Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 66, Ayat: 5-12)

Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ عَسَىٰ رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ } داعيات ، وقيل : مُصليات . { تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ } يُسحَن معه حيث ما ساح ، وقيل : صائمات . وقال زيد بن أسلم وأبنهُ ويمان : مهاجرات . { ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً } والآية واردة في الإخبار ، عن القدرة لا عن الكون في الوقت ؛ لأنهُ تعالى قال : { إِن طَلَّقَكُنَّ } وقد علِمَ أنّهُ لا يطلقهنّ ، وهذا قوله { وَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُوۤاْ أَمْثَالَكُم } [ محمد : 38 ] فهذا إخبار عن القدرة وتخويف لهم ، لا أن في الوجود من هو خير من أمة محمد صلى الله عليه وسلم { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ قُوۤاْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً } يعني : مروهم بالخير ، وانهوهم عن الشر وعلّموهم وأدنوهم تقوهم بذلك ناراً { وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ غِلاَظٌ } فظاظ { شِدَادٌ } أقوياء لم يخلق اللّه فيهم الرّحمة ، وهم الزبانية التسعة عشر وأعوانهم من خزنه النّار . { لاَّ يَعْصُونَ ٱللَّهَ مَآ أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لاَ تَعْتَذِرُواْ ٱلْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ تُوبُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً } قراءة العامة بفتح النون على نعت التوبة . وروى حماد ويحيى بن آدم عن أبي بكر عن عاصم بضمِّهِ على المصدر ، وهي قراءة الحسن . قال المبرّد : أراد توبة ذات نصح ، واختلف المفسِّرون في معنى التوبة النّصوح . وقال عُمَر وأُبي ومعاذ : التوبة النصوح أنْ يتوب ثم لا يعود إلى الذنب ، كما لا يعود اللبن إلى الضرع ، ورفعهُ معاذ . وقال الحسن : هي أنْ يكون العبد نادماً على ما مضى ، مجمعاً على أنْ لا يعود فيه . الكلبي : أن يستغفر باللسان ، ويندمُ بالقلب ، ويمسك بالبدن . قال قتادة : هي الصادقة الناصحة . سعيد بن جبير : هي توبة مقبولة ، ولا تقبل مالم يكن فيها ثلاث : خوف أن لا تُقبل ، ورجاء أن تقبل ، وإدمان الطاعات . سعيد بن المسيّب : توبة تنصحون بها أنفسكم . القرظي : تجمعها أربعة أشياء : الاستغفار باللسان ، والأقلاع بالأبدان ، وإظهار ترك العود بالجَنان ، ومهاجرة سيّئ الخلاّن . سفيان الثوري : علامة التوبة النّصوح أربع : القلّة ، والعلة ، والذلة ، والغربة . فضيل بن عياض : هي أن يكون الذنب نصب عينيه ، ولا يزال كأنّهُ ينظرُ إليه . أَبُو بكر محمد بن موسى الواسطي : هي توبة لا لعقد عوض ؛ لأن من أذنب في الدنيا لرفاهيّة نفسه ، ثم تاب طلباً لرفاهيتها في الآخرة فتوبته على حظ نفسه لا لله . أَبُو بكر الورّاق : هي أن تضيق عليك الأرض بما رحبت ، وتضيق عليك نفسك كتوبة الثلاثة الذين خلِّفوا . أَبُو بكر الرقاق المصري : ردّ المظالم واستحلال الخصوم ، وإدمان الطاعات . رويم الرّاعي : هو أن تكون للّه وجهاً بلا قفاً كما كنت لهُ عند المعصية قفاً بلا . رابعة : توّبة لابيات منها . ذو النون : علامتها ثلاث : قلة الكلام وقلة الطعام وقلة المنام . سقيق : هي أن يكثر صاحبها لنفسه الملامة ، ولا ينفك من الندّامة ، لينجو من آفاتها بالسّلامة . سري السقطي : لا تصح التوبة النصوح إلاّ بنصحة النفس من المؤمنين ؛ لأن مَن صحت توبته أحب أن يكون النّاس مثله . الجنيد : هي أَن ينسى الذنب فلا يذكره أبداً ؛ لأن من صحت توبته صار محبّاً للّه ، ومن أَحب اللّه نسي ما دون اللّه . سهل : هي توبة أهل السُنّة والجماعة لأنّ المبتدع لا توبة له ، بدليل قوله صلّى اللّه عليه وسلم : " حجب اللّه على كل صاحب بدعة أن يتوب " . أَبُو الأَديان : هي أَن يكون لصاحبها دمع سفوح ، وقلب عن المعاصي جموع ، فاذا كان ذلك فإنّ توبته نصوح ، وأمارات التوبة منه تلوح . فتح الموصلي : علامتها ثلاث : مخالفة الهوى ، وكثرة البكاء ، ومكابدة الجوع والظماء . { عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ يَوْمَ لاَ يُخْزِى ٱللَّهُ ٱلنَّبِيَّ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ } على الصراط . { يَقُولُونَ } إذا طفئ نور المنافقين . { رَبَّنَآ أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَٱغْفِرْ لَنَآ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ جَاهِدِ ٱلْكُفَّارَ وَٱلْمُنَافِقِينَ وَٱغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } ثمّ ضرب مثلا للصالحات ، والصالحات من النساء فقال عزّ من قائل : { ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱمْرَأَتَ نُوحٍ } واسمها واعلة وامرأة لوط واسمها واهلة . وقال مقاتل : والعدو والهة . { كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا } في الدين ، وما بغت امرأة النّبي قط . قال ابن عبّاس : ليس بخيانة الزّنا وهما ( امرأتا ) نوح ولوط ( عليهما السلام ) وإنّما خيانتهما أنّهما كانتا على غير دينهما ، فكانت امرأة نوح تخبر النّاس أنّه مجنون وتُطلع على سرّه ، فاذا آمنَ بنوح أحد أخبرت الجبابرة من قوم نوح به . وأمّا امرأة لوط فكانت تدلّ قومه على أضيافه . { فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا } مع توبتهما { مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ٱدْخُلاَ ٱلنَّارَ مَعَ ٱلدَّاخِلِينَ } يخوّف عائشة وحفصة رضي اللّه عنهما . { وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ ٱمْرَأَتَ فِرْعَوْنَ } وهي آسية بنت مزاحم . قال المفسرون : لمّا غلب موسى السحرة آمنت امرأة فرعون فلمّا تبيّن إسلامها وثبتت عليه أوتد يديها ورجليها بأَربعة أَوتاد وأَلقاها في الشمس وأَمر بصخرة عظيمة لتلقى عليها ، فلمّا أتوها بالصخرة { إِذْ قَالَتْ رَبِّ ٱبْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي ٱلْجَنَّةِ } وأبصرت بيتها في الجنّة من دُرّة ، وانتزع اللّه روحها ، فألقيت الصخرة على جسد ليس فيه روح ، فلم تجد ألماً من عذاب فرعون . وقال الحسن وإبن كيسان : رفع اللّه امرأة فرعون إلى الجنّة فهي فيها تأكل وتشرب . أخبرنا محمد بن عبد اللّه بن حمدون ، أخبرنا علي بن عبدان ، حدّثنا أَبُو الأزهر ، حدّثنا أسباط عن سُليمان عن أبي عثمان عن سلمان قال : كانت امرأة فرعون تعذّب بالشمس ، وإذا انصرفوا عنها أظلّتها الملائكة وجعلت ترى بيتها في الجنّة . { وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ } أي دينه . أخبرنا عبد اللّه بن حامد ، أخبرنا أحمد بن محمد بن أبي سعيد ، حدّثنا علي بن حرث ، حدّثنا أَبُو المنذر هشام بن محمد عن أبي صالح عن إبن عبّاس في قول اللّه تعالى { وَنَجِّنِي مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } الكافرين ، قطع اللّه بهذه الآية طمع من ركب المعصية ورجا أن ينفعه صلاح غيره ، وأخبر أنّ معصية الغير لا تضرّه إذا كان مطيعاً . { وَمَرْيَمَ ٱبْنَتَ عِمْرَانَ ٱلَّتِيۤ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا } أي في درعها ، لذلك ذكر الكناية . { وَصَدَّقَتْ } قراءة العامّة بالتشديد ، وقرأ لاحق بن حميد بالتخفيف . { بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا } قراءة العامّة بالجمع . وقرأ الحسن وعيسى والجحدري : الكلمة على الواحد يعنون عيسى ( عليه السلام ) { وَكُتُبِهِ } قرأ أَبُو عمر ويعقوب : وكتبه ، على الجمع ، وهي رواية حفص عن عاصم واختيار أبي حاتم قال : لأنّها أَعم . وقرأ الباقون : و { وكتابه } ، على الواحد وهي اختيار أبي عبيد . { وَكَانَتْ مِنَ ٱلْقَانِتِينَ } المطيعين ، مجازه : من القوم العابدين ، ولذلك لم يقل قانتات ، نظيره { يٰمَرْيَمُ ٱقْنُتِي لِرَبِّكِ } [ آل عمران : 43 ] . أخبرنا الحسن بن محمد ، حدّثنا أحمد بن محمّد بن اسحاق السني ومحمد بن المظفّر قالا : حدّثنا علي بن أحمد بن سليمان ، حدّثنا موسى بن سابق ، حدّثنا إبن وهب أخبرني الماضي ابن محمد عن بردة عن مكحول عن معاذ بن جبل : " أنّ النبّي صلى الله عليه وسلم دخل على خديجة وهي تجود بنفسها فقال : " أكره ما نزل بك يا خديجة وقد جعل اللّه في الكره خيراً كثيراً ، فإذا قدمت على ضرّاتك فأقرئيهنّ منّي السلام " . قالت : يا رسول اللّه من هنّ ؟ قال : « مريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم وكليمة أو حليمة أُخت موسى » . شكَّ الراوي ، فقالت : بالرفاه والبنين " . أخبرنا الحسن بن محمد ، حدّثنا عبد اللّه بن محمد بن شيبة ، حدّثنا عبيد اللّه أحمد بن منصور الكسائي ، حدّثنا محمد بن عبد الجبار المعروف بسندول الهمداني ، حدّثنا أَبُو أُسامة عن شعبة عن عمرو بن مرّة عن أبي موسى قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم " كمل من الرجال كثير ، ولم يكمل من النساء إلاّ أربع : آسية بنت مُزاحم امرأة فرعون ، ومريم أبنة عمران ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد ، وفضل عائشة على النّساء كفضل الثريد على سائر الطعام " .