Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 80, Ayat: 33-42)
Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَإِذَا جَآءَتِ ٱلصَّآخَّةُ } يعني صيحة القيامة ، سمّيت بذلك لأنها تصخّ الأسماع أي تبالغ في إسماعها حتى كاد تصمّها . { يَوْمَ يَفِرُّ ٱلْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَٰحِبَتِهِ وَبَنِيهِ } لا يلتفت إلى واحد منهم لشغله بنفسه وقيل : حذراً من مطالبتهم إيّاه لما بينه وبينهم من التبعاتّ والمظالم ، وقيل : لعلمه بأنهم لا ينفعونه ولا يغنون عنه من الله شيئاً . سمعت السلمي يقول : سمعت منصور بن عبد الله يقول : سمعت عبد الله بن طاهر الأبهري يقول في هذه الآية : يفر منهم إذا ظهر له عجزهم وقلّة حيلتهم إلى مَنْ يملك كشف تلك الكروب والهموم عنه ولو ظهر له ذلك في الدنيا لما اعتمد سوى ربّه الذي لا يعجزه شيء ، ويمكن من فسحة التوكّل واستراح في ظل التفويض . وأخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا مخلّد قال : حدّثنا ابن علوية قال : حدّثنا إسماعيل بن عيسى قال : حدّثنا إسحق بن بشر قال : أخبرني شيخ لنا عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن قال : أول من يفر يوم القيامة من أبيه إبراهيم وأول من يفر من أمه إبراهيم وأول من يفر من إبنه نوح ، وأول من يفر من أخيه هابيل بن آدم ، وأول من يفر من صاحبته نوح ثم لوط ، ثم تلا هذه الآية { يَوْمَ يَفِرُّ ٱلْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ } وقال يروون أن هذه الآية نزلت فيهم . وأخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن عبدوس قال : أخبرنا أبو بكر بن محمد بن حمدون بن خالد قال : حدّثنا أبو حنيفة محمد بن عمرو قال : حدّثنا أبي قال : حدّثنا خليد بن دعلج عن قتادة في قول الله سبحانه { يَوْمَ يَفِرُّ ٱلْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ } قال : يفرّ هابيل من قابيل وأمه وأبيه ، قال : يفر النبي صلى الله عليه وسلم من أمه وإبراهيم من أبيه وصاحبته وبنيه ، قال : لوط من صاحبته ونوح من ابنه . { لِكُلِّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ } يشغله عن شأن غيره قال خفاف : @ ستغنيك حرب بني مالك عن الفحش والجهل في المحفل @@ قال الفراء : وقرأ بعض القراء وهو ابن محيض ( بعينه ) وهو شاذ . أخبرني الحسين قال : حدّثنا عبد الله بن عبد الرحمن قال : حدّثنا محمد بن عبد العزيز قال : حدّثنا ابن أبي أوس قال : حدّثنا أبي عن محمد بن عياش عن عطاء بن بشار " عن سودة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يُبعث الناس حفاة عراة عزلا قد ألجمهم العرق ، وبلغ شحوم الآذان " . فقلت يا رسول الله واسوأتاه ينظر بعضنا إلى بعض ؟ فقال : " قد شُغل الناسُ { لِكُلِّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ } " . { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ } مشرقة مضيئة ، يقال : أسفر الصبح إذا أضاء { ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ } فرحة . أخبرنا الحسين قال : حدّثنا أبو علي الحسين بن أحمد الفامي قال : حدّثنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار قال : حدّثنا يحيى بن معين قال : أخبرنا إسحاق بن الأشعث عن شمر بن عطية عن عطاء في قول الله سبحانه : { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ } قال : من طول ما اغبرت في سبيل الله . { وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ } غُبار ، ذكر أن البهائم التي يصيّرها الله سبحانه تراباً بعد القضاء بينها حُوِّلَ ذلك التراب في وجوه الكفرة { تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ } ظلمة وكآبة وكسوف وسواد ، قال ابن عباس : يغشاها ذلّة ، قال ابن زيد : الفرق بين الغبرة والقترة أن القترة ما ارتفع من الغبار فلحق بالسماء ، والغبرة ما كان أسفل في الأرض { أُوْلَـٰئِكَ } الذين يصنع بهم هذا { هُمُ ٱلْكَفَرَةُ ٱلْفَجَرَةُ } .