Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 94-102)

Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَمَآ أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ } فيه اضمار واختصار يعني فكذبّوه { إِلاَّ أَخَذْنَا } عاقبنا { أَهْلَهَا } حين لم يُؤمنوا { بِٱلْبَأْسَآءِ } يعني بالبؤس الشدّة وضيق العيش { وَٱلضَّرَّآءِ } تعني أضر وهو الحال . وقيل : المرض والزمناء قال : السدي البأساء يعني الفقر والجوع { لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ } لكي يتضرعوا [ فينيبوا ] ويتوبوا { ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ ٱلسَّيِّئَةِ } وهي البأساء والجواب والجوع { ٱلْحَسَنَةَ } يعني النعمة والسعة والرخاء والخصب { حَتَّىٰ عَفَوْاْ } أي كثروا وأثروا وكثرت أموالهم وأولادهم ، قال ابن عباس : ( عفوا ) يعني [ جهدوا ] ، وقال ابن زيد : يعني كثروا كما يكثر النبات والريش . قال قتادة : ( حتّى عفوا ) : سروا بذلك ، وقال مقاتل بن حيان : ( عفوا ) حتى كثروا وتركوا ولم يستكثروا وأصله من الكثرة . وقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : " أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى " . وقال الشاعر : @ يقول من بعد أُولاك أولات أتوا زماناً ليس عندهم بعيد @@ وقال آخر : @ ولكنا نعض السيف منها بأسوق عافيات الشحم كوم @@ { وَّقَالُواْ } من جهلهم وغفلتهم { قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا ٱلضَّرَّآءُ وَٱلسَّرَّآءُ } فنحن مثلنا فقال الله تعالى { فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً } [ فجأة عِبرة لمن بعدهم ] . { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } بنزول العذاب { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ ٱلْقُرَىٰ آمَنُواْ وَٱتَّقَواْ } يعني وحدوا الله وأطاعوه { لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } يعني المطر { وَٱلأَرْضِ } يعني النبات ، وأصل البركة المواضبة على الشيء تقول : برك فلان على فلان إذا [ أجابه ، وبركات الأرض أي ] تابعنا عليهم بالمطر والنبات والخصب ورفعنا الحرث والقحط { وَلَـٰكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُمْ } فجعلنا لهم العقوبات { بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } من الكفر والمعصية والأعمال الخبيثة . { أَفَأَمِنَ أَهْلُ ٱلْقُرَىٰ } الذين كفروا وكذّبوا { أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَآئِمُونَ } آمنون . { أَوَ أَمِنَ أَهْلُ ٱلْقُرَىٰ أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى } نهاراً { وَهُمْ يَلْعَبُونَ } لاهون . { أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ ٱللَّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْخَاسِرُونَ } ومعني ( مكر ) استدراج القوم بما أراهم في دنياهم . قال قتادة : مكر الله استدراجه بطول الصحة وتظاهر النعم ، وقال عطيّة : يعني أخذه وعذابه ، وحكى [ الشبلي ] أنه سئل عن مكر الله فأجاب بقول : @ محبتك لا ببعضي بل بكلي وإن لم يبقَ حبك لي حراكاً ومقبح من موالد ليفع ل سنتي ويفعله فيحسن @@ فقال السائل : اسأله عن آية من كتاب الله ويجيبني من الشعر فعلم الشبلي أنه لم يفطن لما قال ، فقال : يا هذا [ … ] إياهم على ما هم فيه . { أَوَلَمْ يَهْدِ } قرأ أبو عبد الرحمن وقتادة ويعقوب في رواية زيد ( نهد ) بالنون على التعظيم والباقون بالياء على [ التفريد ] { لِلَّذِينَ يَرِثُونَ } يستخلفون في { ٱلأَرْضَ } بعد هلاك آخرين قبلهم كانوا أهلها فساروا بسيرتهم [ … ] ربّهم { أَن لَّوْ نَشَآءُ أَصَبْنَاهُمْ } أهلكناهم { بِذُنُوبِهِمْ } بما أهلكنا من قبلهم { وَنَطْبَعُ } نختم { عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ } الهدى ولا يقبلون الموعظة { تِلْكَ ٱلْقُرَىٰ } هذه القرى التي ذكرت لك وأهلكناهم وهي قرى نوح وعاد وثمود وقوم لوط وشعيب { نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَآئِهَا } نخبرك أخبارها { وَلَقَدْ جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ } [ بالآيات والعلامات والدلالات ] { فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ } اختلف في تأويله . قال أُبي بن كعب : معناه فما كانوا ليؤمنوا عند مجئ الرسل بما سبق في علم الله أنّهم يكذّبون به يوم أقرّوا له بالميثاق حين أخرجهم من صلب آدم . وقال ابن عباس والسدي : يعني فما كان هؤلاء الكفار الذين أهلكناهم ليؤمنوا عند إرسال الرسل بما كذبوا من قبل يوم أخذ ميثاقهم حتّى أخرجهم من ظهر آدم فآمنوا كرهاً وأقروا باللسان وأظهروا التكذيب . وقال مجاهد : معناه فما كانوا لو أحييناهم بعد هلاكهم ورددناهم إلى الدنيا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل هلاكهم كقوله { وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ } [ الأنعام : 28 ] وقال يمان بن رئاب : هذا معنى أنّ كلّ نبي أخذ قومه بالعذاب ما كانوا ليؤمنوا بما كذب به أوائلهم من الأُمم الكفار بل كذّبوا كما كذب نظير قوله { كَذَلِكَ مَآ أَتَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ قَالُواْ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ * أَتَوَاصَوْاْ بِهِ } [ الذاريات : 52 - 53 ] . وقيل : معناه : { وَلَقَدْ جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ } يعني بالمعجزات والعجائب التي سألوهم فما كانوا ليؤمنوا بعد ما رأوا الآيات والعجائب بما كذبوا به من قبل رؤيتهم تلك العجائب نظيره قوله { قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِّن قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُواْ بِهَا كَافِرِينَ } [ المائدة : 102 ] { وَمَا مَنَعَنَآ أَن نُّرْسِلَ بِٱلآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا ٱلأَوَّلُونَ } [ الإسراء : 59 ] . { كَذَلِكَ يَطْبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِ ٱلْكَافِرِينَ } الذين كتب عليهم أن لا يؤمنون من قومك { وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ } يعني وفاء بالعهد ، والعهد الوصية { وَإِن وَجَدْنَآ أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ } أي ما وجدنا أكثرهم إلاّ فاسقين ناقضين العهد .