Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 180-186)

Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَللَّهِ ٱلأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ فَٱدْعُوهُ بِهَا } قال مقاتل : وذلك أن رجلاً دعا الله في صلاته ودعا الرحمن ، فقال رجل من مشركي مكة : أليس يزعم محمد وأصحابه أنهم يعبدون رباً واحداً فما بال هذا يدعو ربين اثنين ، فأنزل الله { وَللَّهِ ٱلأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ } وهو تأنيث الأحسن كالكبرى والأكبر والصغرى والأصغر ، والأسماء الحسنى هي الرحمن الرحيم . الملك القدوس السلام ونحوها . الأعرج عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن لله تبارك وتعالى تسعة وتسعين اسماً ، مائة غير واحدة ، من أحصاها كلّها دخل الجنّة " . { وَذَرُواْ ٱلَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِيۤ أَسْمَآئِهِ } . قال ابن عباس : يكذبون ، وقال قتادة : يشركون ، وقال عطاء : ظامئون ، زيد بن أسلم : يميلون عن الحق . ابن عباس ومجاهد : هم المشركون . وإلحادهم في أسماء الله عز وجل أنهم عدلوا بها عمّا هي عليه فسموا بها أوثانهم وزادوا فيها ونقصوا منها فاشتقوا اللات من الله تعالى والعزّى من العزيز ومنات من المنّان . وقال أهل المعاني : الإلحاد في أسماء الله تعالى يسميه بما لم يسم به ولا ينطق به كتاب ولا دعا إليه رسول ، وأصل الإلحاد الميل والعدول عن القصد ومنه لحد القبر . فيقال : ألحد يلحد إلحاداً ولحد يلحد لحداً ولحوداً إذا مال . وقد قرئ بهما جميعاً فقرأ يحيى بن رئاب والأعمش وحمزة : بفتح الياء والحاء هاهنا وفي النحل ( رحم ) . وقرأ الباقون : بضم الياء وكسر الحاء وهما لغتان [ صحيحتان ] . وأمّا الكسائي فإنّه قرأ التي في النحل بفتح الياء والحاء وفي الأعراف ( رحم ) بالضم وكل يفرق بين الإلحاد واللحود فيقول : الالحاد العديل عن القصد واللحد واللحود الركون ، ويزعم أن التي في النحل يعني الركون { سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } في الآخرة { وَمِمَّنْ خَلَقْنَآ أُمَّةٌ } عصبة { يَهْدُونَ بِٱلْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ } قال قتادة وابن جريج : " بلغنا أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية فقال : " هي أحق بالحق يأخذون ويقضون ويعطون وقد أعطى القوم بين أيديكم مثلها ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون " . قال الربيع بن أنس : " قرأ النبيّ صلى الله عليه وسلم هذه الآية فقال : " إن من أمتي قوماً على الحق حتّى ينزل عيسى " ( عليه السلام ) . عن عمير بن هاني قال : سمعت معاوية على هذا المنبر يقول : " سمعت النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : لا يزال من أُمّتي أُمّة قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من غالطهم حتّى يأتي أمر الله عزّ وجلّ ، وهم ظاهرون على الناس " . وقال ابن حيان : هم مؤمنو أهل الكتاب . وقال عطاء : هم المهاجرون والأنصار والتابعون بإحسان قد سماهم الله تعالى في سورة براءة . وقال الكلبي : هم من جميع الخلق { وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ } قال بعضهم : سنأخذهم بالعذاب ، وقال الكلبي : نزّين لهم أعمالهم فنهلكهم . وقال الضحاك : كلما جددوا لنا معصية جددنا لهم نعمة ، وقال الخليل بن أحمد : سنطوي وإن أعمارهم في اغترار منهم . وقال أبو عبيدة والمؤرخ : الاستدراج أن يأتيه من حيث لا يعلم . وقال أهل المعاني : الاستدراج أن ندرج إلى الشيء في خفيّة قليلاً قليلاً ولا يباغت ولا يجاهر . يقال : استدرج فلاناً حتّى تعرف ما صنع أي لا يجاهر ولا يهجم عليه ، قال : ولكن استخرج ما عنده قليلاً قليلاً وأصله من [ الدرج ] وذلك أن الراقي والنازل يرقى وينزل مرقاة مرقاة فاستعير [ هذا عنه ] . ومنه الكتاب إذا طوى شيئاً بعد شيء ، ودرج القوم إذا مات بعضهم في دار بعض ، ودرج الصبي إذا قارب من خطاه في المشي { وَأُمْلِي لَهُمْ } يعني أُمهلهم وأطيل من الملاواة وهو الدهر ، ومنه مليت أي غشت دهراً { إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ } أي أخذي قوي مديد قلت : في المستهزئين ، فقتلهم الله في ليلة واحدة { أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُواْ مَا بِصَاحِبِهِمْ مِّن جِنَّةٍ } قتادة : ذكر لنا " أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قام على الصفا ليلاً فجعل يدعو قريشاً فخذاً فخذاً يابني فلان يابني فلان يحذرهم بأس الله عزّ وجلّ ، ووقائعه فقال قائلهم : إن صاحبكم هذا لمجنون بات يصوّت حتى الصباح فأنزل الله { أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِم مِّن جِنَّةٍ } " ما بمحمد من جنون . { إِنْ هُوَ } ما هو { إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } مخوف { أَوَلَمْ يَنْظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ } ملك { ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا خَلَقَ ٱللَّهُ } فيهما { مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَىۤ } وهي أن لعلّ { أَن يَكُونَ قَدِ ٱقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ } فيهلكوا على الكفر ويصبروا إلى العذاب { فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ } بعد القرآن { يُؤْمِنُونَ } ثمّ بيّن العلّة في إعراضهم عن القرآن وتركهم الإيمان فقال عز من قائل : { مَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَلاَ هَادِيَ } فلا مرشد له { وَيَذَرُهُمْ } قرأ أبو عمرو وأهل الكوفة بالياء ، لأن ذكر الله سبحانه قد مرَّ من قبل . والباقون بالنون ، لأنّه كلام [ مستأنف ] ومن جزم الراء فهو ممدود على يضلل .