Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 86, Ayat: 5-17)

Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَلْيَنظُرِ ٱلإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ } أي من أي شيء خلقه ربُّه ، ثم بيّن جل ثناؤه فقال سبحانه وتعالى : { خُلِقَ مِن مَّآءٍ دَافِقٍ } أي مدفوق مصبوب في الرحم وهو المني ، فاعل بمعنى مفعول كقولهم سرُّ كاتم ، وليلٌ نائم ، وهمّ ناصب ، وعيشةٌ راضية ، قال الفراء : أعان على ذلك أنها رؤوس الآيات التي معّهن . والدفق : الصب ، تقول العرب للموج إذا علا وانحط : تدفق واندفق وأراد من مائين : ماء الرجل وماء المرأة ؛ لأن الولد مخلوق منهما ، ولكنه جعله ماء واحداً لامتزاجهما . { يَخْرُجُ مِن بَيْنِ ٱلصُّلْبِ وَٱلتَّرَآئِبِ } يعني صلب الرجل وترائب المرأة ، واختلفوا في الترائب ، فقال ابن عباس : موضع القلادة ، الوالي عنه : بين ثدي المرأة ، وعن العوفي عنه : يعني بالترائب اليدين والرجلين والعينين ، وبه الضحاك ، وعن ابن عليّة عن أبي رجاء قال : سئل عكرمة عن الترائب فقال : هذه ووضع يده على صدره بين ثدييه . سعيد بن جبير : الجيد . ابن زيد : الصدر . مجاهد : ما بين المنكبين والصدر . سفيان : فوق الثديين . يمان : أسفل من التراقي . قتادة : النحر . جعفر بن سعيد : الأضلاع التي أسفل الصلب . ليث عن معمر بن أبي حبيبة المدني قال : عصارة القلب ، ومنه يكون الولد ، والمشهور من كلام العرب أنهما عظام النحر والصدر ، وواحدتها تربية . قال الشاعر : @ وبدت كان ترائبا نحرها جمر الغضا في ساعة يتوقّد @@ وقال آخر : @ والزعفران على ترائبها شرق به اللَّبات والصدر @@ وقال المثقب العبدي : @ ومن ذهب يسن على تريب كلون العاج ليس بذي غضون @@ { إِنَّهُ عَلَىٰ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ } قال قتادة : إنّ الله سبحانه على بعث الإنسان واعادته بعد الموت قادر ، وقال عكرمة : إن الله سبحانه على ردِّ الماء إلى الصلب الذي خرج منه لقادر ، وعن مجاهد : على ردِّ النطفة في الإحليل ، وعن الضحاك : إنه على ردِّ الإنسان ماء كما كان قبل لقادر ، مقاتل بن حيان عنه : يقول : إنّ شئت ردرته من الكبر إلى الشباب ومن الشباب إلى الصبى ، ومن الصبى إلى النطفة ، وعن ابن زيد : أنه على حبس ذلك الماء لقادر حتى لا يخرج . وأولى الأقاويل : بالصواب تأويل قتادة لقوله تعالى : { يَوْمَ تُبْلَىٰ ٱلسَّرَآئِرُ } أي تظهر الخفايا ، وقال قتادة ومقاتل وسعيد بن جبير عن عطاء بن أبي رباح : السرائر : فرائض الأعمال كالصّوم والصلاة والوضوء وغسل الجنابة ، ولو شاء العبد أن يقول قد صمت وليس بصائم وقد صلّيت ولم يصلّ وقد أغتسلت ولم يغتسل لفعل . أخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا طلحة وابن البواب قال : حدّثنا أبو بكر بن مجاهد قال : حدّثنا إسماعيل عن عبد الله بن إسماعيل عن ابن زيد { يَوْمَ تُبْلَىٰ ٱلسَّرَآئِرُ } قال : السرائر : الصلاة والصيام وغسل الجنابة ، ودليل هذا التأويل ما أخبرنا الحسين قال : حدّثنا أحمد بن محمد بن إسحاق قال : أخبرني عروبة قال : حدّثنا هاشم بن القاسم الحراني قال : حدّثنا عبد الله بن وهب عن يحيى بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن الجبلي عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ثلاث من حافظ عليها فهو وليّ الله حقاً ، ومن اختانهن فهو عدو الله حقاً ، الصلاة والصوم والغسل من الجنابة " . { فَمَا لَهُ } : يعني الإنسان الكافر { مِن قُوَّةٍ } تمنعه { وَلاَ نَاصِرٍ } : ينصره { وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلرَّجْعِ } أي ترجع بالغيث وأرزاق العباد كلّ عام ، لولا ذلك لهلكوا وهلكت معايشهم ، وقال ابن عباس : هو السحاب فيه المطر . وأخبرنا ابن عبدوس قال : أخبرنا ابن محفوظ قال : حدّثنا عبد الله بن هاشم قال : حدّثنا عبد الرحمن بن مهدي عن خصيف عن عكرمة عن ابن عباس { وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلرَّجْعِ } قال : ذات المطر . { وَٱلأَرْضِ ذَاتِ ٱلصَّدْعِ } قال : النبات ، وقال أبو عبيدة : الرجع الماء ، وأنشد المنحل الهذلي في صفة السيف : @ أبيض كالرجع رسوب إذا ما ثاج في محتفل يختلي @@ وقال ابن زيد : يعني بالرجع ان شمسها وقمرها يغيب ويطلع { وَٱلأَرْضِ ذَاتِ ٱلصَّدْعِ } ، أي ينصدع عن النبات والأشجار والثمار والأنهار ، نظيره قوله سبحانه { شَقَقْنَا ٱلأَرْضَ شَقّاً * فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبّاً * وَعِنَباً وَقَضْباً } [ عبس : 26 - 28 ] إلى آخرها ، وقال مجاهد : هما السدّان بينهما طريق نافذ مثل [ ماري ] عرفة . { إِنَّهُ } : يعني القرآن { لَقَوْلٌ فَصْلٌ } : حق وجد وجزل يفصل بين الحق والباطل . { وَمَا هوَ بِٱلْهَزْلِ } : باللعب والباطل . { إِنَّهُمْ } : يعني مشركي مكّة . { يَكِيدُونَ كَيْداً } { وَأَكِيدُ كَيْداً } : وأريد بهم أمراً . { فَمَهِّلِ ٱلْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً } : قليلا فأخذوا يوم بدر .