثني فرات بن السائب عن ميمون بن مهران في قول اللّه تعالى { وَإِذْ أَسَرَّ ٱلنَّبِيُّ إِلَىٰ بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً } قال : أسرَّ إليها أنّ أبا بكر خليفتي من بعدي . { فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ } خبّرت بالحديث الذي أسرّ إليها رسول اللّه صلى الله عليه وسلم صاحبتها . { وَأَظْهَرَهُ ٱللَّهُ عَلَيْهِ } اي وأطلع اللّه نبيه صلى الله عليه وسلم على أنّها قد نبّأت به . وقرأ طلحة بن مصرف : فلمّا أنبأت به بالألف . { عَرَّفَ بَعْضَهُ } قرأ علي وأَبُو عبد الرّحمن والحسن البصري وقتادة والكسائي : عرف بالتخفيف . أخبرنا محمد بن عبدوس ، حدّثنا محمد بن يعقوب ، حدّثنا محمد بن الجهم ، حدّثنا الفرّاء ، حدّثني شيخ من بني أسد يعني الكسائي عن نعيم بن عَمُرو عن عطاء عن أبي عبد الرّحمن قال : كان إذا قرأ عليه الرجل عرّف بالتشديد حصبه بالحصباء ، ومعناه على هذه القراءة : عرف بعض ذلك ما فعلت الفعل الذي فعلته من إفشاء سِرّه أي غضب من ذلك عليها وجازاها به ، من قول القائل لمن اساء إليه : لأعرفنّ لك بمعنى لأجازينّك عليه . قالوا وجازاها رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بإنّ طلّقها ، فلمّا بلغ ذلك عُمر قال : لو كان في آل عمر خير لما طلقك رسول اللّه شهراً ، فجاءه جبرائيل ( عليه السلام ) وأمرهُ بمراجعتها ، واعتزل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم نساءه شهراً ، وقعد في مشربة أُم إبراهيم مارية حتى نزلت آية التخيير ، فقال مقاتل بن حيّان : لم يطلق رسول اللّه صلى الله عليه وسلم حفصة وإنّما همَّ بطلاقها فأتاهُ جبرائيل ( عليه السلام ) فقال : لا تطلّقها ؛ فإنّها صوّامة قوّامة ، وإنّها من أحدى نسائك في الجنة ، فلم يطلقها . وقرأ الباقون : عرّف بالتشديد يعني : إنّهُ عرّف حفصة بعض ذلك الحديث وأخبرها به ، واختاره أَبُو حاتم وأَبُو عبيدة قال : لأنّه في التفسير أنّهُ أخبرها ببعض القول الذي كان منها ، ومما يحقق ذلك قوله : { وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ } يعني : إنّه لم يعرّفها أياهُ ولم يخبرها به . ولو كانت { عَرَّفَ بَعْضَهُ } مخففه لكان ضدّه وأنكر بعضاً ، ولم يقل أعرّض عنه . قال الحسن : ما استقصى كريم قط ، قال اللّه تعالى { عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ } . قال مقاتل : يعني أخبرها ببعض ما قال لعائشة ، فلم يخبرها بقولها أجمع ، عرّف حفصة بعضهُ وأعرض عن بعض الحديث بأنّ أبا بكر وعمر يملكان بعدي . { فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ } أي أخبر حفصة بما أظهره اللّه عليه . { قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَـٰذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْخَبِيرُ } .