Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 79, Ayat: 15-46)
Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰ * إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِٱلْوَادِ ٱلْمُقَدَّسِ طُوًى * ٱذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ * فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَىٰ أَن تَزَكَّىٰ } قرأ أهل الحجاز وأيوب ويعقوب بتشديد الزاي أي تتزّكى ومثله روى العباس عن أبي عمرو ، غيرهم بتخفيفه ومعناه تسلّم وتصلح وتطهّر . { وَأَهْدِيَكَ إِلَىٰ رَبِّكَ فَتَخْشَىٰ } أخبرنا ابن فنجويه قال : حدّثنا ابن حبيش قال : أخبرنا ابن زنجويه قال : حدّثنا مسلمة قال : حدّثنا عبد الرزاق قال : أخبرنا ابن التيمي عن عبيد الله بن أبي بكر قال : حدّثني صخر بن جويرية قال : لما بعث الله تعالى موسى ( عليه السلام ) إلى فرعون فقال له : { ٱذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ } إلى { فَتَخْشَىٰ } ولن يفعل . قال موسى ( عليه السلام ) : يا رب وكيف أذهب إليه وقد علمت أنه لن يفعل ؟ فأوحى الله تعالى إليه أن أمضِ إلى من أُمرت به فإن في السماء إثني عشر ألف ملك يطلبون علم القدر فلم يبلغوه ولم يدركوه . { فَأَرَاهُ ٱلآيَةَ ٱلْكُبْرَىٰ } وهي العصا واليد البيضاء . { فَكَذَّبَ وَعَصَىٰ * ثُمَّ أَدْبَرَ } تولى وأعرض عن الإيمان . { يَسْعَىٰ } يعمل بالفساد { فَحَشَرَ } فجمع السحرة وقومه { فَنَادَىٰ * فَقَالَ أَنَاْ رَبُّكُمُ ٱلأَعْلَىٰ } يقول ليس ربّ فوقي ، وقيل : أراد أن الأصنام أرباب وأنا ربّها وربكم ، وقيل : أراد القادة والسادة { فَأَخَذَهُ ٱللَّهُ } فعاقبه الله { نَكَالَ ٱلآخِرَةِ وَٱلأُوْلَىٰ } يعني في الدنيا والآخرة ، الأولى بالغرق وفي الآخرة بالنار ، وقيل : نكال كلمته الأولى وهي قوله سبحانه { مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرِي } [ القصص : 38 ] وكلمته الآخرة هي قوله { أَنَاْ رَبُّكُمُ ٱلأَعْلَىٰ } وكان بينهما أربعون سنة . { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ * أَأَنتُمْ } أيها المنكرون للبعث { أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ ٱلسَّمَآءُ } إن الذي قدر على خلق السماء قادر على أن يحيي الموتى وقوله { لَخَلْقُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ أَكْـبَرُ مِنْ خَلْقِ ٱلنَّاسِ } [ غافر : 57 ] . { بَنَاهَا * رَفَعَ سَمْكَهَا } سقفها ، قال الفراء : كل شيء حمل شيئاً من البناء وغيره فهو سمك وبناء وسموك { فَسَوَّاهَا } بلا شطور ولا فطور { وَأَغْطَشَ } أظلم { لَيْلَهَا } والغطش أشد الظلمة ورجل أغطش أي أعمى { وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا } أبرز وأظهر نهارها ونوره . { وَٱلأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا } اختلفوا في معنى الآية ، فقال ابن عباس : خلق الله سبحانه الأرض بأقواتها من غير أن يدحوها قبل السماء ثم استوى إلى السماء فسوّاهن سبع سموات ، ثم دحا الأرض بعد ذلك أي بسطها ، قال ابن عباس وعبد الله بن عمرو : خلق الله الكعبة ووضعها على الماء على أربعة أركان قبل أن يخلق الدنيا بألفي عام فدحيت الأرض من تحت البيت ، وقيل معناه : والأرض مع ذلك دحاها كما يقال للرجل : أنت أحمق وأنت بعد هذا لئيم الحسب ، أي مع هذا ، قال الله عزّوجل : { عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ } [ القلم : 13 ] أي مع ذلك ، وقال الشاعر : @ فقلت لها عني إليك فإنني حرام وإني بعد ذاك لبيب @@ يعني مع ذلك . ودليل هذا التأويل قراءة مجاهد " وَالأَرْضَ عِنْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا " وقيل بعد بمعنى قبل كقوله سبحانه : { وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي ٱلزَّبُورِ مِن بَعْدِ ٱلذِّكْرِ } [ الأنبياء : 105 ] أي من قبل الذكر وهو القرآن ، وقال الهذلي : حملت الهي بعد عروة إذا نجا خراش وبعض الشراهون من بعض زعموا أن خراشا نجا قبل عروة . وقراءة العامة { وَٱلأَرْضَ } بالنصب ، وقرأ الحسن { وَٱلأَرْضَ } رفعها بالأبتداء الرجوع الهاء وكلا الوجهين سائغان في عائد الذكر ، والدّحو البسط والمدّ ، ومنه أُدحيّ النعامة ؛ لأنها تدحوه بصّدرها ، يقال : دحا يدحوا دحواً ودحا يدحا دحياً لغتان مثل قولهم طغى يطغو أو يطغي وصغا يصغو ويصغي ، ومحا يمحو ويمحي ولحي العود يلحوا أو يلحيّ ، فمن قال : يدحو قال دحوت ، ومن قال يدحا قال : دحيتُ . { أَخْرَجَ مِنْهَا مَآءَهَا وَمَرْعَاهَا } قال القتيبي : أنظر كيف دلّ بشيئين على جميع ما أخرجه من الأرض قوتاً ومتاعاً للأنعام من العشب والشجر والحبّ والتمر والعصف والحطب واللباس والنار والملح ، لأنّ النار من العيدان والملح من الماء . { وَٱلْجِبَالَ أَرْسَاهَا } قراءة العامة بالنصب وقرأ عمرو بن عبيد بالرفع . { مَتَاعاً لَّكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ * فَإِذَا جَآءَتِ ٱلطَّآمَّةُ ٱلْكُبْرَىٰ } وهي القيامة سميت بذلك ؛ لأنها تطمُ على كلّ هائلة من الأمور فتغمر ما سواها بعظم هولها ؛ أي يغلب ، والطامة عند العرب الناهية التي لا تُستطاع ، وإنّما أخرت من قولهم ظمّ الفرس طميمها إذا استفرغ جهده الجري . أخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا ابن حبيش قال : حدّثنا محمد بن عمران قال : حدّثنا هناد ابن السهى قال : حدّثنا أبو أسامة عن ملك بن مغول عن القاسم الهمداني { فَإِذَا جَآءَتِ ٱلطَّآمَّةُ ٱلْكُبْرَىٰ } قال الحسن : يسوق أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار . { يَوْمَ يَتَذَكَّرُ ٱلإِنسَانُ مَا سَعَىٰ } عمل في الدنيا من خير أو شر { وَبُرِّزَتِ ٱلْجَحِيمُ لِمَن يَرَىٰ * فَأَمَّا مَن طَغَىٰ * وَآثَرَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا * فَإِنَّ ٱلْجَحِيمَ هِيَ ٱلْمَأْوَىٰ * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى ٱلنَّفْسَ عَنِ ٱلْهَوَىٰ * فَإِنَّ ٱلْجَنَّةَ هِيَ ٱلْمَأْوَىٰ * يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا } متى ظهورها وثبوتها { فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا * إِلَىٰ رَبِّكَ مُنتَهَاهَآ } علمها عند الله ولست من علمها في شيء قالت عائشة : لم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الساعة ويسأل عنها حتى نزلت هذه الآيات . { إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا } قراءة العامة بالإضافة وقرأ أبو جعفر وابن محيض منذر بالتنوين ، ومثله روى العباس عن أبي عمرو . { كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوۤاْ } في الدنيا قيل : في قبورهم ، { إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا } قال الفراء : ليس للغاشية ضحى إنّما الضحى لصدر النهار ولكن هذا ظاهر من كلام العرب أن تقولوا أتتك العشية أو عداتها إنما معناه آخر يوم أو أوّله قال وأنشد بعض بني عقيل : @ نحن صبّحنا عامرا في دارها جردا تعاطى طرفي نهارها عشية الهلال أو سرارها . @@ بمعني عشية الهلال أو عشية سرار العشية .