Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 69, Ayat: 18-52)

Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لاَ تَخْفَىٰ } بالياء كوفي غير عاصم والباقون بالتاء { مِنكُمْ خَافِيَةٌ } في الحديث قال : " يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات ، فأمّا عرضتان فجدال وخصومات ومعاذير ، وأمّا الثالثة فعند ذلك تطير الصحف في الأيدي ، فآخذ بيمينه وآخذ بشماله " . { فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَآؤُمُ } أي تعالوا { ٱقْرَؤُاْ كِتَابيَهْ } ها الوقف وأخواته مثله { إِنِّي ظَنَنتُ } علمت وأيقنت { أَنِّي مُلاَقٍ حِسَابِيَهْ } . أخبرنا الحسن قال : حدّثنا عبد الله بن يوسف قال : حدّثنا أبو القيّم عبد الله بن محمد بن إسحاق المروزي قال : حدّثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي قال : حدّثنا عمر بن إبراهيم بن خالد عن عبد الرحمن قال : حدّثنا مرحوم بن أبي أرطبان ابن عم عبد الله بن عون قال : حدّثنا عاصم الأحول عن زيد بن ثابت قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أوّل مَنْ يُعطى كتابه بيمينه من هذه الأمّة عمر بن الخطّاب ، وله شعاع كشعاع الشمس " فقيل له : فأين أبو بكر ؟ قال : " هيهات هيهات زفّته الملائكة إلى الجنّة " . أخبرنا الحسن ، حدّثنا منصور بن جعفر بن محمد النهاوندي ، قال : حدّثنا أبو صالح أحمد ابن محمد بن أسعد البروجردي ، قال : حدّثنا أسد بن عاصم ، قال : حدّثنا إبراهيم بن محمد ، قال : حدّثنا أبو عمر الضرير عن حماد عن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا عائشة كلّ الناس يحاسبون يوم القيامة إلاّ أبو بكر " . { فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ } مرضية كقوله : { مَّآءٍ دَافِقٍ } [ الطارق : 6 ] وقيل : ذات رضا مثل لأبن وتأمن { فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ } رفيعة { قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ } ثمارها قريبة ينالها القائم والقاعد والمضطجع ، يقال لهم { كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ هَنِيئَاً بِمَآ أَسْلَفْتُمْ فِي ٱلأَيَّامِ ٱلْخَالِيَةِ } قدّمتم لآخرتكم من الأعمال الصالحة في الأيام الماضية وهي الدنيا . أخبرني الحسين قال : حدّثنا القطيعي قال : حدّثنا عبد الله قال : أخبرت عن عبد الله بن أبي بكر بن عليّ المقدمي قال : حدّثنا عبد الله بن جعفر قال : سمعت يوسف بن يعقوب الخيفي يقول : بلغنا أن الله سبحانه وتعالى يقول يوم القيامة : يا أوليائي طال ما نظرت إليكم في الدنيا وقد قلصت شفاهكم عن الأشربة ، وغارت أعينكم ، وخمصت بطونكم ، فكونوا اليوم في نعيمكم ، وكلوا واشربوا هنيئاً بما أسلفتم في الأيام الخالية . { وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ } قال ابن الثابت : تلوى يده اليسرى خلف ظهره ثمّ يعطى كتابه . وقيل : تنزع من صدره إلى خلف ظهره { فَيَقُولُ يٰلَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ * يٰلَيْتَهَا كَانَتِ ٱلْقَاضِيَةَ } يقول : يا ليت الموتة التي متّها في الدنيا كانت القاضية الفارغة من كل ما بعدها ، فلم أُبعث بعده ، والقاضية موت الأحياء بعدها . وقيل : معناه يا ليتني متُّ فاسترحت . قال قتادة : تمنّى الموت ولم يكن عنده في الدنيا شيء أكره من الموت . { مَآ أَغْنَىٰ عَنِّي مَالِيَهْ * هَّلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ } ذهبت عنّي حجّتي عن أكثر المفسّرين ، وقال ابن زيد : زال عنّي ملكي وقولي فيقول الله لخزنة جهنّم : { خُذُوهُ } ، ويروى أنّه يجتمع على شخص واحد من أهل النار مائة ألف من الزبانية ، فيقطع في أيديهم قال : فلا يرى على أيديهم منه إلاّ الودك ، ثمّ يعاد خلقاً جديداً . { فَغُلُّوهُ * ثُمَّ ٱلْجَحِيمَ صَلُّوهُ } أدخلوه { ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ } فأدخلوه في ذراع الملك ، فيدخل دبره ويخرج من منخريه . وقيل : يدخل من فيه ويخرج من دبره . روى سفيان عن بسر بن دعلوق عن نوف البكالي قال : كلّ ذراع سبعون باعاً والباع أبعد ممّا بينك وبين مكّة ، وكان في رحبة الكوفة . وقال سفيان الثوري : كلّ ذراع من سبعين ذراعاً سبعون ذراعاً وقال : بأي ذراع هو ؟ ، وقال عبد الله بن عمر وابن العاص : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لو أن رصاصة مثل هذه وأشار إلى جمجمة أُرسلت من السماء إلى الأرض فهي مسيرة خمسمائة سنة بلغت الأرض قبل الليل ، ولو أنّها أُرسلت من رأس السلسلة لسارت أربعين خريفاً الليل والنهار قبل أن تبلغ أصلها أو قعرها " . وأخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا ابن حبش قال : حدّثنا ابن زنجويه قال : حدّثنا موسى بن محمد قال : حدّثنا الحسن بن عليّ قال : حدّثنا سلمة قال : حدّثنا عبد الرزاق قال : حدّثنا بكار ابن عبد الله عن ابن أبي مليكة عن عبد الله بن حنظلة عن كعب في قوله : { ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ } قال : لو جمع حديد الدنيا ما وزن حلقة منها . وأخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا موسى بن محمد قال : حدّثنا الحسن بن علويه قال : حدّثنا إسماعيل بن عيسى قال : حدّثنا المسيب قال : حدّثنا سويد بن يحيى قال : بلغني أن جميع أهل النار في تلك السلسلة ، ولو أن حلقة منها وضعت على جبل لذاب من حرّها . { إِنَّهُ كَانَ لاَ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ ٱلْعَظِيمِ * وَلاَ يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ * فَلَيْسَ لَهُ ٱلْيَوْمَ هَا هُنَا حَمِيمٌ } صديق ، وقيل : قريب يعينه ، وقيل : هو مأخوذ من الحميم ، وهو الماء الحار كأنه الصديق الذي يرق ويحترق قلبه له . { وَلاَ طَعَامٌ } وليس له اليوم طعام . { إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ } وهو صديد أهل النار مأخوذ من الغسل كأنه غسالة جروحهم وقروحهم ، وقال الضحاك والربيع : هو شجر يأكله أهل النار . { لاَّ يَأْكُلُهُ إِلاَّ ٱلْخَاطِئُونَ } المذنبون وهم الكافرون . { فَلاَ أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ * وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ } ترون وما لا ترون ، وأراد جميع المكونات والموجودات ، وقيل : الدنيا والآخرة . وقيل : ما في ظهر السماء والأرض وما في بطنها . وقيل : الأجسام والأرواح . وقيل : النعم الظاهرة والباطنة . وقال جعفر الصادق : بما تبصرون من صنعي في ملكي وما لا تبصرون من برّي بأوليائي . وقال الجنيد : ما تبصرون من آثار الرسالة والوحي على حسن محمد وما لا تبصرون من السر معه ليلة الإسراء . وقيل : ما أظهر الله للملائكة واللوح والقلم ، وما استأثر بعلمه فلم يطلع عليه أحداً . وقيل : ما تُبصرون : الإنس وما لا تبصرون : الجن والملائكة . وقال ابن عطا : ما تبصرون من آثار القدرة وما لا تبصرون من أسرار القرية . { إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ } أي تلاوة محمد وتبليغه ، وقيل : لقول مرسل رسول كريم فحذف كقوله { وَسْئَلِ ٱلْقَرْيَةَ } [ يوسف : 82 ] . { وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَّا تُؤْمِنُونَ * وَلاَ بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ } قرأ ابن عامر ويعقوب أبو حاتم : يؤمنون ويذكرون بالياء ، وغيرهم بالتاء فيهما { تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ وَلَوْ تَقَوَّلَ } تخرّص واختلق { عَلَيْنَا بَعْضَ ٱلأَقَاوِيلِ * لأَخَذْنَا مِنْهُ بِٱلْيَمِينِ } قيل : من صلة مجازه : لعاقبناه وانتقمنا منه بالحق كقوله : { قَالُوۤاْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ ٱلْيَمِينِ } [ الصافات : 28 ] أي من قبل الحق . وقال ابن عباس : لأخذناه بالقوة والقدرة ، كقول الشاعر : @ إذا ما راية رفعت لمجد تلقّاها غرابة باليمن @@ وقيل : معناه لأخذنا منه باليد اليمنى من يديه ، وهو مثل معناه لأذللناه وأهناه ، وهذا كقوله : ذي السلطان إذا أراد الاستخفاف ببعض من بين يديه ، واهانته لبعض أعوانه ، خذ بيده فاقمه ، واعتمد ابن جرير هذا التأويل . { ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ ٱلْوَتِينَ } نياط القلب ، عن ابن عباس وأكثر الناس ، وقال قتادة : حبل القلب ، وقال مجاهد : الحبل الذي في الظهر . وقيل : هو عرق بين العلباء والحلقوم . { فَمَا مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ } مانعين يحجزوننا عن عقوبته وما نفعله به وإنّما جمع وهو فعل واحد رداً على معناه كقوله : { لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ } [ البقرة : 285 ] ، وقال ( عليه السلام ) : " لم تحل الغنائم لأحد سود الرؤوس [ ممّن ] قبلكم " لفظه واحد ومعناه الجميع . { وَإِنَّهُ } يعني القرآن { لَتَذْكِرَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ * وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنكُمْ مُّكَذِّبِينَ * وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ } إذا رأوا ثواب متبابعيه وقد خالفوه . { وَإِنَّهُ لَحَقُّ ٱلْيَقِينِ } إضافه إلى نفسه لاختلاف اللفظين { فَسَبِّحْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلْعَظِيمِ } الذي كلّ شيء في جنب عظمته صغير .