Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 80-80)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وكأن المسافة بين نطق فرعون بالأمر وبين تنفيذ الأمر هي أضيق مسافة وقتية ، وذلك حتى نفهم أن أمر صاحب السلطان لا يحتمل من الناس التأجيل أو التباطؤ في التنفيذ . والقرآن حينما يعالج أمراً من الأمور فهو يعطي صورة دقيقة للواقع ، ولا يأتي بأشياء تفسد الصورة . يقول الحق سبحانه : { فَلَمَّا جَآءَ ٱلسَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُّوسَىٰ أَلْقُواْ مَآ أَنتُمْ مُّلْقُونَ } [ يونس : 80 ] . وفي هذه الآية تلخيص للموقف كله ، فحين علم السحرة أن فرعون يحتاجهم في ورطة تتعلق بالحكم ، فهذه مسألة صعبة وقاسية ، وعليهم أن يسرعوا إليه . ولم يأت الحق سبحانه هنا بالتفصيل الكامل لذلك الموقف لأن القصة تأتي بنقاطها المختلفة في مواضع أخرى من القرآن ، وكل آية توضح النقطة التي تأتي بذكرها . لذلك لم يقل الحق سبحانه هنا : إن أعوان فرعون نادوا في المدائن ليأتي السحرة ، مثلما جاء في مواضع أخرى من القرآن . ولم يقل لنا إن السحرة أرادوا أن يستفيدوا من هذه المسألة ، وقالوا للفرعون : { … إِنَّ لَنَا لأَجْراً إِن كُنَّا نَحْنُ ٱلْغَالِبِينَ } [ الأعراف : 113 ] . ووَضْع مثل هذا الشرط يوضح لنا طبيعة العلاقات في ذلك المجتمع ، فطلبهم للأجر ، يعني أن عملهم مع الفرعون من قبل ذلك كان تسخيراً وبدون أجر ، ولما جاءتهم الفرصة ورأوا الفرعون في أزمة طالبوا بالأجر . ووعدهم فرعون بالأجر ، وكذلك وعدهم أن يكونوا مقرَّبين لأنهم لو انتصروا بالسحر على معجزة موسى ففي ذلك العمل محافظة وصيانة للمُلْك ، ولا بد أن يصبحوا من البطانة المستفيدة ، ووعدهم الفرعون بذلك شحذاً لهمتهم ليبادروا بإبطال معجزة موسى ليستقر عرش الفرعون . وشاء الحق سبحانه الإجمال هنا في هذه الآية - التي نحن بصدد خواطرنا عنها - وجاء ببقية اللقطات في المواضع الأخرى من القرآن . وهنا يقول الحق سبحانه : { فَلَمَّا جَآءَ ٱلسَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُّوسَىٰ أَلْقُواْ مَآ أَنتُمْ مُّلْقُونَ } [ يونس : 80 ] . وألقى السحرة عِصيَّهم وحبالهم . ويقول الحق سبحانه وتعالى بعد ذلك : { فَلَمَّآ أَلْقُواْ قَالَ مُوسَىٰ مَا جِئْتُمْ بِهِ ٱلسِّحْرُ … } .